شاهد العالم كله إجراء انتخابات الرئاسة الفرنسية التي جاءت شفافة وقمة في النزاهة وسارت بهدوء في مرحلتيها ورغم خسارة نيكولاي ساركوزي منصبه وهو علي قمة السلطة فلم يمنعه ذلك من أن يكون أول المهنئين لغريمه الفائز فرانسوا أولاند دون إدعاء بالتزوير أو اتهام بالتزييف رغم الفارق الضئيل بين أصوات كل منهما. ولم نشهد قذفا او تجريحا لأي مرشح ولم تقع مخالفة انتخابية واحدة.. فمتي نصل إلي انتخابات رئاسية مصرية علي الذطريقة المصرية؟ في رأي الدكتور رأفت فودة أستاذ القانون العام بكلية حقوق القاهرة ان هذا الحلم صعب التحقيق في الوقت الحالي ولكنه ليس عزيز المنال علي مدي أطول حينما نجتاز المرحلة الراهنة ويزداد الوعي السياسي لدي افراد المجتمع وترسخ عوامل الديمقراطية وتحسن كل القوي استخدام آلياتها. أما الآن ونحن لم نتخلص تماما من الماضي وآثاره، ومازالت الشخوص المؤثرة علي الساحة هي نفس الشخوص وهي اللاعب الرئيسي الذي يوجه الناخبين فمن الصعب أن نصل إلي مستوي الانتخابات الفرنسية في الزمن المنظور. وان كانت هناك بوادر مطمئنة تمثل طاقة أمل لمسناها في الانتخابات التشريعية الماضية رغم ما شابها من مخالفات وما نراه من حراك سياسي ورغبة في ان يخرج الشعب من اساره الذي وضعه فيه النظام السابق ليملك زمام الحرية والديمقراطية في بلده. متطوعون لإجراء الانتخابات ويشرح ان فرنسا - مثلا - لا تتحدث ابداً عن تزوير الصناديق او تزييف ارادة الناخب فهذا غير معروف هناك ولكن اذا استقدم المرشح ناخبا بأي وسيلة لمقر الانتخابات فهذه مخالفة جسيمة تستدعي الغاء اصوات هذا المرشح قانونا.. واذا ثبت ان هناك هدايا من المرشح لناخب واحد فقط فهذه جريمة كبري تستدعي الابعاد من المنافسة الي جانب العقوبة الجنائية. ويكمل الشعب الفرنسي راسخ في الديمقراطية وافراده هم الذين يجرون الانتخابات وتحت اشرافهم ولا دخل للقضاة بذلك نهائيا فالمواطنون الراغبون في أداء هذا العمل الوطني مجانا يختارهم المجلس البلدي والبوليس المحلي مهمته تنحصر في نقل استمارات الاقتراع وتسليمها للمواطن المسئول عن اللجنة الفرعية ثم العودة بعد انتهاء التصويت وتسلم الصناديق منه لينقلها الي اللجنة العامة بمقر البلدية حيث يفرزها متطوعون آخرون ليعلن رئيس البلدية النتيجة في اقليمه ويرسل صورة منها للجنة الانتخابات الرئيسية وهي المجلس الدستوري الدائم المشرف علي كل انتخابات والذي يلزم لنا مجلس مثله وليس لجنة يتغير اعضاؤها وتتعدل مهامها في كل انتخابات. ويقترح د. فودة للوصول إلي انتخابات متقدمة ديمقراطياً ان نعمق معني الديمقراطية الحقيقية في نفوس النشء بإعادة مادة التربية الوطنية للمدارس وتضمينها المناهج الاجتماعية والحقوق المدنية فنخلق مواطنا جديدا نبدأ معه من القاعدة للقمة وبالنسبة للانتخابات علينا التشدد في عقاب من يرتكب مخالفات محظورة وان نتوقف عن التشكيك في لجنة الانتخابات الرئاسية لان اعضاءها فوق كل شك وسلمنا لهم راية العدالة الدائمة وليس فقط الاشراف علي الانتخابات المؤقتة. ضرورة الصمت الانتخابي ويتفق المستشار أحمد الخطيب رئيس محكمة مع الرأي