رئيس مجلس ادارة ورئيس تحرير وكالة انباء الشرق الاوسط في مثل هذه الايام من كل عام نحتفل بذكري عزيزة وغالية علي قلوبنا جميعا وهي ذكري انتصارات حرب اكتوبر المجيدة التي استطاع خلالها المقاتل المصري ان يقهر الصعاب ويمحو عار الهزيمة ويحقق اول نصر عسكري علي العدو الاسرائيلي يوم السادس من اكتوبر عام 1973.. كانت ملحمة عبور قناة السويس وتدمير خط بارليف ورفع العلم المصري علي الضفة الشرقية لقناة السويس بدلا من العلم الذي كان يرفرف علي الضفة منذ عام 67 عام النكسة وظل مرفوعا علي مدي ست سنوات رمزا للمهانة التي كان يشعر بها كل مقاتل علي امتداد خط الجبهة وهو يري العلم الاسرائيلي ومن خلفه جنود اسرائيليون مدججون بالسلاح يتحركون في خيلاء وكأنهم قوة لا تقهر ولا يستطيع المقاتل المصري الاقتراب منهم او حتي اطلاق النار عليهم بعد قبول مصر لمبادرة وزير الخارجية الامريكي في ذلك الوقت وليام روجرز والتي اطلقها في اعقاب نكسة 67 واضطرت مصر لقبولها وتوقف اطلاق النار علي الجبهة المصرية واعتقد الاسرائيليون ان المصريين استسلموا للهزيمة ولكن المواطن المصري الذي لا يعرف اليأس او الهزيمة ويضحي بكل غال ونفيس من اجل استرداد الكرامة والثأر للهزيمة الغادرة استمر يعمل في صمت ويتحمل المشاق ويصل الليل بالنهار وكأنه في سباق مع الزمن حتي يأتي اليوم المشهود الذي يستطيع ان يقتحم فيه هذه التلال علي الشاطيء الشرقي للقناة ويطهر الارض ويحررها من الاحتلال ويرفع العلم المصري ليعود خفاقا الي مكانه الطبيعي علي ارض سيناء الحبيبة.. كانت حرب أكتوبر 73 ملحمة بطولية حقيقية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان.. كانت ملحمة في الاعداد والتخطيط والخداع والتنفيذ والعزيمة القوية التي لا تعرف المستحيل فكان العبور العظيم لمانع مائي صعب هو قناة السويس واقتحام للنقاط الحصينة التي اقامها العدو الاسرائيلي.. كانت المعاناة علي خط النار صعبة للغاية والحياة اقسي مما يتصور الانسان ولكن جنود مصر وهم خير أجناد الارض تحملوا هذه المصاعب انتظارا للحظة تنطلق فيها المدافع تدك حصون العدو ليقفزوا الي الضفة الشرقية للقناة ويقتحموا الصعاب ليحققوا النصر المؤزر وهذا ما حدث في ذلك اليوم التاريخي في حياة مصر والمصريين.. انطلقت الطائرات من مخابئها من عدة قواعد عسكرية متباعدة في انحاء الجمهورية لتعبر قناة السويس علي ارتفاعات منخفضة حتي لا يكتشفها رادار العدو وتصل الطائرات المصرية الي اهدافها في عمق سيناء لتقصف مراكز القيادة والاعاقة والشوشرة التي اقامها العدو في مناطق ام خشيب والمضايق لتشل حركته وتنقطع الاتصالات بين هذه المراكز وباقي المناطق العسكرية والمواقع المتقدمة حتي قناة السويس في الوقت الذي انطلقت فيه دانات المدفعية الثقيلة تدك هذه المواقع وارتفعت صيحات الجنود وهم يعبرون قناة السويس في قوارب مطاطية.. الله أكبر.. الله أكبر.. وقفز بعض الجنود في مياه القناة ليعبروا سباحة الي الضفة الشرقية.. فلا وقت لديهم للانتطار بعدما طال الانتظار لاكثر من ست سنوات حتي حانت اللحظة الحاسمة.. سيظل نصر اكتوبر العظيم ماثلا في ضمير الامة مهما طال الزمن.. فهو النصر الحقيقي الذي كشف معدن المقاتل المصري والقائد المصري الذي تحمل المصاعب وواجه المخاطر وكانت مصر دائما حاضرة في ضميره وقلبه وعقله يضحي بكل شيء من اجل رفعتها وعزتها.. ولابد ان نذكر في هذه المناسبة الغالية بكل الاعزاز والتقدير الرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار الحرب والسلام الذي ضحي بحياته من أجل مصر وجاء الرئيس حسني مبارك الذي قاد القوات الجوية في هذه الحرب الرائعة وخطط ونفذ لضربة جوية ساحقة ماحقة في الدقائق الاولي لهذه الحرب وفتحت باب النصر امام باقي القوات.. جاء مبارك احد ابطال النصر وصناعه ليقود البلاد في مرحلة حساسة وحاسمة ويواصل مسيرة السلام حتي تحرر آخر شبر من الارض المصرية ويواصل نضاله ومسيرته من اجل مصر ومن اجل القضية الفلسطينية التي ستظل محور الصرار في المنطقة حتي تتحرر باقي الاراضي المحتلة ونري الدولة الفلسطينية يرفرف عليها علم فلسطين ويعم السلام.. ونذكر بالاجلال والاكبار جميع الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من اجل مصر ونحسبهم عند الله في جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.