القرآن الكريم كلام الله عالي القدر رفيع المنزلة مصدق للكتب السماوية السابقة عليه.. فيه قصص الانبياء والمرسلين وأخبار الأمم السابقة عليه.. فيه حكم وتشريع وفيه أخبار يوم القيامة ويحتوي علي صفات الله وكلامه وهذا القرآن ليس شعراً ولا كهانة وهو منزه عن كل نقص وهو تنزيل من رب العالمين. وقد حفظ الله القرآن علي مر القرون وتكفل بحفظه وبأن يظل دائماً أصلاً من أصول الدين وأساس الاسلام والشريعة فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الجد ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغي الهدي في غيره أضله الله، لما سمعته الجن قالت إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلي الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً وتقول آياته «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَي النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَي الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» ان الله ولي الذين آمنوا أي معينهم وناصرهم ومتولي أمورهم فهو سبحانه يخرجهم من ظلمات الكفر ومن ضلالات الشرك والفسق والعصيان إلي نور الحق والهداية أما الذين كفروا فأولياؤهم الطاغوت وهو يخرجهم بسبب المعاصي من نور الله والإيمان والهداية إلي ظلمات الكفر والضلالة وهم اصحاب النار هم فيها خالدون.. والآية تشير إلي ان الكافرين هم الذين ارتضوا الكفر لأن كفرهم بالله تعالي هو الذي جعل الشيطان ينفذ إلي اقطار نفوسهم بسهولة وتقول الآية اصحاب النار لكي نعرف أنهم ملازمون للنار كما يلازم المالك ما يملكه والرفيق رفيقه، أما قوله هم فيها خالدون فتأكيد لبقائهم فيها أبدا وهي اشد عقوبة للذين استحبوا العمي علي الهدي.. وتمضي أيات القرآن فتقول: «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ في سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ في كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» ويقول الدكتور عبدالله شحاته في تفسير هذه الآية إنها نزلت في صدقة عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وذلك ان رسول الله صلي الله عليه وسلم حث الناس حين اراد الخروج الي غزوة تبوك ان يتصدقوا فجاء عبدالرحمن بأربعة آلاف درهم وقال للرسول كانت ثمانية فأمسكت لنفسي وعيالي بأربعة آلاف والاخري اقرضها لربي فقال رسول الله: بارك الله لك فيما امسكت وفيما أعطيت. وجاء عثمان بالف دينار وصبها في حجر الرسول فرفع الرسول يديه يدعو لعثمان ويقول «يارب عثمان إني رضيت عن عثمان فارض عنه» وتفسير الآية ان صدقة من ينفقون اموالهم في سبيل الله أي في طاعته كمثل حبة ألقيت في الأرض الطيبة فخرجت الحبة، علي هيئة زرع قوي جميل فأنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة وهذا التشبيه فيه من الحض علي الانفاق في وجوه الخير والله يضاعف الحسنات لمن يشاء فيعطي بعض الناس سبعمائة ضعف ويعطي البعض أكثر من ذلك، لأن الصدقة يختلف ثوابها باختلاف حال المتصدق فمتي خرجت الصدقة بنية خالصة وقلب سليم ونفس صافية ووضعت في موضعها المناسب كان الجزاء عليها أوفر والمضاعفة تزيد علي سبعمائة ضعف إذ ان عطاء الله لمن يشاء من عباده ليس له حدود وثوابه ليس له حساب محدود، ويشترط في الصدقة إلا يتطاول المحسن بإحسانه علي من أحسن إليه ويتفاخر عليه بسبب ما أعطاه او يقول له قولاً يؤذيه، أما المتصدقون بلا أذي أو من فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم أي لهم جزاؤهم العظيم مكافأة لهم ويحيطهم الله برعايته في دنياهم وأخراهم ويعوضهم خير عوض وأحسنه.