مرت أكثر من عشر سنين علي صدمة فراقها أو لغز رحيلها أو وهو الأهم في نظري احساسنا أنه لن يكون هناك مزيد من ابداعها الفني الذي سيطر علي قلوب الملايين منذ أن شاهدناها وهي عمرها 61 سنة ومحرم فؤاد يغني لها »رمش عينة« في أول أفلامها »حسن ونعيمة« عام 8591! ومنذ الفيلم الأول تعلقت الجماهير بسعاد حسني وفي خلال عامين أثبتت سعاد أنها عاشقة للكاميرا وأن الكاميرا أيضاً تعشقها وأن الممثل القوي يقول كلام الديالوج بعينه قبل لسانه. وازداد تعلق جماهير السينما بها عندما ظهرت في دور أخت عبدالحليم حافظ في فيلم »البنات والصيف« عام 0691 وانطلقت سعاد كالصاروخ في عدة أدوار كوميدية خفيفة برعت فيها »جناب السفير مال ونساء مفيش تفاهم صغيرة علي الحب« عملت فيها مع كبار المخرجين وأمام كل نجوم السينما الكبار ثم استطاعت أن تقدم مرحلة جديدة بعدة أدوار رائعة ومتعددة »نادية القاهرة 03 زوزو الكرنك الزوجة الثانية بئر الحرمان أين عقلي« وهي كلها أدوار خالدة وصعبة ومختلفة عن كل نوعية الأدوار الخفيفة التي برعت فيها بلا شك والتي تسببت في أن يطلق عليها الكاتب اللبناني الكبير محمد بديع سربيه لقب »سندريلا الشاشة«!!. وقد كان لي حظ أن أعمل مع سعاد حسني في ثلاثة أفلام من الأفلام الشبابية التي قدمتها ببراعة وأصبحنا أصدقاء كثيراً ما نلتقي ونلعب لعبة »أفلام بدون كلام« والتي قدمتها بعد ذلك في حلقات ناجحة جداً 4 سنوات متتالية في رمضان« وازداد تصداقتنا في الفترة التي كانت فيها شرارة الحب بينها وبين عبدالحليم في قمتها وكان العندليب يغار عليها بشدة وأحياناً يأخذ أي حد من الشلة في سيارته ليبحث عنها لو كان تليفونها لا يرد اذ ربما تكون عند احدي صديقاتها تلعب »كومي أو بوكر«!!. وعندما عرض آخر أفلامها »الراعي والنساء« في مهرجان الاسكندرية السينمائي عام 1991 أجمعت لجنة التحكيم علي اعطاء سعاد حسني جائزة التمثيل الأولي وحضرت سعاد من القاهرة بعد إلحاح رئيس المهرجان وكل محبيها علي ضرورة تواجدها لتأخذ الجائزة.. وفي آخر لحظة ولسبب لا يعلمه أحد أخذت سعاد حسني »جائزة لجنة التحكيم الخاصة عن مجمل أعمالها« وذهبت جائزة أحسن ممثلة إلي زميلة أخري وتردد وقتها ان دي تعليمات من الوزير!. وأصيبت سعاد بإحباط شديد.. وجلست في قاعة حفلات الفندق بجوار الفنان أحمد زكي الذي »شاركها في عدة أفلام رائعة وفي مسلسل هي وهو« وكنت أنا نجم الحفل الساهر الذي أعقب توزيع الجوائز.. وعندما عزفت فرقتي المقدمة الموسيقية لدخولي علي المسرح وبدأت أغني.. نظرت إلي سعاد وأدركت ما تعانيه.. فأوقفت عزف الفرقة وتوجهت إليها والميكروفون في يدي وقلت لها: سعاد حسني عندها ملايين الجوائز.. جائزة حب ملايين من الجمهور اللي بيحبك. وصفق الحضور بشدة وأخذت الفرقة تعزف موسيقي أغنية »بمبي.. بمبي« وازداد تصفيق الجماهير ونزلت من علي المسرح وجلست علي الأرض أمامها وأعطيتها الميكروفون وبدأت سعاد تغني وهي خائفة ثم اندمجت وأصبح صوتها أكثر وضوحاً.. فأخذتها من يدها وصعدنا علي المسرح وانطلقت سعاد تغني وأنا بجانبها والجماهير تردد معها مقاطع الأغنية ثم صعد أحمد زكي علي المسرح وأخذ يصفق لها وبعدها صعدت يسرا وإلهام شاهين ثم بعض أعضاء لجنة التحكيم من المصريين والأجانب أيضاً.. ووقفوا جميعاً خلف سعاد وهي تغني بعذوبة ورشاقة حركة علي المسرح وكنت أنا في غاية السعادة لأنني أردت أن أرد لها ثقتها في نفسها وأرد لها اعتبارها بعد ما عبثت بعض الأيادي أو »اللهو الخفي« بجائزة التمثيل الأولي لتذهب إلي زميلة أخري »مش هقول اسمها«!. دي حكاية من حكاياتي الكثيرة مع سعاد تذكرتها ونحن نتذكر يوم 12 يونيو يوم المأساة وبالمناسبة ده يوم ميلاد حليم.. حبيب القلب.. »يعني حته فيلم هندي ما حصلش مش كده!«. هل حقاً مرت كل السنين دي علي فراقها؟ أقول فراقها وليس رحيلها.. فالفنان بفنه لا يرحل أبداً.. ولكن فعلاً مرت سنين علي يوم 12 يونيو التاسعة مساء.. مبني ستيوارت تاور »لندن« ذلك اليوم الحزين الذي تركتنا فيه كما تركنا أيضاً في لندن حبيب قلبها عبدالحليم حافظ في مارس 7791.. رحلت يوم ميلاده.. وفي لندن أيضاً.. »فيلم هندي رائع« ولكني مازلت أراها يومياً من خلال أفلامها وأدوارها الخالدة.. مازلت أسمع رنة تليفونها الموبايل.. »أنا زوزو.. النوزو.. كوانوزو سيب نمرتك بعد الصفارة«.. كانت سعاد تحب أن يناديها المقربين قوي منها ب»زوزو« من كترجها لدورها في هذدا الفيلم الذي استمر عرضه سنة كاملة. ولسة لي مع »زوزو« حكايات وحكايات!.