قبل ما يقرب من شهر نشرت جريدة «الأخبار» تحقيقا عن مشروع تطوير منطقة الأهرامات، خلصنا فيه إلي أن تطوير البشر، من الأهمية بمكان، بحيث يجب أن يأتي قبل تطوير الحجر. كانت الفكرة التي أراد التحقيق توصيلها، هي أنك قد تنفق الملايين علي تطوير الحجر، ثم تأتي سلوكيات البشر، لتحول هذه الملايين إلي غثاء، وهو ما أثبته فيديو بيع حجارة الأهرامات، الذي أحدث جدلا علي مواقع السوشيال ميديا. عمليا، فإنه من الصعب تكسير حجارة الأهرامات، ومن ثم فإنه لا يوجد ضرر وقع علي الأثر، ولكن الرسالة التي أوصلها الفيديو هي أن المنظومة الأمنية تحتاج إلي إصلاح. البداية، كانت مع د.زاهي حواس الامين العام السابق للمجلس الأعلي للآثار، والذي كانت له آراء سلبية ينتقد فيها كثير من السياسات الحالية، ولكنه مع ان هذا الفيديو برأ الأمن والأثريين، وألقي باللوم علي منفذيه. يقول د. زاهي: «من مصلحتي كمسئول سابق أن انتقد سياسات المسئول الحالي، ولكن ما لمسته أثناء زيارتي للأهرامات يوم الجمعة الماضي، في نفس يوم تصوير الفيديو، هو أن المنظومة الأمنية كانت في غاية الصرامة». د. زاهي، الذي كان يرافق 160 سائحا أمريكيا في هذا اليوم أثناء زيارتهم للأهرامات، تابع قائلا: «في الوقت الذي خرج فيه السائحون بإنطباعات إيجابية خلال الزيارة، يأتي هذا الفيديو ليقول لهم، أن انطبعاتكم خاطئة». وأضاف الأمين العام السابق للمجلس الأعلي للآثار: «شاهدت الفيديو جيدا، وهذه الحجارة التي تظهر به، هي حجارة توجد علي الأرض في المنطقة الأثرية، وليست من جسم الهرم، ولا يمكن تعيين حراسة علي كل حجر ملقي علي الأرض في المنطقة» إلا أن بيع تلك الاحجار جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون. منطقة خالية وتتفق مشيرة موسي المستشار الإعلامي لوزير الآثار مع الرأي السابق، مؤكدة أن هذه المغامرة الصحفية هي في حقيقتها مؤامرة، لأن الفيديو تم اختيار تصويره في يوم الجمعة، وفي منطقة خلف الهرم الثالث لا يرتادها السياح، في وقت كان تركيز الأمن منصبا علي التعامل مع العدد الكبير من الزوار الذي زار المنطقة هذا اليوم، لإظهار رسالة سلبية للعالم الخارجي عن ضعف التأمين. وقالت موسي: «المنطقة الأثرية زارها في يوم تصوير الفيديو 260 ألف زائر، وجهود الأمن كانت منصبة علي تأمينهم وحمايتهم، فتم تصوير الفيديو في منطقة بعيدة عن الوجود الأمني». ورغم أن موسي لا تلوم الأمن وتعترف بأنه يؤدي واجبه علي أكمل وجه، إلا أنها خرجت من أن الدرس المستفاد من هذا الفيديو هو تركيز الأمن في تلك المناطق الخلفية التي لا يرتادها الزائرون. وقالت: «مشروع تطوير الأهرامات الذي تم استئنافه مؤخرا، سيراعي تكثيف كاميرات المراقبة في تلك المناطق حتي تكون تحت نظر الأمن في المنطقة». وعن أبطال الفيديو من أصحاب الجمال، نفت المستشار الإعلامي لوزير الآثار، ما يتردد عن أنهم لا يخضعون لرقابة الأمن، وقالت: «هم يعملون بترخيص ومعرفون جيدا لدي الأمن، وليس معني أننا اكتشفنا لاحقا أنهم من ضعاف النفوس الموجودون في كل مهنة، أن نتهم الأمن». وأضافت: «قدرة الأمن علي القبض عليهم بعد دقائق من انتشار الفيديو، تدل علي أن