لماذا يغضب المسئولون من الإعلام.. لماذا يرون النقد إثارة وهدماً.. لا إنارة وكشف للحقائق ومساعدة للدولة في الالتفات لسلبيات ومشكلات قد تكون غائبة عنها.. أقول هذا بمناسبة ما يحدث هذه الأيام من ثورة علي الإعلام والإعلاميين.. واتهامهم بالتركيز علي السلبيات والمشكلات.. وتجاهل «الأخبار السعيدة «.. فحينما تكشف الصحف والبرامج هذه الأيام حوادث متكررة لسطوة بعض رجال الشرطة واستغلال نفوذهم ضد الأبرياء.. يغضب البعض ويتهم الإعلام بتشويه صورة رجل الشرطة.. وإثارة الفتن والبلبلة.. والحقيقة أنهم ينظرون بنصف عين لا تريد رؤية الصورة الكاملة.. وأنهم لم يتعلموا شيئا من دروس السنوات الماضية فالاخفاء هو الذي يهدد بالفتن والبلبلة.. وكشف الأخطاء هو تنبيه وانذار للتحرك قبل فوات الاوان. وحينما يتحدث إعلاميون عن تقصير الأزهر في مواجهة الأفكار المتطرفة.. وتقصيره في التصدي لفتاوي قديمة وحديثة تدعو للعنف وتستند لأحاديث موجودة بالفعل.. وتقصيره في تقديم التفسير الحقيقي لهذه الأحاديث.. هنا أيضا لا نجد من رجال الأزهر إلا رؤية واحدة منقوصة لا تحمل سوي غضبهم من التجرؤ علي علماء الأزهر.. وعلي كتب التراث.. واتهام تقليدي بإثارة الفتن والبلبلة وهدم الثوابت.. بينما يتجاهلون النصف الأهم وهو مطالبتهم بالدراسة والتقييم والتجديد الخطابي وإصلاحه قبل فوات الأوان.. وأمام هذه النظرة السلبية للإعلام.. هناك مسئولون آخرون يقدرون دوره.. وقد شعرت بسعادة كبيرة حينما أعلن الإعلامي وائل الابراشي في برنامجه أن د. سعد الجيوشي رحب بإجراء الحوار معه كفرصة ليستعين بالإعلام لمعرفة رأي المواطنين في قرارات ينوي اتخاذها لإصلاح احوال القطارات.. إيمانا منه بدور الإعلام. تعلمنا من أستاذنا الكبير مصطفي أمين أن المواطن ليس قاصرا ولا يحتاج إلي وصي.. فمن حقه أن يعرف كل الحقائق بدون تزييف.. فيفكر ويقيم.. ويحكم بنفسه. وأنا أري أننا أحوج ما نكون الآن إلي حرية الإعلام.. فمع حرية الإعلام يمكن تفادي الكثير من الأخطاء والخطايا.. يمكن حماية الأبرياء من أصحاب النفوذ القوي والنفوس الضعيفة.. يمكن تسليط الضوء علي ما يحدث في الظلام حتي يتردد الفاسدون في ارتكاب جرائمهم..وعقد صفقاتهم المشبوهة.. الإعلام إنارة لا إثارة.. والإنارة تهدي وتكشف.. وتفضح أحيانا.. لا نريد أركانا مظلمة.. ففي الظلام كل شئ مباح.