خارطة تبين سيطرة أطراف النزاع فى سوريا وعندما يكون مصير دولة مرتبطا بمواقف عواصم آخري كما في الحالة السورية فنحن أمام دولة مستباحة من عدد من اللاعبين الرئيسيين من المنطقة العربية (السعودية وقطر وفصيل لبناني هو حزب الله الذي يقاتل كتفا بكتف مع الجيش السوري) وعلي المستوي الإقليمي هناك (تركياوايران) وفي خلفية المشهد (أمريكا وروسيا ) وعندما يتم التفاوض في اسطنبول برعاية تركية وبوجود إيراني بين ممثلين من حزب الله وجماعات من المعارضة المسلحة حول اتمام هدنة في منطقه الزبداني علي الحدود السورية اللبنانية بعد ان نجحت تجربة مماثلة في مدينة حمص دون تواجد للحكومة السوريه فأنت في بلد مستباح وعندما تشير تقارير دولية إلي ان الحرب أعادت سوريا واقتصادها ثلاثة عقود إلي الوراء كما ان نصف السكان يعاني البطالة وتم تدمير البنية التحتية كما ان 60٪ من السكان فقراء فنحن امام مأساة شعب تزداد عندما تشير الإحصاءات إلي ان هناك 11 مليون شخص اجبروا علي ترك منازلهم اما نازحين داخل المناطق الآمنة التي تسيطر عليها الحكومة و4 ملايين نازح للخارج ( عدد سكان سوريا23 مليونا) وعندما تشير الحقائق علي الارض إلي ان الحكومة لا تسيطر سوي علي من 25٪ من مساحة سوريا البالغة 185 الف كيلو متر يعيش فيها نصف عدد السكان الذين نزحوا من مناطق الصراع إلي الداخل فالخوف كل الخوف علي وحدة سوريا مع تقارير تتحدث عن فرز طائفي وتهجير قسري في مجتمع كانت احدي سماته التنوع بين العرب ونسبتهم حوالي 86 ٪ مابين سنه وشيعة وعلويين وبين مكونات أخري كالكرد والسريان والآشوريين والشركس والأرمن فلابد ان تخشي علي وحدة سوريا ذهبت إلي سوريا في زيارة لمدة أسبوع أدركت منذ البداية انني في طريقي إلي سوريا أخري غير تلك التي كانت في مارس 2011 حيث النزاع الحالي بين خمسة كيانات مسلحة: القوات الحكومية وحلفاؤها وتنظيم داعش وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة) وان كانت تحاول إيجاد مسافة في الآونة الأخيرة عن التنظيم الام وفصائل الجيش السوري الحر الذي فقد الزخم الذي بدأ به ولم يعد يسيطر سوي علي 5٪ من الاراضي التي خرجت عن سيطرة الحكومة بعد ان كانت النسبة تصل إلي 20٪ نتيجة تراجع الدعم العسكري وكثرة الانشقاقات لصالح تنظيمات اسلامية أخري خاصة في منطقة ريف دمشق، ثم القوات الكردية التي تسيطر علي اكثر من ثلثي الشريط الحدودي مع تركيا واستطاعت السيطرة علي كوباني وتل ابيض من داعش وعندما عرفت ان البداية ستكون من اللاذقية في الشمال ثم طرطوس ومنها إلي حمص ليستقر بنا المقام في دمشق أيقنت اننا امام اكثر من سوريا بعض التقارير تتحدث عن ثلاث سوريا فهناك سوريا الحكومة التي تركز وجودها في المدن الرئيسية التي سبق ذكرها وكانت محطات في رحلتنا يضاف اليها محافظات السويداء وحماه وتحارب للحفاظ علي مدن ومحافظات نوعية مثل حلب في الشمال وهي العاصمة الاقتصادية وثاني مدن سوريا من حيث الكثافة السكانية وعلي درعا في الجنوب والحسكة شمال شرق وهي نتاج استراتيجية اتبعتها الحكومة منذ 2013 بالدفاع عن المدن والتخلي عن المناطق الريفية المحيطة بها ولكنها لم تنجح عندما سيطرت المعارضة المسلحة علي مدينه أدلب وجسر الشغور وهددت درعا وهي المناطق الأكثر كثافة ديموغرافيا والأكثر حيوية حيث يسكن في تلك المنطقة نصف السكان هناك 5 ملايين في دمشق واللاذقية 35 مليون وطرطوس 25 مليون ونصف مليون آخرين في الجزء التي تسيطر عليه الحكومة في حلب وقد اعترف بذلك الرئيس بشار الأسد في خطابه الشهير في 26 يوليو الماضي عندما أشار صراحه إلي ان هناك نقصا في القدرات البشرية وهناك لافتات موجودة في شوارع كل المدن التي زرتها تدعو الشباب إلي الالتحاق بالقوات المسلحة والاهم إشارته الآخري إلي انه تم التخلي عن