عاشت 90 عامًا، كانت خلالها وبعدها أسطورة ونموذجا مشرفا للمرأة المصرية، كرمها ابنها أحمس وخلد ذكراها علي لوحته الشهيرة بمعبد الكرنك قائلًا: «امدحوا سيدة المصريين، سيدة جزر البحر المتوسط، ذائعة الصيت في كل بلد أجنبي، هي التي تصنع الخطط للناس، زوجة الملك، ابنة الملك، أم الملك، النبيلة العالمة بالأشياء، التي ترعي شئون المصريين، هي التي جمعت شمل الجيش، ووضعته تحت رعايتها، وحمت الناس، وأعادت المهاجرين، وجمعت الفارين، هي التي هدأت الجنوب، وأخضعت ثائريه، إياح حتب، زوجة الملك، لها الحياة الأبدية». عثر العالم الفرنسي «مارييت» علي تابوتها في 5 فبراير عام 1859، في ذراع أبوالنجا بجبانة « طيبة»، وأرسله علي باخرة خاصة إلي متحف بولاق، كان يحوي مومياتها وأوسمة وخناجر ومجوهرات، وأوقف الباخرة مدير مديرية قنا ونزع الأكفان عن المومياء فتحطمت عظام الملكة، وحدثت حرب بين رجال مارييت ورجال مدير مديرية قنا، انتهت بغرق المومياء في نهر النيل، فقام مارييت بأخذ العظام والحلي لإهدائها إلي سعيد باشا، والي مصر، الذي رفض الاحتفاظ بالكنز، وأمر ببناء مكان يليق به فتم من اجلها بناء المتحف المصري. عثر في تابوتها علي عدد من الأوسمة والنياشين العسكرية، من بينها وسام «الذبابة الذهبية» الذي يمنح لتقديم خدمات عسكرية استثنائية، والوسام يعني انها أحد أعظم المربين العسكريين، وأول امرأة تحصل علي أعلي أوسمة عسكرية في التاريخ. إياح حتب، أو «إياحة» بالعامية القديمة، هي الملكة الفريدة العزيزة التي لا يعرفها الكثيرون لانقطاع صلة الأبناء بتاريخ الأجداد وعدم الاهتمام من الدولة بالتركيز علي وصل هذه الصلة بجدية، هي الملكة التي قهرت الهكسوس ورعت شئون المصريين، وهي الملكة التي غني لها الأجداد في زمانها وهم يحملون المصابيح « وحوي يا وحوي اياحة «، ونغني لها مع مقدم كل رمضان نفس الجملة والكثير منا لا يعرف اصل هذه العبارة ولمن قيلت ولا في اي زمان! هي ابنة الملك «تاعا الأول»، والدتها الملكة «تتي شري «، كانت فلاحة مصرية بسيطة تزوجها الملك « سقنن رع «فأصبحت إحدي ألمع الملكات، وقفت إلي جواره في حربه ضد الهكسوس، التي انتهت بموته، فلعبت نفس الدور مع ابنها الكبير «كامس» في حربه ضدهم، حتي مات هو الآخر، فكانت الوصية علي الملك «أحمس» الذي لم يتعد عمره وقتها 10 سنوات، فقامت بتصريف شئون الدولة وإدارة الحكم حتي تولي أحمس مقاليد البلاد، جمعت شمل الجيش، ووضعته تحت رعايتها، أعلنت نفير الحرب، فأتي الرجال، ألقت خطابا حماسيا، قالت فيه لابنها أحمس: «لا تعود إلا بالنصر». التاريخ يذكر لها أنها وضعت اللبنات الأولي للسياسة التي سار عليها أحمس في حربه ضد الهكسوس، فهي صاحبة إدخال العجلات الحربية، وتقف في الخطوط الخلفية تشجع المصريين علي المشاركة في الحرب، ويعتقد المؤرخون أنها «قادت حملات لقتال الهكسوس في معارك حربية لتأمين الحدود الجنوبية، بعد طرد الهكسوس وتحقيق النصر خرج الشعب يحمل المشاعل وهو يتغنّي «وحوي يا وحوي إياحة» التي تعني «مرحبا قمر الزمان»، تمجيدًا لها مبتهجين بالنصر، تري كم تلميذا من تلاميذنا، كم طفلا من اطفالنا، كم طالبا من طلابنا في يعرف من هي الملكة «اياح حتب» او «اياحه»؟!. ومتي ستعمل الدولة بجدية لوصل الأجيال الحالية التي لم تتسلح ثقافيا بتاريخ المصريين القدماء لكي يتحقق الانتماء؟!