ظل يمثل لنا حالة إنسانية فريدة.. فقد كان يقف صباحا علي عربة الفول بشارع الصحافة يتناول إفطاره ثم يجلس علي المقهي الشعبي يضبط بوصلته الفنية علي مشاعر البسطاء .. بعدها يحمل كاميرته ويرتاد أفخم الأماكن ويقيم في أكبر الفنادق ويلتقي بنجوم المجتمع من الرؤساء ورجال السياسة والفنانين الذين يقفون أمام كاميرته ويفضون له بأدق أسرارهم.. فيحقق انفرادات صحفية دون أن يتخلي أبدا عن انسانيته. لذلك لم يكن غريبا أن يقوم قبل رحيله بأيام باحراق جزء من أرشيفه الخاص الذي كان يضعه في صندوق مغلق لا يقترب منه أحد.. وحينما شعر بدنو أجله قرر ان يتخلص منه بنفسه فقد كان يضم صورا ونيجاتيف ولقطات خاصة لنجوم وساسة كبار تحمل جانبا من أسرارهم.. فرفض المتاجرة بها رغم رحيل أصحابها في موقف يعكس كثيرا من شخصيته. وقد مرت الذكري الأولي لرحيل الفنان الكبير فاروق إبراهيم دون أن ينتبه لها أحد ودون أن نوفيه قدرا من حقه علينا كاستاذ لأجيال عديدة من الصحفيين وكمصور كبير حقق كثير من الانفرادات التي نقلتها عن أخبار اليوم الصحافة العربية والعالمية فمن ينسي صوره الفريدة للرئيس السادات وهو يحلق ذقنه ويمارس الرياضة في بيته ومن ينسي صوره لأم كلثوم التي تصدرت احتفالية أقامها معهد العالم العربي بباريس تحت عنوان »الهرم الرابع«.. وكان شهر مارس موعدا لا يخلفه معنا يفاجئنا فيه بلقطات فريدة لعبدالحليم حافظ جعلت العندليب حديث الصحافة دائما رغم رحيله. ويا عم فاروق سامحنا لتقصيرنا في حقك ولعلك أفضل حظا منا الآن فلم تكن لتحتمل أبدا كل ما نشهده الآن من فوضي عارمة ومعارك طاحنة.