مناطق حتي يتفرغ الجيش لحماية مناطق آخري وهنا مناطق عمليات الجيش السوري ومقاتلي حزب الله وهناك اعتراف رسمي ممزوج بالامتنان من كل المسئولين السوريين علي مشاركتهم في القتال معا مع القوات الحكومية وهناك ايضا تقارير عن آلاف المتطوعين من فيلق القدس من ايران ومن العراق وأفغانستان وباكستان اما سوريا الثانية فتجدها في مراكز نفوذ جبهة النصرة وأنصار الشام والذي تشكل في أواخر يناير 2012 بعد مرور عشرةأشهر من بداية الازمة ومسرح عملياته في الجبهة الشمالية ومركزها مدينة حلب وقد تم توحيد عدد من التنظيمات المسلحة تحت رآيه تنظيم جيش الفتح واستطاع الاستيلاء علي أدلب وجسر الشغور بالاضافة إلي مناطق تماس في الجبهة الوسطي علي طول الممر الرئيسي بين حماه وحمص ودمشق الذي يشهد مواجهات بين القوات الحكومية المدعومة من حزب الله ومقاتلي جبهة النصرة مثلما الحال عليه في جبل القلمون وقد استطاعت استعادة جزء من نفوذها بعد ان سيطرت علي قاعدتين عسكريتين في معرة النعمان في ديسمبر الماضي لتفتح الطريق باتجاه ريف حماه الغربي ومدينه أدلب بمشاركه حلفائها في جيش الفتح وتطرد القوات الحكومية من معقل أساسي اما سوريا الثالثة فهي التي يسيطر عليها تنظيم داعش وقد ظهر إلي العلن وبدأ عملياته في ابريل 2013 ونفوذه بدأ يتراجع منذ مطلع هذا العام بعد خسارته لمدينة كوباني الحدودية مع تركيا لصالح القوات الكردية وفقد القدرة علي تكثيف هجماته بفعل غارات التحالف الدولي وتشير التقارير إلي انها وصلت إلي حوالي 6000 غارة حتي الآن واستطاعت قتل 10 آلاف جندي وقصف 9 آلاف هدف بعد ان كان نفوذ التنظيم يمتد علي مساحة واسعة من شرق سوريا إلي شمالها وآخر إنجازاته هو السيطرة علي مدينة تدمر التاريخية شرق حمص في وسط سوريا في 21 مايو الماضي بعد معارك استمرت 9 ايام وبات بعيدا عن العاصمة السورية دمشق بمسافه 85 كيلو مترا وتكمن خطورة التنظيم في انه مازال يستقبل أعضاء جددا فهناك تقديرات تتحدث عن مابين 20 إلي 30 الف مقاتل من الصفوة داخل صفوف داعش يرتفع الرقم إلي مابين 50 إلي 70 من الصف الثاني في سورياوالعراق لأسباب محلية او مالية كما ان التنظيم مازال يسيطر علي منابع المياه والنفط والغاز في سوريا ويملك قدرات مالية ضخمة من مصادر متنوعة نصف مليار من بيع النفط ومليار تم الاستيلاء عليها من البنوك المحلية في البلدات التي سيطر عليها ومليار آخر من فرضه ضرائب ورسوم ناهيك عن المخطط التركي لإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا بطول 140 كيلو مترا وعمق 40 كيلو مترا حتي مدينه حلب وذلك لاستيعاب عشرات الآلاف من اللاجئين ومنع تمدد وحدات حماية الشعب الكردي اليها واجهاض اي محاولة إقامة كيان كردي في تلك المنطقة والمساهمة في طرد داعش منها والسماح لعناصر من المعارضة المسلحة من العمل من داخل تلك المنطقة ومن المهم الاشارة إلي ان هناك نقاط تماس بين الكيانات الثلاثة فليست منفصلة بشكل كامل وهناك تداخل شديد بينها خاصة ان الحكومة السورية تسيطر علي المدن الرئيسية ولكن المعارضة المسلحة والجماعات الارهابية موجودة في الأرياف والعاصمة اكبر مثال علي ذلك مساحة دمشق 7 كيلو مترات مربع الحياة تسير فيها بشكل طبيعي الاسواق مكتظة والشعب يعيش حياته بصورة عادية لاتتوقع ان تكون تلك المدينة في دولة تواجه ازمة خطيرة سوي في الحواجز الأسمنتية علي بعض المنشآت الحيوية والوزارات والتي أقيمت بعد ان تعرضت العاصمة إلي تفجيرات استهدفتها ومنها وزارة الداخلية وغيرها وكذلك نقاط التفتيش المنتشرة علي طول الطرق الرئيسية والتي نجحت إلي حد كبير في وقف التفجيرات ولكن ذلك لايعني ان الوصول إلي العاصمه برا عبر الريف مصدر خطورة فهناك الجماعات المسلحة التي تقوم بقصف عشوائي علي مدار اليوم ففي