ابهر المصريون العالم بثورة بيضاء استطاعت في 81 يوما أن تهدم دولة فساد عمرها 03 عاما وطدت أركانها بالغش والفساد..تمكن المصريون أن يقيموا مدينتهم الفاضلة في الميدان واختفت كل القيم السلبية واستعاد المصريون سماحتهم.. الكل يعمل لصالح الكل. تعاظمت قيم التضحية والفداء لم يبخل الثوار حتي بارواحهم من أجل مستقبل أفضل تخلصت مصر يناير من امراض اجتماعية نهشت قيم واخلاق شعبها مثل التعصب وحب الذات والرشوة.. وما أن انتهت ايام الحلم الثوري حتي انفجرت براكين التناقضات من جديد، فالشعب الذي هب وانتفض للقضاء علي التوريث عاد لينظم الوقفات الاحتجاجية من أجل تعيين ابنائه في نفس المؤسسات التي يعملون بها نقشت من جديد قيم الانانية واسأنا استخدام الحرية وقطعنا الخيط الرفيع بينهما وبين الفوضي ليكون الحصاد النهائي بعد مرور عامين علي الثورة ان اخلاق المصريين محلك سر.. وأننا لم نتغير!! »لم نتغير« كان عنوانا لمقال الكاتب الصحفي سليمان قناوي رئيس تحرير »أخبار اليوم« الأسبوع الماضي والذي جسد من خلاله كل الامراض الاجتماعية التي لم نشف منها، رغم التغييرات التي احدثتها الثورة كيف نتغير؟.. وكيف نعالج المجتمع المصري من امراض استوطنته علي مدي عقود طويلة؟.. وهل التغييرات الايجابية التي طرات علي سلوكياتنا خلال ثورة يناير تغييرات وقتية وانتهت بسقوط النظام السابق؟! القي المفكرون والسياسيون والكتاب بمسئولية عدم حدوث تغيير جذري في سلوكيات المصريين وعودة بعضهم لممارسة السلوكيات السلبية التي كان يمارسها قبل الثورة علي الدولة التي ساهمت باستمرار البيئة الخصبة لانتشار الفساد، بسبب التفاوت الرهيب في الاجور والارتفاع الجنوني في الاسعار، وعدم توفير مشروع قومي يلتف حوله المصريون يسهم في القضاء علي شبح البطالة. وأكدوا أن تحقيق العدالة الاجتماعية أحد أهم وابرز مطالب ثورة يناير يعيد للمصريين أخلاقهم الحقيقية وسلوكياتهم الايجابية تري الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد عضو الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية أن الفكرة ليست مجرد سلوكيات سيئة، ولكنه التخريب الذي حدث للشخصية المصرية طوال أكثر من 03 عاما، وكان لذلك مردود في إحباط المصريين، كما أنهم مازالوا يمارسون نفس السياسات والاخلاقيات لأنهم لم يشاهدوا عقاب أي مخطيء بل بالعكس تم تبرئة كل من ارتكب جرائم في حق الشعب.. فمن أين يشعرون بالامان علي حقوقهم في ظل عدم وجود عقوبات صارمة علي المخطئين ولم نر محاسبة أي فاسد؟ وتتساءل سكينة فؤاد: لماذا يشغل بال الجميع استمرار الفساد في الوقت الذي تستمر فيه قيادات الفساد حرة طليقة؟.. وتقول: منذ عقود طويلة والشعب يطالب بوضع حد أقصي وأدني للدخول، ولم يحدث في الأمر شيء.. والمصريون لم يشاهدوا أي دلائل علي تحقيق اولويات العدالة الاجتماعية، فمازالت هناك فروق فلكية بين العاملين في المؤسسات المختلفة وهناك من يتقاضي ألآفا مؤلفة، ومن لا يتجاوز بضع مئات.. مازالت لا توجد أية مؤشرات تتم عن تطبيق العدالة الاجتماعية التي تعالج مأساة تناقض الدخول في مصر.. فضلا عن أنه إذا لجأت النخبة