المثل الشعبي المعروف »إيه اللي رماك علي المر.. قالوا.. اللي أمر منه«. هو أفضل وصف لحال المصريين الذين اختاروا المغامرة بحثا عن لقمة عيش وفرصة عمل.. ولو كانت بالهجرة غير الشرعية إلي أوربا.. ومواجهة مخاطر الموت غرقا في مياه البحر المتوسط.! مؤخرا.. صدق أو لا تصدق تحولت بوصلة الهجرة غير الشرعية في الاتجاه إلي افريقيا التي تعاني من البطالة والفقر.. واصبح المواطن المصري المهاجر يواجه عداء الافارقة لأنه جاء لسلب فرصهم في العمل.. والخطير أيضا هو ما يتعرض له الشباب من مخاطر التسلل عبر الغابات المفتوحة.. والمستنقعات الخطيرة.. ومواجهة الحيوانات المفترسة.. ولصوص القبائل..! قصة الهجرة غير الشرعية إلي افريقيا كما يرويها الوزير المفوض عمرو رشدي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بدأت منذ ما يقارب العامين وامسكت بخيوطها السفارة المصرية في زامبيا حينما لاحظت تكرار ظاهرة القبض علي مصريين في زامبيا يقومون ببيع السبح والسجاجيد طرقا علي الابواب واكتشفت السفارة أن هذا العمل لا يساوي تكاليف الرحلة إلي زامبيا وهو عمل مؤقت حيث ان زامبيا مجرد ترانزيت لهم والهدف النهائي هو الوصول إلي جنوب افريقيا بشكل غير شرعي.. لأنها من الدول التي يصعب الحصول علي تأشيرتها وحتي الترانزيت بها يتم بتأشيرة... عبر زيمبابوي ويمرون في هذه الرحلة بالغابات والانهار، وتعد جنوب افريقيا حلما لهم نتيجة ما حققه بعض المصريين من نجاح بها مما جعلها نموذجا لهم وخاصة ان السفر إلي أوربا الان اصبح في منتهي الصعوبة. إساءة للجالية المصرية وقد أظهرت تحقيقات الشرطة الزامبية ان وراء هذه الظاهرة شبكة من المصريين المقيمين في زامبيا يعاونهم اثنان من المندوبين في مصر أحدهما في محافظة الغربية والاخر في محافظة الدقهلية. وتكاليف هذه المخاطرة للفرد الواحد 52 الف جنيه تدفع في القاهرة وعند الوصول إلي زامبيا يتم دفع 0002 دولار اخري. وقال رشدي انه بعد اكتشاف هذه الشبكة تقوم الشرطة الزامبية حاليا بفرض رقابة علي دخول المصريين إلي زامبيا حيث يفتشونهم جيدا بالمطار.. كما يتم عمل مداهمات لاماكن تجمع الجالية المصرية.. وهو ما يسئ لها. مخالفات مبعوث الأزهر واشار في ختام حديثه إلي احد مبعوثي الازهر إلي زامبيا والذي لم يعمل في المركز الاسلامي ولم يدخله من الاصل، قد عمل بمجرد وصوله إلي زامبيا في محل البقالة الذي يمتلكه صاحب الشبكة وحينما اشتكي مسلمو زامبيا واعضاء الجالية المصرية وزملاؤه من الازهر إلي السفارة المصرية، قامت السفارة بارسال الشكاوي إلي الازهر فدرسها وطلب من السفارة ترحيله وبعد عودته إلي مصر ذهب إلي مجلس الشعب واشتكي ان السفارة المصرية حبسته فيها لمدة يوم!! عقود مضروبة! أما تفصيلات هذه القصة كما يوضحها السفير المصري في زامبيا صلاح الدين عبدالصادق فهي ان زامبيا من احدي الدول الافريقية القليلة التي ما زالت تمنح تأشيرة الدخول من مطارها لرجال الاعمال المصريين مراعاة للعلاقات القوية والممتدة بين البلدين