الساعات الاولي لوصولنا إلي اللاذقية وهي احد اكثر المدن أماناً كان هناك قصف علي المدينة أدي إلي وفاة ثلاثة أشخاص وفي نفس اليوم حملت لنا الأنباء خبر إطلاق 63 قذيفة صاروخية علي العاصمة دمشق وقد حكي لنا القائم بأعمال السفارة المصرية المستشار محمد ثروت سليم عن سقوط صاروخ لم ينفجر في حمام سباحة فندق شيراتون وسط العاصمة حيث يقيم معظم الدبلوماسيين والعاملين في الاممالمتحدة كما سمعنا أصوات إطلاق قذائف صاروخية طوال ايام إقامتنا في العاصمة كما ان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين ويقطنه ايضا بعض السوريين يقع في الطريق إلي مطار دمشق يتم محاصرته من قبل قوات الجيش السوري بعد ان استولي عليه جبهة النصرة وقد ذكرت لنا خوله مطر رئيس مكتب الاممالمتحدة في دمشق ومعها الدبلوماسي المصري الشاب محمد الفيومي عن مظاهر آخري من التماس بين الكيانات الثلاثة ومنها استمرار تقديم الحكومه لخدمتها لمواطنيها في المناطق التي تسيطر عليها داعش والنصرة مما يستلزم حركة تنقلات للموظفين الحكوميين وبعضهم يسكن في مناطق آخري ويذهب إلي محل عمله كما انها مازالت تدفع رواتب هؤلاء الموظفين ناهيك عن الوسطات التي تقوم بها بعثة الاممالمتحدة بين الأطراف لضمان توصيل المساعدات الانسانية إلي مناطق النزاع او التدخل لإنجاز هدنة إنسانية تسمح بخروج المدنيين من مناطق الصراع ولعل يوميات زيارتنا إلي سوريا الآخري يكشف لنا تفاصيل الواقع المرير للازمة السورية وكانت البداية من مطار باسل الأسد في اللاذقية وهي احد المدن الساحلية حيث وصفها المحافظ ابراهيم السالم وهو ضابط شرطة سابق بانها صورة لسوريا بشكل مصغر حيث جمعت الازمة بين كل مكونات المجتمع السوري بعد ان قام مئات الآلاف باللجوء اليها وصل العدد إلي اكثر من مليون من مدن آخري وكثيراً منهم تملكوا مساكن ومارسوا حياتهم الطبيعية اما في طرطوس وهي المدينة الثانية في جولتنا كانت المأساة في مراكز الإيواء التي خصصتها الحكومة حيث قال لنا نزار محمود مدير الشئون الاجتماعية في المحافظة ان هناك 22 مركزا حكوميا به حوالي 185 أسرة بعدد يتراوح من خمسة إلي ست أفراد للأسرة الواحدة تقوم الحكومة بتقديم جميع الخدمات الحياتية وتوفير الاحتياجات الاساسيه لهم. وكانت المحطة الثالثة من الرحلة مدينة حمص وهي احدي مناطق الصراع علي النفوذ وتتمتع بتنوع طائفي من السنة والمسيحيين والعلويين كما تتمتع بموقع استراتيجي فهي في نقطة الوسط بين الشمال والجنوب وهي ايضا احد المفاتيح في الطريق إلي العاصمة دمشق ولهذا فقد اعتبرت الحكومة السورية ان تحرير جزء كبير من منطقة القلمون الواقعة علي الطريق بين دمشق وحمص في نوفمبر الماضي من الإنجازات الكبيرة خاصة أنها تربط بين دمشق وحمص واللاذقية وتضم مدينة حمص 36 حيا كلها تتمتع بالأمن والأمان الاستثناء الوحيد في حي واحد في قلب المدينة في منطقه الخالدين التي شهدت عمليات مواجهة شديدة نتج عنها حالات دمار كامل لبعض المباني ومنها مسجد خالد بن الوليد. يعيش السوريون سنوات الازمة التي تجاوزت الأربع سنوات وعقولهم وقلوبهم معلقة بالخارج بعواصم اتخاذ القرار في سوريا في انتظار حل يتم طبخه ولم ينضج بعد يسمعون عن سيل مبادرات من هنا وهناك ولقاءات علي مستويات مختلفة دون ان يروا نتائج ملموسة.. اما عن المبادرات فنحن امام اربع علي الاقل وكلها مجرد أفكار وبعضها مازال في مرحلة التبلور الطرف السعودي عرض أفكارا في لقاء الامير محمد بن سلمان ببوتين. لم تتوقف المبادرات عند هذا الحد فهناك ايران وهي صاحبة مصلحة في الإبقاء علي نظام بشار، كل هذه المبادرات والاتصالات وملايين الشعب السوري في الداخل والخارج في انتظار العودة إلي بلدهم من الشتات ومنازلهم التي تركوها فارين بحياتهم فهل يطول الانتظار ؟!