الحاكمة إلي تفعيل القوانين بشكل صحيح لن نجد المطالب الفئوية والموظفون يطالبون بتعيين أبنائهم داخل المؤسسات التي يعملون بها، لانهم مازالوا يجدون أن كبار المسئولين يعينون انباءهم واقاربهم، فالاصلاح ومقاومة الفساد لا تمطره السماء، ولكن الفاصل هو تطبيق الاجراءات التي تشعر المواطن أنه داخل دولة القانون علي الكبير قبل الصغير، فليس هناك »ولاد البطة البيضا وولاد البطة السودة« وتستطرد سكينة فؤاد: أين المليارات التي نهبت من المصريين؟.. أين اختيارات القيادات من خلال الكفاءة وليس أهل الثقة؟.. أين هيبة القيادة واحترامها وامتلاكها كفاءة القيادة؟.. هل تحقق كل هذا بالطبع؟.. لا.. فلماذا تحاسبون الشعب؟ وعلينا احترام الشخصية المصرية وأن نوفر لها الآليات الصحيحة التي توفر للشعوب التي تقدمت ونجحت.. ومن المهم أن تقوم وسائل الإعلام بعرض وكشف الانجازات التي تنفذها الحكومة وأن تنتقد بموضوعية فلا نريد أن نكرر مأساة النفاق كما يجب الا تكون منظومة الإعلام هدفها الهدم والاساءة وعدم التمييز حتي لا تساعد علي تفجير الغضب الجماهيري المبرر وغير المبرر وأكدت علي ضرورة ان تشهد الفترة القادمة مصالحة وطنية بين جميع القوي الوطنية، وبمشاركة أكفأ العناصر لأن مصر تمتلك الكفاءات النادرة القادرة علي عبور تلك الازمة الفوضي وعدم الاحترام ويقول المستشار الدكتور محمد صلاح أبو رجب بمجلس الدولة والخبير في القانون الجنائي الدولي: الضمير يئن لما وصل إليه الحال الآن في مصر، فحينما قامت الثورة وسقط النظام ساد التفاؤل لدي الجميع ببناء مصر الجديدة، مصر الحرية والعدالة، ولكن سرعان ما تسرب اليأس إلينا بعد أن فقد معظمنا الأمان الذي لم نشعر به كنعمة من الله، افتقدنا لغة الحوار الراقي بين كافة فصائل المجتمع واستمر انتشار الكثير من السلبيات التي كانت موجودة قبل الثورة، أصبحنا نعيش الفوضي في كل شيء، فعدم الاحترام أصبح السمة السائدة علي كافة المستويات ويري المستشار صلاح ابو رجب أن الخلاص من هذه الحالة الفوضوية أن نسعي لاقامة دولة سيادة القانون دون أن يكون هناك تكالب علي السلطة ولا أبريء في هذا المقام أحدا من المسئولية فالكل مسئول، ولابد من تطبيق القانون وتعزيز ثقافة المسئولية لأنها الخطوة الأولي في طريق الحرية، مسئولية من يتقلد منصبا قبل المواطن العادي، فيجب مساءلة كل مسئول تخول له نفسه ارتكاب أي جرم بحق هذا الوطن أو بحق أبنائه، ويجب مساءلة المتفرغين لإهلاك الوطن والذين تركوا حياتهم وعملهم وتفرغوا لتدميره والقضاء علي الأخضر واليابس، وعدم ترك بارقة أمل لمورد أو اصلاح؛ وبث الخراب وافشاء العداوات ونشر الظلام وتضيف النائبة السابقة مارجريت عازر أمين عام مساعد حزب الوفد: النخب هي المسئولة عن كم الفساد الذي انتشر بعد الثورة مشيرة إلي أن النخبة اهتمت بالمصالح الشخصية علي حساب مصلحة الوطن.. وللأسف تدهورت الأحوال وما عدنا نتقدم خطوة واحدة لأنه لا توجد استراتيجية واضحة لبناء الوطن، فالقرارات متخبطة بل وتأتي كثيرا في عكس مصلحة المواطن وبدون دراسات سابقة ومثال واضح علي ذلك قرار غلق المحلات الذي افتقر إلي أية