يعتبر نمط الإدارة بالأزمات، هو من اسوأ الأنماط الإدارية، استناداً إلي أن الذين يفكرون في انتهاجه يعتمدون علي غياب الوعي عن الشعب أو الجمهور المستهدف وإشغاله أو إلهائه عن القضايا الجوهرية، والدفع به الي القضايا الثانوية والهامشية، بهدف الوصول لأهداف حقيقية خفية. وهو نمط بلا شك يحقق خسائر ضخمة للنظام والدولة وا لشعب، ولم تكن الأمور تحت السيطرة، ولدي النظام عقول مرنة لديها القدرة والثقة في التراجع. كما أن هذا النمط قد يستخدم لجس النبض، مع التصعيد التدريجي، والتراجع عند اللزوم، لكن لو أصر النظام علي التصعيد بلا مبررات أو قدرة علي التراجع، فانتظروا الكارثة. الآن وما نشاهده ونتابعه، نجد شيوع نمط الإدارة بالازمات علي مستوي الدولة والحكومة، وعلي مستوي كل مصلحة أو وزارة او جامعة، علي خلفية أن ذلك يطيل من عمر الشاغل للمنصب في أي موقع وعلي أي مستوي قد يجعله حديث الناس والإعلام وهو ما يتصوره شطارة وشهرة، ولا يدرك عواقب ما يفعله، فالغالب دخوله لنفق مظلم لا يستطيع الخروج منه. ويستوي الكل في ذلك من جمعية أهلية أو ناد رياضي مثلاً، أو رئاسة الحكومة أو وزير سيادي أو حتي الرئيس. وقد تابعت أزمة نقابة الصحفيين، وفوجئت بالتدخل الأمني لمنع التظاهر أمام النقابة من جانب العمال في عيدهم مطالبة بحقوقهم والتذكير بها، ومنعهم من اقامة مؤتمرهم السنوي، حتي وصل الامر لمحاصرة النقابة، والتدخل فيها اقتحاماً بحجة إلقاء القبض علي اثنين من المتواجدين منهم (عمرو بدر)، وهو صحفي وعم محمود بدر (تمرد) ومن شبين القناطر قليوبية أحد الأعضاء البارزين في حملة حمدين صباحي الرئاسية. وبالفعل تم إلقاء القبض علي هذين الشخصين، علي خلفية تنفيذ قرار من النيابة العامة بسرعة ضبطهما وإحضارهما!! لا شك أن هذه واقعة كارثية تصل إلي حد الجريمة السياسية من جانب نظام الحكم ممثلاً من وزارة الداخلية والحكومة التي ينتمي إليها هذا الوزير.. لم تحدث واقعة كهذه من قبل منذ (75) سنة هي عمر هذه النقابة التي احتفلت بعيدها الماسي تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط نقد من البعض لذلك. إلا أن النقابة ومجلسها المحترم كانت حريصة علي ذلك التزاوج بين النقابة ورمز الدولة، وهو شيء إيجابي بلا شك. فكيف يتأتي لوزير الداخلية الإقدام علي خيار اقتحام نقابة الصحفيين ولم يسبق أن تصرف نظام سابق أو وزير داخلية سابق، وفي ظل مناخ ما بعد ثورتين؟! وتساءلت: لماذا أقدم الوزير علي اختلاق أزمة يعرف أبعادها وقد تطيح به، فضلا عن اصراره علي الاطاحة به؟! وألا يؤدي ذلك إلي جرح عميق يصعب اندماله بين نقابة أهل الفكر والرأي والتعبير وهي مصونة بالدستور وقانون النقابة، فهل هي خطوة محسوبة أم عنترية تعكس عودة نظام مبارك وسياساته الأمنية ذات العصا الغليظة التي استخدمت بإفراط قبل 25 يناير 2011م فكانت الثورة؟!. كما تساءلت: لماذا تصر الشرطة علي استمرار سياساتها وعدم التغيير والمراجعة ووضع حدود وسقف لاستخدام قوتها؟! وهل اصبحت الشرطة عصية علي التغيير، وما العمل؟! إنها محاولة بلاشك، لإعادة «الفجوة والجفوة» بين الشعب والشرطة، وقد بذلنا جهوداً لإزالة هذه الفجوة بعد 25 يناير 2011م، إلا أنه للاسف، تعاود الشرطة ممارساتها ليس مع المواطنين فحسب، بل مع النخب المختلفة من القوي السياسية، وهي الكارثة بعينها. وقد دار في خلدي لمراجعة الموقف، تساؤلا هاما: ماهي أولويات الشرطة إذن؟! هل كان الشخصان (عمرو ومحمود) ذات أولوية للقبض عليهما، إلي حد اختلاق أزمة كبري مع أقوي نقابة في مصر؟! هل القصد هو إظهار العين الحمرا، والعصا الغليظة لدخول الجميع بيت الطاعة.. وأتساءل: لماذا تغض الداخلية النظر عن رموز الفساد بل وتحميهم في أماكن آمنة؟ ثم الذين هربوا من اشخاص وجماعات الفساد، مع الإخوان، وآخرين، أليس بمعرفة الشرطة؟! والذين تم الافراج عنهم الآن من الجماعة الإسلامية وحزب البناء والتنمية وهم ارهابيون أليسوا خطراً علي النظام والشعب؟! بينما الاتفاق في نقابة الصحفيين من الخطورة الصبر عليهما حتي يخرجا ثم يلقي القبض عليهما؟! انضم للمطال بين باقالة وزير الداخلية ومحاسبته وتطهير الوزارة وتغيير سياستها.