الطريق إليها لم يكن شاقا، حوالي 50 دقيقة فقط من قلب العاصمة، مدينة السادات بمحافظة المنوفية، أو كما يطلق عليها سكانها والعاملون بها والمستثمرون أصحاب المؤسسات الصناعية هناك «رئة الدلتا الاقتصادية». أسست المدينة بقرار جمهوري رقم 123 لسنة 1978، وتقع المدينة في الاتجاه الشمالي الغربي من القاهرة من الكيلو 84 إلي الكيلو 109 طريق القاهرةالإسكندرية الصحراوي، وتبلغ المساحة الإجمالية لها حوالي 121 ألف فدان منها 37 ألف فدان كتلة عمرانية تم تقسيمها إلي مناطق سكنية وخدمية وصناعية وترفيهية. توقعنا في إطار حملة «الأخبار» لرصد أوضاع ومشاكل المدن الصناعية، أننا لن نجد الأمور مختلفة في مدينة السادات، حيث ترسخت في الأذهان صور القمامة والمخلفات والمصانع المعروضة للبيع أو الإيجار، إلا أن الأمر هذه المرة كان مختلفا، فالمصانع تعمل بشكل مكثف والعمل بها لا يتوقف لاسيما وأن السادات هي المدينة الصناعية الوحيدة في مصر التي تتواجد بها أعداد كبيرة من الصناعات الثقيلة مثل الحديد والرخام وهو ما يميزها عن غيرها من المدن الصناعية. الرحلة بدأت بمدخلي المدينة الذي كان يتم تغييرهما بشكل كامل، وعمل جداريات عليهما تحمل طابع المدينة الصناعي، كما أن العمل يجري علي قدم وساق في توسعة هذه المداخل من أجل استيعاب الطاقة البشرية الكبيرة للمدينة والتي تزداد يوما بعد آخر سواء في القطاعات السكنية أو الصناعية، صناديق القمامة تفصل بينها أمتار قليلة وهو ما يساعد في إظهار الشكل الحضاري والجمالي لها، التشجير لا يتوقف والمساحات الخضراء كثيرة. جهازالمدينة بدأ بعد استرداد حق الدولة في أراضيها وفي الأسبوع الأول من مارس الماضي بدأت ملحمة تنسيق المواقع وشق الطرق ورصفها لإقامة مجتمعات عمرانية حديثة، تشغلها الإنمئات والمعدات وآلاف المهندسين والعمال، في خلية نحل تسابق الزمن لتسليم 250 عمارة تضم 5 آلاف شقة في موعد أقصاه نهاية شهر سبتمبر المقبل، وتم تأسيس أكثر من 10 أحياء جديدة، فضلا عن ضم مساحات كبيرة من هذه الأراضي إلي المناطق الصناعية لزيادة مساحتها. يوجد بالمنطقة 437 مصنعا بين إنتاج الحديد والصلب والغزل والنسيج والسيراميك والأسمدة والمواد الغذائية باستثمارات تصل إلي 40 مليار جنيه. في البداية قال عرفات راشد، رئيس مجلس إدارة جمعية مستثمري السادات، إن المدينة تختلف عن أي مدينة صناعية أخري في مصر، لأنها الوحيدة التي تضم صناعات ثقيلة ومتوسطة وخفيفة وهو ما لا يتواجد في غيرها، مشيرا إلي أن المدينة وعمرها أكثر من 38 عاما ساهمت بقوة في فتح سوق العمالة لمواطني محافظة المنوفية وهي من أكثر المحافظات في الكثافة السكانية، فهي تعتبر الظهير الصحراوي للمحافظة وصاحبة فضل كبير في المردود التنموي الذي شهدته المحافظة خلال الأعوام السابقة. وأشار إلي أن المدينة تشهد طفرة كبيرة فيما يتعلق بالطرق والمرافق، فجهاز المدينة خلال العامين الماضيين قام بتطوير معظم شبكات الطرق وخطوط المياه والغاز، وهو ما ساعد المصانع علي القيام بعملها بالشكل اللازم، مؤكدا أن أبرز مشاكل المدينة تتمثل في المستثمر غير الجاد