اللواء محمدنور // المستشار احمد الخطيب رجال القانون والأمن: عدنا لعصر الفتوات.. لابد من بسط يد الشرطة بقوة وحسم أثار الحادث الأخير في أبراج النايل سيتي الكثير من الجدل حول ظاهرة استترت تحت مظلة السكوت طويلا حتي اصبحت كالسرطان الذي ينال من مختلف أوجه الحياة حولنا وبعد ان كان يخطو علي استحياء في المناطق الشعبية والنائية أصبح يقتحم وبقوة كل مكان في مصر.. ومن اليسير ان ينظر كل مواطن علي مدار يومه ليري أنه تعرض لبطش هذه الظاهرة علي الأقل في أبسط صورها عند فرض أحدهم أن تدفع مقابل انتظار سيارتك وكأنه امتلك الشارع وغيرها الكثير من الأمثلة التي نتعرض لها في التحقيق التالي للوقوف علي أسباب نشوء ظاهرة فرض الإتاوات والتي تعد فرعا أصيلا من فروع شجرة البلطجة التي ماتزال خارج إطار الضبط والإحكام.. كما تبحث السطور التالية الحلول المقترحة للقضاء عليها كما يراها رجال القضاء والأمن. يقول المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة استئناف الإسكندرية ان هذه الظاهرة ليست حديثة علي المجتمع بل هي متواجده من قبل الثورة وكانت تمارسها بعض الفئات بما في ذلك بعض الأجهزة الأمنية وكبار المسئولين وعلي رأسهم نجليا الرئيس السابق وهو ما ظهر واضحا في جرائم استغلال النفوذ التي تم اتهامهما بها وهناك بعض الأجهزة الأمنية التي كانت تتقاضي أموالا من الجامعات الخاصة والسفارات والفنادق ولكنها كانت تدخل تحت بنود المصروفات الخاصة والعلاقات العامة وغيرها وكان ذلك نظير التأمين والاهتمام المميز إلا أنه بعد الثورة وفي ضوء ما تعانيه البلاد من الانفلات الأمني والانحدار الأخلاقي تفشت هذه الظاهرة وخاصة بعد ارتفاع معدلات البطالة والتي أدت إلي قيام البعض بممارسة هذا السلوك لكسب العيش ومواجهة الفقر. ويوضح الخطيب ان فرض الإتاوات اتخذ عدة أشكال وانتشر في مختلف نواحي الحياة ومن أبرز الأمثلة علي ذلك هي الإتاوات المفروضة علي القري السياحية والفلل والمنتجعات في الطرق النائية وعلي الطرق الصحراوية والمدن الجديدة والمزارع والأراضي المستصلحة مثل الصالحية الجديدة والأسواق المجمعة وغيرها، ولعل الحادث الأخير في النايل تاور يعد شاهدا قويا علي مدي تفشي ظاهرة الإتاوات واعتبار البعض لها حقا مكتسبا يلزم تأديته. ويضيف الخطيب ان من أكثر أشكال الإتاوات المفروضة شيوعا هو عندما يجبرك شخص مجهول ينتحل صفة سايس علي دفع مقابل مادي نظير انتظار سيارتك في شارع عام متاح للجميع فهذه إتاوة عيني عينك حتي لو كانت بالرضا المتبادل لأن هذا الشخص لم يحصل علي ترخيص مزاولة المهنة من الحي التابع له بل ان بعضهم يطبعون دفاتر ايصالات تفيد تبعيتهم للحي وتكون غالبا مزورة ليتمكنوا من احتكار بعض الأرصفة والأماكن العامة وفرض إتاواتهم. غير مجد ومن الناحية القانونية يقول الخطيب أن فرض الإتاوة لانتظار السيارات يعاقب عليها القانون بالغرامة وهو ما يعتبر غير مجدا بالمرة خاصة وأن هذه الجريمة - جريمة تحصيل الإتاوات- ترتبط عادة بجرائم أخري مثل التعدي بالسب والقذف والضرب والتهديد وأحيانا إتلاف الممتلكات في حالة الامتناع عن الدفع وفي هذه الحالة يتم التعامل مع هذه الوقائع بالأخذ بالجريمة الأكبر وتعد جنح ضرب أو اتلاف وعقوبتها تصل إلي الحبس. الحل ويري الخطيب أن الحل الأمثل لحصر هذه الظاهرة والقضاء عليها هو ضرورة تغليظ عقوبة ممارسة أي مهنة بدون