مثلما اقنع وزير المالية رئيس الحكومة السابق المهندس محلب بضرورة التعجيل بإصدار قانون القيمة المضافة، وهو الذي سوف يزيد من الاعباء الضريبية علي كل المستهلكين، فقرائهم مع اغنيائهم، يبدو انه نجح ايضا في إقناع رئيس الحكومة الحالي المهندس شريف اسماعيل بذلك.. فها هو رئيس الحكومة يعلن في تصريحات له بعد لقائه مع رئيس الوزراء الفرنسي ان الحكومة تسعي لتخفيض العجز في الموازنة من خلال تخفيض دعم الطاقة وإصدار قانون القيمة المضافة.. وهذا امر ليس مفاجئا، خاصة ان رئيس الحكومة الحالية كان عضوا في الحكومة السابقة، وكان يشارك او يتابع مناقشتها الخاصة بمشروع قانون القيمة المضافة الذي انتهت من إعداده وزارة المالية.. ولكن نتمني علي رئيس الحكومة ان يعرف ايضا ان الحكومة السابقة ترددت في إصدار هذا القانون لان هناك من داخل الدولة من نصحها بتأجيل هذه الضريبة لان الوقت ليس مناسبا لإصداره حاليا والوقت ليس مناسبا لإقرار قانون ضريبة القيمة المضافة لانه سوف يتضمن زيادة ليست بالقليلة في معدل التضخم بما لا يقل عن 3٪، بينما هذا المعدل مرتفع حاليا، بل انه سجل اعلي رقم له في الشهر الماضي (سبتمبر) طبقا لتقديرات جهاز التعبئة والاحصاء التي أعلنها مؤخرا.. وهذا المعدل المرتفع للتضخم يرهق الأغلب الأعم من المصريين اصحاب الدخول المحدودة والمتوسطة. لقد ارتفعت أصوات عديدة عالية بعد 25 يناير تطالب بزيادة الضرائب علي رجال الاعمال والمستثمرين باعتبار ذلك من مقتضيات العدالة الاجتماعية.. ولكننا وقتها قلنا ان الوقت غير مناسب لهذه الخطوة، رغم انها من ضرورات العدالة الاجتماعية لاننا وقتها كنا قد توقفنا تقريبا عن النمو الاقتصادي، حيث انخفض معدل النمو الاقتصادي إلي نحو 1٪ والمصلحة العامة كانت تقتضي تشجيع وحث رجال الاعمال علي مزيد من الاستثمار.. وذات الامر نقوله حاليا ونكرره وهو ان الوقت ليس ملائما الان لتنفيذ قانون القيمة المضافة حتي لا نزيد الاعباء علي كاهل فئات اجتماعية واسعة يرهقها ويؤلمها ارتفاع الاسعار الناجم عن أسباب عديدة تبدأ بالحالة الاحتكارية لاسواقنا حيث يتحكم عدد محدود من المنتجين والمستوردين والتجار في تداول معظم السلع الاساسية، خاصة الغذائية وتنتهي بالآثار الجانبية لاجراءات تخفيض دعم الطاقة. وما اقوله الان سبق ان سمعه المهندس محلب رئيس الحكومة السابق من مسئولين عقلاء لا يشك احد في حرصهم علي المصلحة العامة ويبدو أن رئيس الحكومة الجديدة المهندس شريف اسماعيل يحتاج لان يسمع بدوره ذلك منهم حتي لا يورطه الحماس المهني لوزير المالية في خطوة غير موفقة في توقيتها.. وحتي لو أقر البرلمان القادم مثل هذه الخطوة فان ذلك لا يخلي مسئولية الحكومة ورئيسها أمام المواطنين الذين سيرهقهم ارتفاع جديد في الاسعار ومعدل التضخم لن يقل عن 3٪ طبقا لادني التقديرات الرسمية.. ويكفي هؤلاء المواطنين ان معدل التضخم الحالي يصل الان الي حوالي ثلاثة أمثال معدل النمو الاقتصادي، مما يعني ان دخولهم الحقيقية تنخفض ومستوي معيشتهم يتراجع. ضريبة القيمة المضافة ليس موعدها الان.. موعدها سيكون مناسبا فقط عندما تنجح الحكومة في السيطرة أولا علي معدل التضخم.. وحتي يحين ذلك الوقت يمكن للحكومة بذل جهد أكبر في مكافحة التهرب الضريبي الحالي لزيادة ايراداتها مع اجراء تخفيضات في إنفاقها بمراجعة المرتبات الضخمة التي يحصل عليها البعض حتي الان في الهيئات والشركات الحكومية الذين نجحوا في الحصول علي استثناءات من مجلس الدولة بإعفائهم من تطبيق الحد الاقصي للدخول، ومراجعة المزايا غير المنظورة التي يستفيد منها بعض الوزراء والمحافظين.