دراسة كما أنه توجد قرارات تستجيب فقط لرأي الشارع دون مراعاة المصلحة الحقيقية للنهوض بمصر والتفاوت الرهيب في المرتبات والاجور ساهم في انتشار الرشاوي من جانب الموظفين خاصة في ظل الغلاء الفاحش .. وليس معني ذلك الاتجاه للرشوة وليس مبرر لها، ولكن الدولة عليها واجبات ومسئوليات تجاه الشعب ويجب الا تعطي البيئة الخصبة للفساد مؤكدة أن الاصلاح الحقيقي يأتي من طريقة اتخاذ القرار والالتفاف حول مشروع قومي حقيقي يجمع كل المصريين وألا نتشتت في مشكلات فرعية بعيدا عن مصلحة الوطن، كما أن الحكومة يجب أن تفعل من أجهزة الرقابة للقضاء نهائيا علي جذور الفساد في كل ربوع مصر ثمار الثورة ويؤكد الدكتور محمود حسين أمين عام جماعة الإخوان المسلمين أننا جميعا لابد ان نتمسك بالقيم والاخلاقيات.. ويقول للأسف الشديد انتشرت قيم السلبية والفردية والسلوكيات الفاسدة لدي البعض وأصبحنا كثيرا ما نري التخوين هو اللغة السائدة بين الجميع.. وكلي ثقة في أن الثورة ستؤتي ثمارها وتطهر مصر من الفساد والمفسدين لأن هذه الثورة رعاها الله سبحانه وتعالي منذ بدايتها ولكن لابد أن نأخذ بالأسباب ونعمل كل جهودنا للوصول بمصر إلي بر الأمان بداية من العامل الصغير وحتي أكبر مسئول وألا نلتفت إلي من يريدون العودة إلي الوراء وأن نتحد جميعا حول هدف واحد وأن نرتقي بالقيم والاخلاقيات في جميع السلوكيات وأن نحارب الفساد في كل مكان وبذلك يحدث تصحيح جميع الاوضاع وتكون الثورة قد حققت أهدافها يؤكد د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع ان الحل في كم الفساد والسلبيات هو العمل علي استمرار الثورة ويضيف: ولكي تقوم الاجهزة التنفيذية بدورها فلابد من وجود ثورة داخل الاجهزة الحكومية لكي تقوم بوظيفتها في تحقيق مصالح المواطن وليس مصالحها الخاصة وأوضح السعيد أن فشل العملية الاقتصادية والاضرار بالموظفين، ترتب عليه لجوء البعض إلي الرشاوي فلا يوجد وضع حد أدني وأقصي للأجور، كما أن الإصرار علي رفض العمل بالضرائب التصاعدية أدي إلي حالة من الإصرار علي رفض العمل بالضرائب التصاعدية أدي إلي حالة من التضخم الجنوني والانخفاض الفعلي للاجور علي الرغم من أن المعلن يكون هو زيادة الاجور لكن الواقع هو عكس ذلك ويتساءل د. رفعت السعيد: ما الذي استفاده الموظف من ارتفاع عدة جنيهات علي راتبه رغم أنه لا يستطيع شراء نصف كيلو جرام من اللحوم لأسرته؟.. وهذا يعد غشا للمواطنين، لذا نجد أثاره علي السلوكيات العامة في انتشار السلبية والانتهازية واللامبالاة وطالب رئيس حزب التجمع بتطهير المحليات والعمل علي تفعيل القوانين والنهوض الحقيقي بالمواطنين وعدم الاستئثار بالمناصب والابتعاد عن المحسوبيات والواسطة قيم اجتماعية ويؤكد الكاتب الصحفي صلاح عيسي أن القيم الاجتماعية لم تتغير بعد الثورة، لأنها لا تتغير بالسرعة التي نتخيلها لكن ببطء شديد ذلك لانها موروث ناتج عن اوضاع مادية موجودة بالمجتمع ومؤسساته، كما ان البلاد التي ينتشر فيها الفقر والحاجة يشعر فيها الناس بغياب العدل وأن النخبة الحاكمة ايا كانت تسرق قوت الشعب، لذلك فإن المواطن يظهر اسوأ ما فيه لاحساسه بأنه يختنق من سرقة المال العام الذي هو ماله في النهاية، لذلك لا يجد ملجأ له غير الالتفاف للحصول علي حقه بالطريقة التي تناسبه..