سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأوليمبياد تغرق في الأطلسي المشاكل عرض مستمر..والوفود الغاضبة اشتكت لتوماس باخ في حفل العشاء مساحيق التجميل في حفل الافتتاح..لاتخفي «تجاعيد» دورة ريودي جانيرو
غرقت الاوليمبياد - فكرة وتاريخا وثقافة وحضارة- في المحيط الأطلسي الذي تطل عليه مدينة ريودي جانيرو البرازيلية في دورتها 31..ولم تستطع مساحيق التجميل في حفل الافتتاح ببهجته وموسيقاه ونجومه وضيوفه الكبار إخفاء «التجاعيد» وسوء التنظيم ومعاناة المشاركين والمتابعين وأجواء التعاسة والاحباط..18 ألف رياضي ونصف مليون سائح لايرون من الاوليمبياد غير الاسم ووجوه كبار الحركة الرياضية العالمية..أما حيوية أكبر وأعرق حدث رياضي في تاريخ البشرية فهي ميتة ودفنت في قبر لجنة منظمة يرأسها كارلوس الاسم الذي اقترن في الأذهان بالجريمة الدولية..وهو لم يرتكب جريمة تقليدية يعاقبه عليها القانون ويطارده بسببها العالم وإنما ارتكب جريمة انسانية وحضارية مباشرة ضد الدورات الاوليمبية.. ليست المشكلة أن الوفد الاعلامي المصري نام في الشارع أو في أكشاك أو في زنازين..وانما المشكلة أن اللجنة المنظمة حددت خريطة الدورة وتضاريس منافساتها كما لو كانت مكلفة من تنظيم داعش بتأديب البشرية والانتقام من كل انسان يفكر في الحياة والمساواة والعدل والرحمة...وليست المشكلة ان الرياضيين من كل انحاء العالم تعذبوا يومين في أصعب رحلة طيران..لاتوجد خصوصية في المعاناة لكن توجد لوحة مشوهة يطل منها وجه قبيح مطلوب منا ان ننظر اليها بعيدا عن حرية الانسان في الاختيار..لا اختيار لأحد الا ان يتابع الدورة..وفي نفس الوقت يسأل نفسه والمحيطين به في أروقتها لماذا اختارت اللجنة الاوليمبية ملف ريودي جانيرو ليفوز علي ملفات أقوي في دول تنعم بالوفرة في بنيتها الاساسية وقدراتها التنظيمية والبشرية..وبعد الاختيار لماذا لم تتابع التجهيز وحالة الشوارع..هل معقول ان اللجنة الاوليمبية لم تكن تعرف ان المنظمين قتلوا الدورة وتفرقت دماؤها في كل ارجاء ريودي جانيرو...الفنادق بعيدة عن القرية الاوليمبية التي هي بعيدة جدا عن الملاعب والتحرك بينها بالساعات.. أول نكتة أول نكتة أن الوفد الاعلامي المصري تلقي اوامر مشددة بضرورة الحضور من القاهرة ببدلة الافتتاح للسير في طابور العرض..وببساطة قالوا لنا في ريودي جانيرو «مش هتحضروا الطابور»..ولن تدخلوا القرية الاوليمبية ولا الملاعب ولا المركز الصحفي.. اجلسوا في زنازينكم وأكشاككم الي أن يقضي الله امرا كان مفعولا.. لا نوم ولا إقامة ولا كتابة ولا معايشة..الوفد الاعلامي قيد الإقامة الجبرية..برضه مش مشكلة..سوف نصبر حتي نري العروس الجميلة..وتأتي العروس لكنها تصدمنا بقبحها..لم تكف الوفود عن الشكوي لكنها وجدت الفرصة ذهبية عندما حل رؤساؤها ضيوفا علي توماس باخ رئيس اللجنة الاوليمبية الدولية في حفل عشاء بحضور د.حسن مصطفي رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد وبان كي مون الأمين العام للأمم المتجدة وقالوا ما أرادوا واشتكوا مر الشكوي..لكن ماذا تنفع الشكوي مع الامر الواقع.. اللعنة تطاردها ومن سخريات الايام والليالي أن لعنة أوليمبياد العالم الثالث يبدو كما لو حلت علي بعثتنا منذ ان تركنا ايهاب عبد الرحمن ومصطفي الجندي وقبلهما كرم جابر وأخيرا علاء أبو القاسم الذي اصيب بالتواء في أنكل القدم وعاش اليومين الماضيين بالمسكنات وهو أحد المبشرين بالميدالية الاوليمبية.. شيء ما لعين يطاردنا وهو تقريبا الذي يطارد اوليمبياد ريودي جانيرو..وإن كان شريف العريان نائب رئيس بعثتنا طمأننا بأنه سيلعب بعد أن ارتاح يومين...وبالطبع هو سيلعب لكن بأي قدرة.. والعريان مسئول مهم في اللجنة المصرية وفي البعثة ويتعامل مع واقع حتي لو كان مؤلما ولذلك فقد لبي دعوة هو والرياضية المصرية البارزة آية مدني لحضور حفل استقبال للأوليمبيين السابقين حضره امير موناكو وألقت فيه نوال المتوكل كلمة..