في عذوبة نادرة يحملنا الكاتب الكبير أحمد بهجت علي جناح فراشة الي رحلة حب من نوع خاص لها مذاق مختلف يصل بنا في نهايتها الي عظمة الخالق كعادته دائما في كتاباته الفريدة عن الكون ومخلوقاته في قصة عشق من نوع خاص كتب يقول : القت دودة القز تحية المساء علي رفيقاتها من دود القز.. ثم دخلت غرفتها الخاصة في علبة الكرتون التي كانت اصلا صندوقا للأحذية، بعدها بدأت تفرز من فمها الحرير .... كانت دودة القز صديقتي وكنت طفلا، ولم أعرف هل كانت تتألم ام كانت سعيدة، سألتها : هل تتألمين حين تصنعين الحرير؟ قالت: اصمت.. انني أحلم، ثلث حياتي للحلم، وثلثها للواقع، والثلث الاخير أقضيه في سهوم.. لم أفهم ما قالته ولكنني أحببتها أكثر عدت أسألها :ما احساسك وأنت تصنعين الحرير؟ قالت : اسكت، انني انتظر شيئا غامضا، مجهولا، وأحلم بشيء ما، لست أعرف حقيقته ولكنني أحلم . تركت دودة القز حتي صنعت شرنقتها واختفت داخلها تماما. كان هذا يعني أن دودة القز قد ماتت بالنسبة الي ،بكيتها كثيرا ..ثم جاء يوم وانتحت الشرنقة وخرجت فراشة بدلا من دودة القز.. سألت الفراشة : من أنت؟ قالت الفراشة : انا صديقتك دودة القز قلت لها : لم تكن دودة القز تملك اجنحة قالت الفراشة : لا تكن طفلا.. أنا صديقتك القديمة، لكنني وقعت في الحب وصارت لي اجنحة وصرت قادرة علي الطيران وطارت الفراشة.. جريت نحوها أسألها : الي أين تذهبين ؟ قالت وهي تبتعد : لا أعرف.. انني اطير وهذا يكفي اندفعت الفراشة نحو الشمس.. وقعت في حب الشمس، كانت دودة القز تحب الاطفال، لكن الفراشات تحب الشمس، الأطفال اعداؤها الذين يصادونها ثم يثبتونها بالدبابيس في العلب الزجاجية، طارت الفراشة نحو الشمس واقتربت الشمس منها.. كانت الشمس تحلم بأرض تغذيها بالطاقة، وكانت الفراشة تحلم بالرمز والمطلق، دخلت الفراشة في قلب الشمس فاشتعلت.... من يومها تعلمت الفراشات أن تهوي نحو النار ظنا منها انها الشمس قال العابد للوردة: حدثينا عن الله أيتها الأخت.. عندئذ تبسمت الوردة وفاح عطرها.. سئلت الفراشة نفس السؤال فلم تقل شيئا، احترقت من العشق وكان حديثها البليغ ألسنة نار صامتة وهكذا تعبر المخلوقات عن حبها لله بأريج الصمت أو اشتعال الأجنحة .