جاءتني والدموع تملأ عينيها تشكو لي نصيب ابنتها الجميلة التي مال بختها بزيجة فاشلة، تصورت أنها تنقذ ابنتها الجميلة من الفقر وتحميها من المرض وتقيها من فساد حالها، ولكن للأسف خاب ظنها وجلست تحكي لي قصتها بالتفصيل: لا يهم كام عمرها الآن، هي من أجمل بنات الكون شعرها اسود بلون الليل وعيونها كحلها حزن السنين وصبرها طويل عاشت سنوات طويلة تحلم بالحرية وكانت تحصل عليها بعد فقدان العزيز والغالي ولكن صبرها نفده تلال الحقد والطمع في جمالها وثرائها الذي تحدت به بنات الكون، عانت سنوات طويلة من الهوان ولم تجد من يستطيع دفع مهرها الغالي، وذات يوم جاء لها عريس حر أصيل من دمها، طرد كل المستغلين في حقها وحررها من العبودية والقهر والذل والهوان، غسلت شعرها بماء نهرها وأنجبت أولاد أو بنات في مثل جمالها، أحرار، ثوار، لا يخشون من أي اقتحام يهدد أمن أمهم، لكن الطامعين لم يهدأ لهم بال ولم يهنأوا بسعادتها وأخذوا يدبرون المصائب ويحيكون المكائد من حولها، وكان رب العزة يحميها وينقذها من أيديهم لأن اولادها الاحرار صانوا كرامتها طول عمرها، ثم جاء شاب أسمر آخر وطلب يدها ومستعد لدفع مهرها، رد أبوها وقال: لا يهمني المال كل ما يهمني ان تقدر ابنتي وتعرف قيمتها ولا تعرضها للذل أو الهوان فأبنتي أغلي من روحي ولو مستها بضر لن يكفيني في حمايتها عمرك ومركزك، فهي عندي أغلي من نفسي، وعاشت تحت سقف سمائها وأرضها الطيبة، جابت الدنيا بسحرها ودلالها وكان كل المحيطين من حولها يتمنون رضاها والوقوف بجوارها، ولكنه لم يستطع حمايتها وفتح صدرها للسداح والمداح، هانت عليه فقتلته يده التي صنعها، وكان هناك من يتربص بها وأوهمنا انه الامير المتوج الذي يستطيع أن يعوضها سنوات النهب والسلب وفتح ابواب حياتها علي مصراعيها و بعد طول سنين ظهرت انيابه التي غرسها في أعماق قلبها الحزين، لم يحتمل اولادها الشبعانين من حبها وحنانها وعطفها قاموا بثورة ضد استغلالها المهين وفرح قلبي لعودة ابنتي بالسلامة الي بيتها وأولادها الشقيانين، لكن السعادة لا تدوم كما تقول امثالنا الشعبية رجعت لي ابتتي مرة ثانية وألقت برأسها الجميل فوق صدري تبكي ميلة بختها وحظها من غدر السنين، وأخذت تبكي المرأة المسكينة علي حظ ابنتها الجميلة بكاء مرا أذهلني حزنها الكبير وقلت لها: ان ابنتك جميلة ونصيبها مستنيها ولم يأت بعد عريسها الذي يستحقها لا تبكي سيدتي، ولا تخشي علي ابنتك بمن يتربص بها فهي دائما صابرة ومن يصبر ينل الخير.. والخير قريب ان شاء الله، وأولاد الحلال كثر وربنا لن ينسي ابنتك الجميلة التي ضربت المثل في الصبر.