السابق في انه من الصعب عقد مقارنة بين التجربة المصرية في الانتخابات وتجربة فرنسا الراسخة في ممارسة الديمقراطية ولكنه يري ان هناك مؤشرات يمكن الاستدلال بها علي الطريق الذي يوصلنا إلي نسخة مقبولة من الانتخابات التي شاهدناها في فرنسا.. منها ان يتوقف المرشحون وانصارهم عن النيل من المرشحين الآخرين وقذفهم بالمساوئ والتعرض لحياتهم الشخصية ومحاولات إلصاق التهم بهم، لأن ذلك ليس منافسة انتخابية شريفة بل هو جريمة سب وقذف، كما انه يجب علي جميع المرشحين وأنصارهم وكافة الاطياف المتناحرة التوقف عن المسارات التصادمية ونبذ العنف وتعطيل الحياة اليومية واعلاء المصلحة العليا للوطن بالتوجهات التوافقية. كما انه يجب علي الجميع في هذه المنافسة الانتخابية للوصول إلي مقعد الرئيس القبول بالآخر والرضاء بالتنافس الحر وبإنهاء حالة الانقسام السياسي السائدة الآن التي تؤثر في سلوكيات الافراد وتدفع الي حراك شعبي سلبي في كثير من الاحيان. وعلينا ايضا لكي نصل إلي انتخابات نرضي عنها وتشيد بها الدول التي تنظر إلي مصر في هذه الظروف أن نحرص علي ان تكون مناقشاتنا ومناظراتنا موضوعية تتجه إلي القضايا المستقبلية والمشاكل التي يعاني منها المواطن وما هو البرنامج الذي يحل هذه المشاكل ويواجه تلك القضايا لا أن نتعرض لماضي كل مرشح ونحاول النبش في خباياه حتي ولو كانت شخصية. ولابد أن ننتبه إلي الابتعاد عن مخاطبة الجوانب الدينية لدي الناخب فكلنا ابناء وطن واحد بالرغم من اختلاف عقائدنا والرئيس القادم رئيسنا جميعا سننتخبه كلنا مع اختلاف توجهاتنا وهذا لن يؤثر فينا او يفرق بيننا. ومن المهم جدا في هذه المرحلة الفاصلة ألا نقبل ابدا بالمشروع الذي اقترحه مجلس الشعب بتعديل نص القانون فيما يتعلق بفترة الصمت الانتخابي وان نحرص علي احترام هذه الفترة المهمة للناخب ليلتقط فيها انفاسه ويعيد حساباته ويقرر قراره في هدوء كما يحدث في كل دول العالم المتقدم ولابد ان نبقي علي العقوبة لمن يخرق فترة هذا الصمت الانتخابي لان ذلك - كما نشاهده نحن القضاة - يؤثر بشدة علي الناخبين ويربك العملية الانتخابية ويتسبب في كوارث تدمر نزاهة الانتخابات. البعد عن التشكيك ويقول محمد فائق نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ووزير الإعلام الأسبق والسياسي المعروف انه يجب التزام الجميع بالقانون ومبادئ الاخلاق وان نحترم الخلاف في الرأي وضرورة الحوار الوطني الذي يضمن الانتقال الي مرحلة الاستقرار والامن والتنمية باعتلاء الرئيس الذي ننتخبه مقعده ومباشرته مهامه وعلي الجميع حينئذ ان يقبل النتيجة الديمقراطية ونمضي جميعا صفا واحداً معه لنعمل لصالح الوطن وليس لصالح جماعات أو احزاب او توجهات. وبانتهاء العملية الانتخابية تنتهي المنافسات التي يجب ألا تخلف خصومات ولا أن تفرق بيننا ولندرك جميعا ان عملية الانتخاب عملية بناء للوطن باختيار الرئيس وليس عملية هدم بتوسيع العداوات. ويشير إلي ان موروثنا الحضاري يؤكد ان انتخاب الرئيس سيثبت أصالة شعبنا لأن المؤشرات المبدئية تدل علي ذلك واخصها الانتخابات التشريعية التي مرت بسلام واشاد