هناك منظومة أمنية محكمة». خيانة عظمي وعلي خلاف الآراء السابقة، يري كاتب علم المصريات والمرشد السياحي بسام الشماع، أن الفيديو يكشف عن تقصير من جهة الأمن والآثار. وقال الشماع: «أبطال الفيديو من المتهمين يجب أن تطبق عليهم عقوبة الخيانة العظمي، لأن من يبيع الأثر لا يقل جرمه علي من يبيع أسرار البلد، لكن في المقابل هناك تقصير سمح لهم بممارسة هذا الجرم». ولفت المرشد السياحي إلي أن سلوك المتهمين في الفيديو يكشف عن أنهم كانوا يتصرفون بأريحية توحي بثقتهم أنهم ليسوا تحت رقابة الأمن، وهذا الأمر ينبغي علاجه من قبل وزارة الآثار والشرطة. ووضع المرشد السياحي حلولا كثيرة للتأمين منها وضع سياج كهربائي غير مرئي حول الآثار، كما هو معمول في كل دول العالم. التطوير هذا الحل الذي قدمه الشماع، لا تتضمنه خطة تطوير المنطقة الأثرية، التي أعلن عنها مؤخرا، ولكن هناك حلا تتضمنه الخطة، وأشار إليه اللواء احمد شاهين مساعد وزير الداخلية لشرطة السياحة والآثار. وقال شاهين: «في التطوير الجديد للمنطقة، فإن الباعة والخيالة سيتم إبعادهم عن منطقة الأهرامات الثلاثة وسيتم ادخال طفطف لنقل السياح». وإلي حين يحدث ذلك الحل الجذري، يقول شاهين إن جميع العاملين بالمنطقه والخيالة والباعة يحصلون علي تراخيص بالعمل من محافظ الجيزة، ومعروفين أمنيا ويجري فحصهم جنائيا وسياسيا، بدليل أن القبض عليهم تم خلال ساعتين فقط». وعزا اللواء علاء السباعي مدير الإدارة العامة لمباحث السياحه والآثار حدوث تلك الواقعة، إلي تعطل بعض الكاميرات أثناء الثورة، وقال: «هذه الكاميرات تقوم وزارة الاثار بإصلاحها، وبخلاف تلك الكاميرات فإن المنطقة مراقبة بالكامل بالكاميرات. وعن تفاصيل تلك الواقعة، قال السباعي إن قسم شرطة سياحة آثار الجيزة تلقي بلاغا من مدير عام المنطقة الأثرية بالهرم تفيد بتداول شبكات التواصل الاجتماعي بعض مقاطع الفيديو التي تتضمن الاتفاق علي شراء أحجار من الهرم لإرسالها لأحد الأصدقاء بالخارج، ومن خلال جمع المعلومات والتحري حول الواقعة تبين صحتها. وأضاف: «علي الفور تم تشيكل فريق بحث أسفرت جهوده أن وراء تلك الواقعة ثلاثة متهمين، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبطهم وبمواجهتهم اعترفوا بجريمتهم». تأمين 24 ساعة قال د. مصطفي أمين، أمين عام المجلس الأعلي للآثار إن الأمن مُوجود بصفة دائمة بمنطقة الأهرامات الأثرية.. ولكن لا يمُكنه الوجود في مكان واحد باستمرار، خاصة أن مساحة الأهرامات وأضلاعها كبيرة جداً، وأن السيطرة عليها شيء ليس بالسهل. ولفت الأمين العام إلي أن منطقة الأهرامات مؤمنة بالكامل وعلي مدار 24 ساعة. حيث يُغطي المنطقة 198 كاميرا مُراقبة إلكترونية، موزعة علي الأسوار والمداخل والمخارج والأهرامات، وتقوم بالتسجيل والمراقبة من خلال غرفة التحكم المركزي علي مدار اليوم.. بالإضافة إلي العُنصر البشري فهناك 200 فرد أمن مدني من خفر وأفراد ومُشرفين من الآثار، و305 مفتشين أثريين يقومون بالمرور اليومي، لإحكام السيطرة الأمنية، والأثرية داخلياً علي 10 مواقع أثرية .. بالاضافة إلي المُخبرين السريين، وضباط وزارة الداخلية.