لم تكن صالة التحرير في دار أخباراليوم مجرد صالة ذات أربعة جدران، ولكنها كانت دنيا كاملة لا تتوقف فيها الحركة علي مدي الساعات الأربع والعشرين، تتوزع في جنباتها الأقسام التحريرية المتخصصة في مختلف نوعيات المواد الصحفية.. وكان يتردد عليها المشاهير من السياسيين، والمفكرين، والأدباء، وممثلي وممثلات المسرح والسينما، والمطربين والملحنين، ونجوم الرياضة أيضا. وكان من غير المألوف أن يستقبل المحرر المتخصص في الشئون الرياضية، واحدا من السياسيين أو المفكرين.. ولم يكن محرر الشئون الدبلوماسية يستقبل نجوم الرياضة، أو المسرح، أو السينما. واحد فقط لم يكن له أية علاقة بما يجري في هذه الصالة.. هو المفكر الكبير »سلامة موسي« أحد رواد الاشتراكية المصرية، وأول المروجين لأفكارها.. الذي كان يجلس خلف مكتب صغير بالقرب من مدخل الصالة. وسلامة موسي الذي حصل علي شهادة الدراسة الابتدائية من إحدي مدارس مدينة الزقازيق، وحصل علي شهادة البكالوريا من القاهرة.. ثم سافر إلي فرنسا لدراسة الفلسفة، ثم إلي إنجلترا لدراسة الحقوق حيث قضي فيها أربع سنوات التقي خلالها بالمفكر المسرحي الايرلندي »برنارد شو«، وتأثر بأفكار »تشارلز داروين«، وخصوصا نظريته حول النشوء والارتقاء.. ثم جاء إلي القاهرة ليكون من أكبر مفكريها وكتابها. كان الأستاذ الكبير سلامة موسي، رحمة الله عليه، أحد كبار الكتاب في دار أخبار اليوم، وكان ينشر يومياته علي الصفحة الأخيرة من »الأخبار«.. وكان شديد التواضع، يحرص علي تلقين الشباب الحرص علي دراسة اللغات الأجنبية. سألته مرة أن يرشدني إلي ما يجدر بي ان اقرأه.. فقال لي اقرأ كل شيء عن كل شيء.. وإذا اشتريت سندويتش ملفوفا في ورقة من صحيفة أو مجلة، حاول أن تقرأ المكتوب عليها وأنت تأكل!!