بها العالم رغم كل التخوفات التي انطلقت قبلها وعلي الجميع التوقف تماما عن التشكيك في نزاهة الانتخابات وادعاء تزويرها وتزييف ارادة الشعب وهذا معناه ان من لا يجتاز هذه الانتخابات سيعلن انه سبق واعلن انها مزيفة وهنا مكمن الخطورة حيث سيكون ذلك طعنا في رئيس شرعي جاء باختيار شعبي.. لذلك ندعو لوقف هذه النغمة فوراً. وعلي الاعلام ان يحسن الأداء وان يكون وسيلة توعية صحيحة للشعب، كما ان جهات استطلاع الرأي ونشره علي الجميع تقوم بعمل مهم جدا يوجه الناخب وجهة معينة ومع اقتناعنا ان آليات استطلاعات الرأي عندنا غير دقيقة وليست في مستوي الدول المتقدمة الا اننا نرجو ان تلتزم بالمعايير العملية وتبعد عن التوجيه الخاطئ وتكون محايدة تماما وتقدم نتائج سليمة ومعبرة عن حقيقة الرأي العام واقرب ما تكون إليه لاهمية دورها. واخيرا فهو متفائل بمستقبل مصر وبأننا سنصل جميعا إلي ما نصبو إليه وستتحقق احلامنا المشروعة بجهدنا وعملنا الدؤوب. مراقبة مجتمعية فعالة اما محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي فيري ان السبب في تقدم المجتمعات الأوروبية وبعض دول آسيا وافريقيا في مجال الانتخابات انها قطعت شوطا في ممارسة الديمقراطية وان لديها تداولاً حقيقياً للسلطة ولا توجد عراقيل أو تعقيدات توضع امام المرشحين وعلينا ان نفعل ذلك لنحقق حلم الانتخابات النزيهة التي نتطلع اليها. ويؤكد ان ذلك كله يلزمه أيضا ان يقبل المرشحون نتائج الانتخابات برضا وان يهنيء من خسرها الفائز بها. ولكي يحدث ذلك فلابد من شفافية للعملية الانتخابية وان توجد ضمانات كافية لإدارتها وان تكون القوانين المنظمة لها واضحة للجميع. وأخيرا هو يرجو من المرشحين وانصارهم عدم شحن الجماهير واخراجهم عن الشعور بالمواطنة وألا يخرجوا عن القوانين ويتقبلوا النتيجة النهائية بروح رياضية وحس وطني يحترم إرادة الشعب ويحفظ للوطن مصالحه. حلم سهل التحقيق ويعلن المستشار عادل فرغلي نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم القضاء الإداري الاسبق ان الحلم الذي يراه البعض بعيدا هو في متناول يدنا بفكر واع نتبعه وجهد بسيط نبذله خاصة ان انتخاب رئيس الجمهورية أيسر وأدق من الانتخابات التشريعية لان الفائز فيها سيكون واضحا تماما بحصوله علي ملايين الاصوات وهو ما يدحض فكرة ان هناك تزويرا سيحدث خاصة مع الفرز الذي تقرر ان يكون في اللجان الفرعية وعلينا ليتحقق حلمنا ان تدعم الاحزاب والمناصرون مرشحهم دون مخالفات للقانون أو خروقات للنظم. أهمية دور الإعلام ويري رئيس حزب الأصالة اللواء عادل عبدالمقصود عفيفي عضو مجلس الشعب ان الاعلام هو الضامن الاكبر لاخراج العملية الانتخابية في صورة مشرفة لمصر وشعبها وإظهارها للعالم علي حقيقتها التي يؤكد انها ستبتعد عن التزوير او التزييف كما يدعي البعض، لانه يراهن علي الاصالة والمخزون الحضاري لدي الشعب المصري، ويشترط لقيام الاعلام بدوره المطلوب منه والذي ينتظره المواطنون ان يمنح الحرية كاملة في متابعة الانتخابات في كل مكان وان يفعل دوره وان تتعاون معه كافة الجهات الرسمية والاهلية والمواطنون.