هل تكون ايطاليا المحطة القادمة لضربة داعشية قادمة من ليبيا بعد تزيين مدخل مدينة سرت الليبية ب «رايات التوحيد الداعشية» وفقا لإعلام التنظيم ، دخلت الحرب علي تنظيم داعش مرحلة جديدة أكثر خطورة بعد أن بدأت ليبيا تحصد نتاج سنوات من عدم الاستقرار وسيطرة الميليشيات المسلحة المختلفة علي مناطق متفرقة جعلتها منقسمة بين حكومتين احداهما في طبرق والاخري في طرابلس بالاضافة إلي جماعات اخري مسلحة قسمت ليبيا فعليا لدويلات خاضعة لسيطرتها بين شرق وغرب وجنوب. وأمام هذا الواقع المأساوي الجديد المتمثل في اعلان سرت عاصمة لداعش في ليبيا بعد ان وجد فيها التنظيم البديل المثالي كمنصة جاهزة ومؤمنة لانطلاق عملياته الارهابية بعيدا عن سورياوالعراق المحاصرتين بقوات دولية، أصبح المصير الحتمي لليبيا هو دخولها لدائرة الحرب العالمية علي الارهاب. بعد ان فشلت كل من المخابرات الأمريكية والبريطانية والفرنسية المنتشرة في ليبيا في منع داعش من التغول واعلانها عن وجود عاصمة ثالثة للتنظيم. وبعد ان فشل التصعيد العسكري الأمريكي وغاراته علي ليبيا في القضاء علي مخطط التنظيم لايجاد عاصمة بديلة في حال تدهور الاوضاع في الرقة والموصل. كانت امريكا قد اعلنت هذا الشهر انها نفذت غارة جوية قتلت فيها أحد قادة التنظيم المعروف بأبو نبيل واسمه الأصلي وسام نجم الزبيدي. وتعتقد أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن أبو علي الأنباري أحد أكبر قيادات داعش، وهو ضابط عراقي سابق في جيش صدام حسين، قد وصل أخيرًا إلي ليبيا عن طريق البحر لقيادة التنظيم في ليبيا بعد ان زاد عدد مقاتلي داعش من 200 العام الماضي إلي 5000 مقاتل الآن وفقا للمخابرات الليبية. تكمن خطورة سيطرة تنظيم داعش علي سرت في موقع المدينة الهام استراتيجيا حيث إنها ستتيح لداعش التمدد شرقاً وهزيمة تنظيم «القاعدة» الذي يسيطر علي غالبية المناطق الواقعة شرق ليبيا بعد ان انشق الكثير من اعضائه وبايعوا البغدادي. كما لن يجد التنظيم صعوبة في السيطرة علي الجنوب في اتجاه الحدود المشتركة مع الجزائروتونسوتشاد ومالي، في ظل وجود تنظيم القاعدة في هذه المناطق. وبعد الانتهاء من الشرق والجنوب ستكون المعركة الاكبر للاستيلاء علي المناطق الليبية الأخري مثل مدينة طرابلس ومن ثم القيام بعمليات ارهابية جديدة تستهدف دول الجوار وعلي رأسها تونس ومصر والجزائر، وبمساعدة جماعة بوكو حرام يمكن الاستيلاء علي مناطق جديدة في تشاد ومالي. فضلا عن التهديد المباشر للسواحل الأوروبية القريبة من ليبيا وامكانية تنفيذ المزيد من العمليات الارهابية بعد عبور البحر المتوسط. وقد حذرت الأممالمتحدة في تقرير جديد من تنامي نفوذ داعش في ليبيا بعد إعلان سرت عاصمة للتنظيم واستمرار استقطابه لمقاتلين جدد بالإضافة لتدفق مقاتليه من سورياوالعراق بعد اشتداد المعارك هناك.وكيف ان سقوط سرت معقل الرئيس السابق معمر القذافي يعيد إلي الاذهان سقوط الموصل بمعاونة انصار صدام حسين الذين دعموا التنظيم في العراق. وتشير التحليلات إلي أن اعلان سرت عاصمة لداعش ليس شيئا مفاجئا فمنذ اشهر طويلة والتنظيم يدعو مقاتليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتوجه إلي ليبيا وفقا لتوجيهات البغدادي الذي دعا أتباعه للانتشار خارج سورياوالعراق وقد سافر نحو 800 مقاتل من العراقوسوريا إلي ليبيا لهذا الغرض. كما أرسل البغدادي عددا من نوابه إلي هناك علي فترات متقاربة لتدريب وتجنيد المزيد من الاتباع من بينهم ابو نبيل الانباري الذي قتل قبل اسبوعين بغارة امريكية كما يتواجد هناك الجهادي البحريني تركي بنالي والداعية المثير للجدل حسن كرامي وابو محمد صفاقسي. أما زعيم التنظيم في ليبيا فهو أبو المغيرة القحطاني (وفقا لمجلة داعش الصادرة بالإنجليزية والتي لم تذكر رتبته في التنظيم او جنسيته).وقد استقطب التنظيم عدد كبير من المقاتلين من شمال افريقيا ومن دول مصر واليمن ومالي وفلسطين وتونس والسودان ويوجد 200 من جماعة بوكو حرام يدربون المقاتلين الجدد في سرت. بينما اشار تقرير الاممالمتحدة ان هناك قلة من الليبيين التحقوا بصفوف التنظيم بسبب مرتباته المجزية. بينما تحمل التنظيمات الجهادية في ليبيا ذنب ظهور داعش وعلي راسها الجماعة الإسلامية بقيادة عبد الحكيم بلحاج، المتهمة بنقل مئات المقاتلين من سوريا إلي ليبيا والتي لا تزال تدعم مجموعات في صبراته غرب البلاد يشتبه بعلاقتها بداعش حيث تقيم معسكرات تدريب بوسط المدينة وأطرافها لأجانب. وفي الوقت نفسه يؤكد المحللون ان مهمة التنظيم في ليبيا لن تكون سهلة حيث يواجه مقاومة شرسة من الليبيين مع صعوبة ابرام تحالفات مع الاحزاب الموجودة بالاضافة لصعوبة تأجيج صراع طائفي بين الليبيين كما حدث في العراقوسوريا لان غالبيتهم من السنة. كما ان الصراع مع القاعدة لن يكون بهذه السهولة فالقاعدة اخرجت داعش من مدينة درنة التي استولت عليها لمدة 8 اشهر. وكذلك ستكون المعركة علي اجدابيا التي يحاول التنظيم السيطرة عليها في الشرق. وخلافا لما يحدث في العراقوسوريا لايزال داعش يعتمد علي الضرائب في ليبيا حتي اشعار اخر فهو لم يسيطر بعد علي اي من مصافي النفط الليبية ولكنه يسعي لذلك. ف «سرت» هي البوابة للعديد من حقول النفط الكبري والمصافي الواقعة شرقا علي الساحل. وبعيدا عن واقع وجود عاصمة جديدة للتنظيم في ليبيا هناك واقعا اخر اكثر خطورة تحدثت عنه فوكس نيوز الامريكية التي زعمت ان التنظيم يقوم بتدريب طياريين في احدي مطارات ليبيا علي القيام بعمليات ارهابية وذلك علي متن طائرات صغيرة تعود لفترة حكم القذافي موجودة في مطار سرت. وهو ما دعا المسئوليين في اوروبا للقول ان قواتهم عليها ان تنظر في الاتجاه الاخر نحو ليبيا التي أصبحت تمثل خطرا مباشرا علي أمن اوروبا. د. رضوي عبد اللطيف