مساء الأحد الماضي أمضيت أوقاتا ممتعة أمام شاشة التليفزيون وأنا أتابع وقائع برنامجين أنفردا باجراء أول حوار مع فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر الجديد في اليوم الأول لتوليه مهام منصبه الرفيع خلفا للشيخ الجليل الراحل محمد سيد طنطاوي أحد أهم من شغل كرسي مشيخة الأزهر عبر تاريخه الطويل. ولأنني متابع جيد لفكر العالم المستنير د.أحمد الطيب ومتعلق به من خلال برامجه وأحاديثه المختلفة في الراديو والتليفزيون خاصة في برنامجه الممتع »فقه الحياة« علي شاشة قناة »النيل« مع المذيع اللامع أحمد عتابي فقد جاء حرصي علي مشاهدة حواره في برنامج »وجهة نظر«، مع الصديق العزيز عبداللطيف المناوي ثم تابعته أيضا مع القدير محمود سعد وهو يلتقي به داخل رحاب جامع الأزهر العريق من خلال برنامج »مصر النهاردة«. والحق أقول إن حوار فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب مع عبداللطيف المناوي ومحمود سعد قد كان واضحا وصريحا ومعبرا عن الفكر المستنير الذي يحدد من خلاله خطته في قيادة مشيخة الأزهر خلال المرحلة المقبلة حيث راح يفتح الملفات الشائكة بصراحة وبوضوح معلنا انه سوف يسعي للعمل علي استرداد الأزهر لمكانته بعد أن شهد تراجعا كبيرا في الدور الذي يقوم به منذ حلول عهد المد الاشتراكي في الستينيات والذي كان يعتمد علي الفكر الماركسي القائم علي مطاردة الدين ووصفه أنه أفيون الشعوب ومخدر لأحلامهم وطموحاتهم وتطلعاتهم في بناء مجتمع قوي الشعب العاملة. ثم تطرق فضيلة الإمام الأكبر إلي نقطة أخري شائكة وهي تخص المناهج التعليمية بالأزهر خاصة في مراحل التعليم قبل الجامعي وكم هي الحاجة ماسة إلي إعادة مراجعتها لتصحيح مسارها بما يعود بالفائدة علي الدارسين. وانتقد الإمام الأكبر بشدة البرامج الدينية المنتشرة ليل نهار علي الفضائيات ولا تدعو إلي الالتزام بصحيح الدين وتعبث بالخطاب الديني وفقا لأفكار السلفيين مما أصاب جموع المشاهدين خاصة الشباب منهم بالحيرة والبلبلة وشتات الفكر والانسياق وراء فتاوي مشايخ الفضائيات وهي لا تخضع لأية أسانيد فقهية صحيحة. وأشار د.أحمد الطيب إلي ملف آخر شائك يتعلق بمستوي خريجي الأزهر وتأهيلهم لأداء دورهم في حمل مشاعل التنوير ومخاطبة الآخر بالحكمة والموعظة الحسنة فالإسلام دين الوسطية ولابد أن يكون الدعاة الجدد علي مستوي عال من العلم والثقافة ويجيدون اللغات الاجنبية وضرب مثالا علي ذلك بقيامه بالاتفاق مع المركز الثقافي البريطاني عندما كان رئيسا لجامعة الأزهر علي تقديم المنح الدراسية لخريجي أصول الدين واللغة العربية والشريعة لدراسة اللغة الإنجليزية. وتناول الإمام الأكبر د.أحمد الطيب في حواراته الممتعة مع عبداللطيف المناوي ومحمود سعد آخر تلك الملفات الشائكة حيث تحدث عن كيفية النهوض بمسوي الدارسين في مدينة البعوث الإسلامية حيث يبلغ عددهم 53 ألف طالب بخلاف 61 ألفا من الوافدين جاءوا من 201 دولة من جميع أنحاء العالم للدراسة في مختلف معاهد وكليات جامعة الأزهر وهؤلاء هم في حقيقة الأمر إذا أحسن اعدادهم يصبحون خير سفراء للدعوة الإسلامية بعد تخرجهم وتلك مهمة ورسالة لا يمكن التقاعس عن أدائها أبدا. انني أسجل انبهاري بالفكر المستنير لفضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب وادعو اجهزة الإعلام المرئي والمسموع والمقروء إلي الاكثار من اللقاءات والحوارات معه في كل القضايا الشائكة التي ينبغي أن نضع فيها النقاط فوق كل الحروف فيما يخص صحيح الدين من أحكام وعقائد وفتاوي وشرائع حتي نغلق أبواب التخلف والجهل والتطرف الذي يتزعمه أصحاب الأفكار السلفية ويروعون بها حياة البسطاء.