بينما لم يحضر هشام حطب رئيس البعثة ورئيس اللجنة الاوليمبية حفل عشاء توماس باخ لأن ما فيه يكفيه حسب قوله..مشاكل التنظيم ترتد اليه مثل باقي الوفود ولعنة الاصابات والمنشطات..وأخيرا اللعنة التي لا ترحم..لعنة الاعلام الغاضب عندما يجد نفسه مركونا علي الرف إذا كان محظوظا في مثل هذه الظروف أو مركونا جنب الحيط في الشارع..أو مثل زملائنا الذين ذهبوا للإقامة في مركب بالمحيط فلم يجدوا إلا المحيط ولأن المركب كان في الطريق وعطلته إشارة في «صلاح سالم»..ومن عجائب ال «ريودي» أن يذهب نصف الوفد الاعلامي إلي الفندق فيقول مسئول التسكين الحجز زوجي كل اتنين في أوضة بس مش كل اتنين علي سريرين..الاتنين في سرير واحد..ولما أخرج اسامة صادق منسق البعثة الموبايل وأراه صورة الغرفة الزوجي بسريرين قال معنيش الشكل ده..قلنا له ممكن السرير الواحد ينام عليه زوج وزوجة مش اتنين رجالة بشنبات..ميصحش ياكوتش..مش ثقافتنا..وهو رد ببساطة إحنا ثقافتنا عادي ينام إللي ينام..هددناه بشكوي للجنة المنظمة ولوزير السياحة..وأقصي خدمة قدمها أن وعدنا بالحل عندما يحل المدير صباح اليوم التالي..وجاء الحل بحضور هشام حطب بنفسه وكل ما في الأمر أن انفصل السرير الكبير إلي سريرين..ثم توجه حطب إلي الزملاء في الباخرة وكانوا قد ارتضوا الامر الواقع.. زفة الميت نخرج من دائرة الخصوصية بتفاصيلها الكثيرة ونعود إلي غرق دورة ريودي جانيرو في البحر رغم أن حفل الافتتاح كان زفة لميت..عندما تصل المطار تجد في وشك دوغري نمط حياة العالم الثالث..ناس كثيرة تقوم بعمل صغير ولاتنجزه..أصوات عالية..حركة كثيرة أحيانا غامضة.. لا أهلا ولا سهلا ولا ابتسامة مجاملة إلا ماندر..ولما تخرج تري علي جانبي الطريق بشرا من كل لون ينتظرون من يرحمهم من ماراثون السفر وغالبا لاتأتيهم الرحمة إلا متأخرا..وتشاهد أحد أعضاء بعثتنا الذي يريد أن يساعدنا وهو يجري وراء سيارة من المفترض أن تحمل حقائبنا لكنها لم تحملها لأن البوليس يجري وراء الناس في شارع المطار المخالفين لقواعد المرور..كيف هم مخالفون وليس أمامهم من داخل المطار الي الخارج الا هذا الطريق..ونركب سيارة وننزل..ونهبط للجراج ونصعد مرة اخري لان كل واحد برازيلي له رأي.. الأخبار السيئة ولم تكن اللجنة المنظمة علي العهد والوعد بإتمام كل شيء في القرية الأوليمبية قبل وقت كاف من الافتتاح لأن اخبارها السيئة ظلت تتطاير حتي الامس من مشاكل في الكهرباء والسباكة وضيق الغرف...وتصاعدت الشكوي من طول المسافات بين الملاعب..والأهم من ذلك شعور البرازيليين بالدورة ورأيناه محدودا ولاتكاد تظهر ملامح لها بين الناس وبين الشوارع أو في الميادين..الناس يبدو عليها الانشغال كما هو الحال في مصر وتخلو فنادق الاقامة من مظاهر الاهتمام بالدورة وكل مايهمها استثمارها ماليا..والمتطوعون كثيرون لكنهم بلا ادوار ولا تنسيق والقليل منهم يتحدث الانجليزية..والخلاصة في جوهر هذه الدورة المثيرة للجدل أن أزمتها ليست فقط في مثلث الرعب الملتصق دوما بالعالم الثالث وهو الفقر والخوف والمرض وانما في ضربتها القاسية لصميم الحركة الاوليمبية وتعريضها للمعاناة بدلا من البهجة...ولم يكن محببا أن يري الأبطال من كل انحاء العالم عربيات الأطعمة التي تشبه تماما عربيات الكبدة في مصر..وأن تظهر التناقضات صريحة في الطرق المؤدية لأماكن الدورة بين المناطق الغنية والفقيرة..هي ملتصقة ببعضها وتعطي انطباعا صادما للزائرين..هي أوليمبياد ملقاة علي الأرصفة بالحشود حول المطار التي تلتصق بالحوائط في انتظار وسيلة الانتقال وتخشي من غضب البوليس.. كل هذه اللوحة المشخبطة في دورة القلق حاول حفل الافتتاح أن يرتب خيوطها ويلمع ألوانها بقشرة المجتمع البرازيلي اللامعة في الرياضة والفن والموسيقي وعشق الساحرة المستديرة..وحتي لو نجح حفل الافتتاح سوف تظل البرازيل تحت الاختبار إلي أن تنتهي الدورة.