ويضيف عيسي: الشعب المصري منظم جدا، ويريد من الانظمة الحاكمة أن توفر له المناخ المناسب .. ويشير إلي أن القيم الاخلاقية ليست اشياء طارئة تهبط علي الانسان من السماء لكنها موروث اجتماعي ويؤكد صلاح عيسي ان الثورة ليس لها علاقة بسلوكيات المجتمع علي الرغم ان الثورات تحدث قدرا كبيرا من الانفعال داخل المجتمع لكن للأسف لا يوجد لدينا قدر كبير من الوعي السياسي وهو ما احدث ارتباكا شديدا وهناك اشكالية أكثر خطورة وهي أن أكثر من نصف المصريين يعانون من الامية وغياب الثقافة وهو ما القي بظلاله علي ما يحدث الآن فيمكن ان نشعر أن المصريين اتفقوا علي الايتفقوا.. فالقيم الاخلاقية لا تؤثر بها الثورات ولكن فكرة احترام القانون فدولة مثل إسرائيل تستطيع اجهزة الرقابة بها ان توجه اتهاما لرئيس الدولة أو رئيس الوزراء مثلا لأنه حصل علي هدية من شخص اجنبي أو أن احدا ساهم في حملته الانتخابية فعندما يشعر المواطنون أن من رئيس الجمهورية إلي اصغر مواطن فيها يمكن ان يمثل امام جهات التحقيق وقتها سيتحقق شكل من اشكال العدل واحترام القانون معركة مع الفساد ويقول الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد استاذ الاقتصاد باكاديمية السادات للعلوم الإدارية ان ظاهرة الفساد انتشرت بدرجة يصعب مواجهتها، وإلي حد يصعب علي السجون المصرية أن تستوعب مجرد رؤوس الفساد في معظم قطاعات الدولة وعلي رأسها قطاع المحليات.. وقبيل الثورة وصل الفساد إلي أن أصبح ظاهرة طبيعية والرشوة تحولت إلي عرف متداول في الأوساط السياسية والتجارية والوظيفية والواسطة والمحسوبية اندرجت تحت بند المجاملات والعلاقات العامة.. وإذا كانت هناك ثورة حدثت بالفعل واسقطت النظام السابق الا اننا لم نقم بالثورة علي سلوكنا السلبي والقيم السلبية!! وبما أن الثورة لعبت دورا في احداث تغييرات علي الشخصية المصرية، ورأينا صفات مثل الانتهازية والفوضي وغيرها من الصفات السلبية التي طرأت عليها، فأصبح المواطن العادي لا يدري ماذا سيحمل له المستقبل فدولاب العمل متعطل نتيجة الإضرابات والمطالب الفئوية والاقتصاد المصري مني بخسائر فادحة ومعظم الشركات والمصانع سرحت أغلب العاملين بها، وبالتالي فإننا لم نقض علي الفساد والسلوك الفسادي والتي تعمقت في المجتمع وأصبح السلوك السلبي هو العادي.. وبالتالي شاع ما يسمي »بثقافة الفساد وأشار د. عبدالمطلب إلي أن هذه السلوكيات ليست هي طبيعة الشعب المصري الحقيقي منذ أيام السادات.. ولكنها بدأت الظهور مع تفشي القيم المادية واصبحت مقولة »بكام؟!«، هي الاساس .. فالفساد هو عبارة عن شجرة عنقودية من الصعب معرفة رئيس العصابة، والرشوة من أحد الاركان الاساسية للفساد وبهذا فإن الاساس هو اصلاح هيكلة الاجور ومواجهة سلوكيات الرشاوي بالعقوبات الرادعة وتعديل القوانين ونحن في حاجة ايضا إلي مجلس شعب وضرورة التعمق في العمل والاخلاص والالتزام وتقنين الوظائف وتكوين سلوك جديد مليء بالقيم الايجابية