ترخيص ليصل إلي الحبس الوجوبي دون الغرامة نظرا لما تمثله من خطورة علي الأمن القومي فضلا عن ضرورة تكثيف حملات أفراد المرور والشرطة بالاشتراك مع رؤساء الأحياء لتحقيق عنصر الردع قبل وقوع الجريمة. حالات متعددة يقول د. أسامة المليجي أستاذ قانون المرافعات أن هذه الظاهرة تأصلت بعد الثورة وتحولت إلي منهج عمل متبع في كثير من أنشطة الحياة سواء بما يدفعه رجال الأعمال للبدو في الساحل الشمالي مقابل تأمين مشروعاتهم والقري السياحية التي يمتلكونها وكذلك دفع رجال الأعمال لمشايخ بعض القبائل في السويس وسيناء إتاوات مقابل عدم مهاجمة مصانعهم وشركاتهم والحال نفسه بالنسبة للأراضي الزراعية والمستصلحة والتي يوجد بها معدات زراعية وماكينات حفر الآبار وغيرها من المعدات التي يمكن سرقتها كذلك الاتاوات التي يحصلها أصحاب المحلات من الباعة الجائلين مقابل اشغال الرصيف أمام محلاتهم وحق الركن مقابل الانتفاع الذي يفرضه عليك السايس دون وجه حق وإذا امتنعت يتلف لك شيئا في السيارة والذي ساعد علي انتشار هذه الظاهرة بالذات هو مباركة بعض أفراد الشرطة لها وتقاضي جزء من المحصلة من السايس مقابل السكوت علي مخالفته. الأمن المفقود ويوضح المليجي ان هذه الحالات تشترك علي اختلافها في شئ واحد وهو البحث عن التأمين أو الأمن ومن هنا نقف علي الحل الجذري لها وهو وجود شرطة قوية تقوم هي بأعمال التأمين بكل المنشآت والقري والمصانع والبلد بأكملها وهو ما يمثل الوقاية من حدوث الجريمة فتزول الظاهرة بزوال المشكلة المسببة لها وهي غياب الأمن ثانيا لابد من حل مشكلة عجز تطبيق النصوص القانونية فهذه الجرائم تخضع لقانون العقوبات حسب الجريمة التي اقترنت بها سواء تعدي أو ابتزاز أو تهديد سواء إذا كان مكتوبا أو في شكل رسائل هاتفية ففي هذه الحالة يخضع لتطبيق المادة 523 من قانون العقوبات ويصل عقوبته للسجن حتي 51 عاما إذا كان شفهيا فيعتبر جنحة عقوبتها الحبس. عصر الفتوات ومن الناحية الأمنية يقول محمد نور اللواء السابق اننا بانتشار هذه الظاهرة عدنا إلي عصر الفتوات وتعود إلي إنفلات زمام الأمور وقت الثورة فلجأ الكثير من المواطنين لاستئجار أنفار أمن مؤقتين ومع استمرار غياب الأمن عن الشوارع ومع العوامل التي أدت إلي تعميق الفجوة بين الناس والشرطة وأولها عامل الاعلام الذي زج بالفرقة بين المواطن والشرطة واستمر علي ذلك حتي الآن كل ذلك دفع بالظاهرة لأعلي حتي طفت علي السطح في شكل جرائم بالغة الخطورة. تقصير ويؤكد نور أن هناك تقصيرا واضحا من الشرطة والمحليات وشرطة المرافق وغيرها وأن هذه الكارثة التي ستفاجئنا من آن لآخر بانفجار جديد لابد من البحث فورا في أساليب حلها وأولا لابد من دعم الشرطة وإعادة تسليحها بالمعدات والأجهزة والأسلحة المتطورة والمكثفة كذلك لابد من إعادة النظر في رواتب أفراد الشرطة حتي يزيد الاقبال علي هذه الوظيفة التي يعزف عنها الجميع بسبب رواتبها التي لا تغني ولا تسمن من جوع وكانت النتيجة لذلك اننا لدينا 43 ألفا بينما المعدل العالمي من المفترض ان نملك نحو 58 ألف ضابط مقابل ال58 مليون مواطن، أما بالنسبة لأفراد الأمن فنحن في مصر لا نملك عُشر »01/1« النسبة المقررة عالميا والتي نحتاجها بالفعل في ظل التوسع العمراني حتي لا تكون النتيجة لجوء المواطنين إلي استئجار من يوفر لهم الأمن والحماية في صورة الإتاوة أو البلطجة المقنعة.