موقع العقار المنكوب بعد انهياره الناجون يروون ل«الأخبار» لحظات الرعب والألم:عزيزة» سقط بها السقف علي جيرانها.. عادل: فقدت أمي مرتين مع شروق شمس يوم جديد..كان يتجدد الأمل لدي سكان ذلك البيت القديم في أبي قير شرق الاسكندرية.. بتحسن حياتهم لينجوا من خط الفقر.. إلا أن القدر كان يكتب لهم شيئا آخر.. فبمجرد استيقاظهم طلباً لرزقهم باغتهم الموت. مخالب الفقر والإهمال الحكومي كانت قد غرست أنيابها في جسد البيت العتيق.. تشرب مياه الأمطار التي نسيت الحكومة تجفيفها من بيوت الفقراء..فتهاوي وأنهار فوق رؤوسهم ليقتل أحلام أهل البيت الغلابة. فعلي بعد أمتار قليلة من شاطيء البحر بمنطقة أبو قير، استيقظ أهالي حارة الإمام مالك علي كارثة مروعة بعد انهيار أحد منازلها القديمة الذي يقطن طوابقه الثلاث 11 شخصا من أبناء الحي الفقير.. ليدفن تحت أنقاضه 3 منهم وينجو 8 آخرون تم نقلهم للمستشفيات. البداية بتلقي اللواء أحمد حجازي، مدير أمن الإسكندرية، إخطارا من قسم شرطة ثان المنتزه، يفيد سقوط عقار بمنطقة أبو قير، انتقلت قوات الدفاع المدني لموقع الحادث لرفع الأنقاض وانتشال الضحايا والمصابين. وأمام المدخل الضيق للحارة توقفت جميع المعدات بعد أن فشلت في دخول الحارة والوصول للعقار المنهار، لتبدأ قوات الدفاع المدني في رفع الأنقاض بالمعدات والآلات اليدوية، مما صعب من مهمتهم، وسط صرخات الأهالي والجيران الذين بادروا بالمشاركة في عملية الإنقاذ. وفي الساعة العاشرة والنصف صباحا، نجحت قوات الدفاع المدني في رفع الأنقاض وإنتشال 3 جثث و8 مصابين من سكان العقار، قبل وصول الدكتورة سعاد الخولي، القائم بأعمال محافظ الإسكندرية، والتي تفقدت أنقاض العقار وأمرت بصرف 5 آلاف جنيه لكل أسرة من المتضررين. جثث ومصابون ومن جانبه، أعلن الدكتور إبراهيم الروبي، مدير إدارة الطوارئ بمديرية الشئون الصحية بالاسكندرية، أن حصيلة ضحايا العقار المنهار، بلغت 3 قتلي هم ليلي علي حسن «40 سنة»، وسما ابراهيم حسن «4 سنوات»، وهناء نصير محمد» 39 سنة»، تم نقلهم لمشرحة مستشفي أبو قير العام. وأضاف»الروبي» إن المصابين الثمانية بينهم 3 حالات إصاباتهم خفيفة تم نقلهم إلي مستشفي أبو قير وهم سماح سعيد أحمد» 17سنة»، وسعيد أحمد «56 سنة» يعاني من إصابات بفروة الرأس، وعزيزة محمد «65 سنة»مصابة بجرح ردي بالجبهة الخلفية بفروة الرأس واشتباه كسر بالحوض. وأوضح أنه تم نقل 5 مصابين حالتهم خطيرة إلي المستشفي الأميري الجامعي وهم عادل مجدي الشحات «18 سنة» مصاب بكسر في الذراع اليمني واشتباه ما بعد الإرتجاج، وإبراهيم حسن محمود «37 سنة»مصاب باشتباه بكسر في الفك وجرح في فروة الرأس، و3 أشقاء هم شهد إبراهيم حسن «5سنوات «مصابة بكسر مخفف بالجمجمة وكدمة بالمخ، وحسن إبراهيم حسن «6 سنوات» مصاب باشتباه ما بعد الارتجاج وجنة إبراهيم حسن» 4 سنوات». زلزال عزيزة «الأخبار»التقت الناجين وأسرهم ليرووا مأساتهم.. البداية كانت داخل مستشفي أبو قير العام والذي يقع علي بعد أمتار قليلة من العقار المنهار، حيث عم الصراخ والعويل أروقة المستشفي، وتحديدا أمام مبني المشرحة حيث ترقد الجثث الثلاث. ومن داخل قسم الجراحة بالمستشفي، استلقت الحاجة عزيزة محمد يوسف»65 سنة» علي أحد الأسرة غير مصدقة ما مرت به داخل منزلها، حيث قالت:» أعيش في الطابق الثالث والأخير من المنزل.. رغم أني أم ل 7 أبناء.. 4 ذكور و3 بنات.. ولكن جميعهم تزوجوا وتركوني بمفردي فالشقة لم تعد تسع لأحد لأنها عبارة عن غرفة واحدة فقط «. وأضافت «عزيزة»:» صحيت من النوم علي هزة عنيفة في البيت اعتقدت أن فيه زلزال.. وقبل أن أقوم من فراشي وجدت السقف انهار وسقطت معه حتي الأرض ولم أشعر بنفسي إلا في المستشفي بعد أن نقلني أهل الحارة». وداخل قسمي الأشعة والاستقبال بالمستشفي نفسها، تنقل جارها سعيد أحمد سليمان ونجلته «سماح» لتلقي العلاج دون أن يدري بوفاة زوجته تحت الأنقاض، بعد أن أخفي عنه الجميع النبأ الحزين حتي يسترد عافيته ويفيق من الصدمة التي منعته عن الكلام. وبالانتقال للمستشفي الأميري الجامعي، حيث يرقد الناجون من ذوي الإصابات الخطرة علي الأسرة البيضاء التي صبغتها دماؤهم باللون الأحمر، وبجاورهم تجمع أهلهم يواسونهم بجمل خادعة عن سلامة جميع أفراد أسرتهم وهم يخفون دموعهم. في الغرفة الأولي يرقد 3 أشقاء صغار هم شهد «9 سنوات»، وحسن «6 سنوات»، وجني إبراهيم «4 سنوات»، لايدرون ولايعلمون بوفاة أمهم هناء بائعة البطاطا الطيبة التي كانت تشقي عليهم كل صباح، وشقيقتهم سما «5 سنوات»التي ذهبت هي الأخري في أحضان الأم هناء ليضيع الهناء من البيت الصغير إلي غير رجعة مع قطعة بطاطا باقية. أجساد الفتاتين الصغيرتين ترتعشان من الألم والصدمة، وعيونهما قد انتفخت واصطبغت باللون الأزرق، يصرخان فقط من الألم عند تطهير الجروح، بينما كان يراقبهما من علي السرير المقابل شقيقهما حسن، تعتلي وجهه علامات الصدمة.. فمازال يعلق بذهنه مشاهد الحادث المروع الذي أصاب البيت وأصابهم. فقد أمه مرتين! وعلي السرير المجاور كانت هناك مأساة أخري أشد قسوة.. فعادل مجدي الشحات «15 سنة» لا يعاني فقط من جراء إصابته بكسر عظام كتفه الذي تهشم في الحادث فهو يعاني كسرا أشد في قلبه الفتي.. فللمرة الثانية يفقد أمه ويظل وحيداً.. ففي المرة الأولي منذ سنوات طويلة توفيت والدته التي أنجبته وهو صغير.. فعوضه الله بزوجة أب حانية صارت له أما ثانية بحبها له.. ولكن كان قد كُتب عليه أن يفقدها هي الأخري فماتت في الحادث.. !!