الاختلاف، الخلاف، التباين،..، لاينبغي النظر إليها سوي أنها من طبائع الامور، بل انها من سنن الحياة، ولو شاء ربكم لخلقكم علي صورة واحدة، لكن الانسان لم ولن يكون «اسطمبة»، وضمن الاشارات الالهية لتكريمه، تفرده، من ثم فإن عدم إدراك هذه البديهية يقود إلي الشك المرضي في الآخر، وصولا إلي الرمي بالخيانة. بات التراشق بتهمة الخيانة أمرا معتادا، وتفاقم ذلك بعد 25 يناير، ثم 30 يونيو، وكأنه ڤيروس يوجه ضرباته بلا رادع من قانون أو اخلاق. خلال يومين فقط، واقعتان احداهما تعرض فيها شخص للتهمة، وفي الاخري ألصقت الخيانة بتيار يشارك بقائمته في المرحلة الثانية من الانتخابات. بطل الواقعة الأولي د. عبدالمنعم أبوالفتوح الذي أختلف معه تماما في اطروحاته، إلا أن وصمه بالخيانة لأنه طالب بانتخابات رئاسية مبكرة يعكس استسهال من رأي في تفنيد مقولته، ودحضها البديل الاصعب، ونسي انه يفتح طريقاً ممهداً ليقدم أبو الفتوح نفسه ضحية للخلاف في الرأي، رغم تهافت ما ذهب إليه، كما ان من استسهل قدم كذلك فرصة ذهبية إلي كل من يوجه سهامه لمصر وتجربتها في الانتقال الديمقراطي. في الواقعة الثانية اطلقت تهاني الجبالي منسق قائمة التحالف الجمهوري التهمة صوب نظيرها علي رأس قائمة «في حب مصر»، ومن ثم بدأ تراشق تجاوز طرفاه كل الاعراف والحدود، في مشهد يجعل بعض من ينتمون للنخبة «فرجة» للجميع . نموذجان يدللان علي الافتقار للحكمة أو إعمال المنطق السليم، أو القدرة علي مواجهة الرأي بالحجة، ولا عزاء لوطن فقدت فيه نخبته ما تنصح به الغلابة في أوقات البهجة !