الذي يهدف لتحقيق الربح السريع دون أن يفكر في كيفية عمل نهضة صناعية كبيرة وفي مقدمتهم أصحاب الاستثمار العقاري فإنهم يتسببون في مشاكل كبيرة للمدينة لقيامهم بشراء الأراضي المخصصة للصناعة و»تسقيعها» ثم بيعها بقيمة أعلي من قيمتها الحقيقية وهو ما يمثل مشكلة كبيرة للمستثمرين هنا. وأكد أن مشاكل العمال في المنطقة تتمثل في عدم وجود مستشفي تابع للتأمين الصحي خاص بمصانع المنطقة، مضيفا أنهم يدفعون نحو 5 ملايين جنيه تأمينا صحيا للدولة حيث لا يوجد تفاعل بين الأجهزة الحكومية لإنشاء مستشفي تأمين صحي لعمال السادات، وأوضح أن المدينة الصناعية بالسادات تعد ظهيرا صحراويا لمحافظة المنوفية وبها العديد من المناطق الخالية من الاستثمارات، مؤكدا أنها مدينة واعدة حيث إنها يفصلها مسافات صغيرة بين ميناء الاسكندرية وكذلك في وسط بين القاهرةوالاسكندرية. وطالب بضرورة الاستماع إلي مشاكل المستثمرين بمدينة السادات وذلك من خلال تفعيل ومراجعة قوانين الاستثمار وأن يكون واضعوها من المستثمرين وليس من رجال القانون، مؤكدا أن مشاكل المستثمرين تتمثل في ارتفاع أسعار الخدمات من المياه والكهرباء والغاز إلي جانب الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، مضيفا أن أحد المستثمرين كان يدفع مياه 250 ألف جنيه وصلت فاتورته الآن إلي مليون و250 ألف جنيه ونفس الاستعمال. فيما قال رضا النحراوي، عضو مجلس إدارة جمعية المستثمرين، إن المدينة تعد أرضا خصبة لجذب الاستثمارات وذلك لموقعها الفريد الذي يتوسط طريق مصر الإسكندرية الصحراوي والدلتا، بالإضافة إلي التوسع في إقامة مشروعات الإسكان بمستوياتها المختلفة والطفرة في تنفيذ الوحدات والأراضي السكنية، وكذلك المناطق الصناعية السبع والخدمات الأخري مثل جامعة السادات والجامعات الخاصة الموجودة بالمدينة، مشيرا إلي ضرورة عمل إشارات مرورية بشوارع المدينة للحد من مشكلة الازدحام المروري، وزيادة أفراد الشرطة لضبط الحالة الأمنية بالمنطقة ومواجهة ظاهرة انتشار الأسلحة النارية. وأضاف أن المدينة تعيش أزمة حقيقية الآن بسبب رغبة وزارة النقل في مد خط سكك حديدية داخل المزارع وهو ما سيسبب مشكلة كبيرة للمسطحات الخضراء، لذا قمنا بإجراء دراسة وتبين عدم وجود جدوي اقتصادية وقد تكون معدومة وسيلحق الضرر بالمستثمرين وقدرت الخسائر المباشرة بمليار و400 مليون جنيه وفقا للدراسة، كما سيؤدي إلي تدمير جزء كبير من البنية التحتية للمدينة، مشيرا إلي أن المشاكل الفنية الخاصة بالاستثمار والصناعة التي تأتي بعد الاستقرار الأمني هي مشكلة توفير الغاز لإنشاء مصانع جديدة، والزيادات المستمرة في أسعار الكهرباء ثم مشاكل التعثر مع البنوك. وقال إن عدد العمال بالمناطق الصناعية بالمدينة يصل إلي 55 ألف عامل معظمهم من مراكز المحافظة ومنهم من ساكني مدينة السادات وتبلغ قيمة الأجور الشهرية ملياراً و922 مليونا و7 آلاف جنيه، كما أنه يوجد بالمنطقة الصناعية بالسادات نحو 150 مصنعا متعثرا شبه متوقف عن العمل تتمثل مشاكلهم في أمور إدارية ومصانع تعثرت ماليا أو مشاكل داخلية أو خارجية.