بعيدا عن حكاية سحل المواطن حمادة صابر علي يد رجال الشرطة - فهذا امر ليس غريبا علي بعض رجال الداخلية وعقيدتها - وبعيدا عن انتماء المواطن المسحول للفلول او الثوار او للاخوان ، وبعيدا عن تغيير المواطن المسحول لرأيه وشكره لرجال الداخلية واتهامه للثوار ثم شكره للثوار واتهامه للداخلية.. فإن ما خرجت به من مشهد حمادة صابر وسحله وتجريده من ملابسه أمام العالم كله هو موقف ابنته »راندا« واعلانها الحقيقة والثبات عليها منذ اول حتي اخر لحظة. انه الفرق بين جيلين مختلفين! اما جيل الاب فقد عاش مقهوراً اكثر من ثلاثين عاما في زمن الرداءة فلم يسمع يوما عن العزة والكرامة والشجاعة ولم يجد رئيسا يعلمه المعني وانما وجد رئيسا يعلمه الفهلوة والسرقة ورئيسا اخر يعلمه النهب والذل والهوان بينما رجال الاعمال يسرقون قوته وبلده كله وكل المطلوب منه ان يعيش حياة النمل ليس بجوار الحيط وإنما بداخل الحيط ! واما جيل الابنة فقد انفتح علي الدنيا وشاهدها وهو يجلس في مكانه وتواصل مع العالم كله سمع منهم واستمعوا له وتعلم منهم ما لم يتعلمه في كتب مدرسية سقيمة عقيمة صيغت بدهاء لتخرج لنا في النهاية أميين بدرجة امتياز.. فرفض هذا الجيل كل هذا العبث وقرر الثورة عليه حتي لو كانت حياته هي الثمن.. هذا هو الفرق بين حمادة صابر وابنته راندا .. الغريب ان جيل الابنة يؤكد في كل لحظة انه جيل لن يركع ولن يستسلم أبدا.. وهذا ما لا يدركه الكثيرون في مصر.. اطلقوا عليهم بلطجية ، شوهوا صورتهم ، اغتالوهم بدم بارد في الشوارع ، القوا القبض عليهم وعذبوهم ، قالوا عن البنات ما يمس شرفهن وتحرشوا بهن ، وقالوا عن الاولاد انهم مدمنو مخدرات ومتعاطو ترامادول.. ولم يغير كل ذلك شيئا فيهم بل زادهم اصرارا علي مواصلة طريقهم نحو الحرية. والاغرب ان هذا الجيل لا يرفع في مظاهراته واعتراضاته غير صورة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر كرمز للعزة والكرامة وهي الرسالة التي يريدون توصيلها وهو ما دفع جريدة الجارديان البريطانية لان تقول في تحليلها عن الاوضاع في الشارع المصري انها المعركة لمصر الناصرية واحفاد ناصر يقاتلون فيها بشراسة ورغم اختلافي مع هذا التحليل واعتقادي ان رفع صور عبد الناصر مجرد رمز لكرامة وعزة هذا الجيل لان معظمهم ليسوا ناصريين الا ان الشيء الوحيد المؤكد ان هذا الجيل هو الافضل وهوالمستقبل المشرق لهذه الامة وانه سينتصر بإذن الله شاء من شاء وابي من ابي.