منذ عهد الرئيسين عبدالناصر وكينيث كاوندا. وقد استغل مافيا التسفير هذه الميزة وحرروا أوراقا مزورة تثبت ان الشباب من رجال الاعمال بل وذهبوا إلي تحرير عقود عمل مضروبة لشركة وهمية للاستيراد مسجلة باسم صاحب الشبكة الذي تم ترحيله عبر جهود مضنية إلي مصر، وهو قيد التحقيق حاليا مع السلطات المصرية لتتبع هذه الشبكة ونشاطها المشبوه.. وأضاف ان اغلب هؤلاء الشباب ذوو تعليم متوسط ودون المتوسط وظروفهم الاقتصادية ضاغطة ويقول إن المشكلة التي واجهت السفارة في بداية هذه الظاهرة وجود اتفاق ضمني بين الشباب بأن من يقبض عليه لا يبلغ عن الاخرين أويدلي بأية معلومات، ولحسن الحظ اختلف عضو بالشبكة مع صاحبها فقام بالابلاغ عنه وبعد ذلك فقد وافق البعض علي التعاون نظير عدم توجيه اتهامات جنائية لهم.. ولفت هنا إلي خطورة اكتشاف صوماليين في الشبكة ومخاوف انتمائهم لشباب المجاهدين والقاعدة ولذلك فهذه الهجرة اصبحت تحت رقابة اجهزة امنية لدول كبري. رحلة عذاب طويلة ويروي السفير صلاح الدين عبدالصادق مخاطر هذه الرحلة حيث يستقبل الشباب عضو الشبكة في زامبيا ويوفر لهم فرص عمل مؤقتة لبيع السبح والسجاد ويوفر لهم اقامة »أي كلام« حتي تدبير العبور إلي زيمبابوي سيرا علي الاقدام ليلا عبر غابات مفتوحة يصعب حراستها وذلك من خلال مندوبين محليين ولا يخفي ان هذه الرحلة يتعرضون فيها للحيوانات المفترسة والقبائل واللصوص وبعد ذلك يستقلون سيارات من زيمبابوي إلي الغابات علي الحدود مع جنوب افريقيا وتتكرر نفس الرحلة في الغابات. ويضيف ان من يمر عبر هذه المناطق يلاحظ انه طوال الطريق هناك لافتات تحذر من توقف السيارة لأي سبب فما بالنا بمن يسير علي الاقدام متسللا في الليل! ولذلك فان فرص الوصول إلي جنوب افريقيا عبر هذه الرحلة الطويلة قليلة جدا ومن يموت ليس له دية! اسم وسمعة مصر وينتقل السفير بحديثه إلي نقطة غاية في الخطورة وهي أنه بهذه الظاهرة قد انعكست الاية فبدلا مما كانت مصر تعانيه من هجرة غير شرعية من افريقيا اليها اصبحت افريقيا تعاني من الهجرة غير الشرعية المصرية اليها وهذا سيسئ علي المدي الطويل لمصر ويعرض ابناءها لمعاملة الشك والريبة في المطارات الافريقية!! يوضح ان السفير المصري نتيجة ذلك يكون في موقف لا يحسد عليه فهو لا يستطيع ان يبلغ عن ابناء وطنه وواجبه حماية مواطنيه وقد قام شخصيا مؤخرا باخراج 6 مصريين علي مسئوليته من السجن حيث اعتبرت قضيتهم امن قومي وبدلا من السجن وما يتم به من معاملة صعبة واعتداء وضرب من المساجين تحفظت عليهم بالسفارة حماية لهم حتي جاء موعد المغادرة. ويضيف انه حينما تحدث مع هؤلاء الشباب وقال لهم ان ما يدفعونه من مبالغ لهجرة خطرة يمكن به عمل مشروعات مشتركة وناجحة ببلدهم وكان ردهم انهم لم يملكوا هذه المبالغ بل تداينوا بها وباعوا مصوغات زوجاتهم.. واقترضوا وكتبوا شيكات وكمبيالات. يبقي في النهاية ان الثمن سمعة مصر.. فشبكة الهجرة غير الشرعية تصدرت صفحات الجرائد في زامبيا لأسابيع طويلة!!