باقي 5 أيام فقط.. مناشدة عاجلة من وزيرة الهجرة إلى المصريين بالخارج (فيديو)    توريد 503 طن قمح في موسم الحصاد بالإسكندرية    هل تنخفض أسعار الدواجن الفترة المقبلة؟.. "الشعبة" توضح    البيت الأبيض بعد الاحتجاجات على حرب غزة بالجامعات: بايدن دعا لمواجهة تفشي الخطاب المعادي للسامية    الخميس المقبل.. أحمد موسى يُحذر من الاجتياح البري لرفح الفلسطينية    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    قائمة بيراميدز - رمضان صبحي على رأس اختيارات مواجهة البنك الأهلي    أحمد موسى يناشد بحضور 70 ألف مشجع مباراة بوركينا فاسو: هو في أهم منها للمنتخب.. فيديو    المعاينة الأولية تكشف سبب حريق ورشة وعقار في المعادي    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    خصومات متنوعة على إصدارات «هيئة الكتاب»    تعرف على الأمنية الأخيرة لشيرين سيف النصر قبل وفاتها ؟ (فيديو)    أمين الفتوى لسيدة: «اطّلقى لو زوجك مبطلش مخدرات»    بروتوكول بين جامعة المنوفية الهيئة الاعتماد لمنح شهادة "جهار - ايجيكاب"    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    "سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    هالة خليل: أتناول مضادات اكتئاب في التصوير.. ولا أملك مهارات المخرج    صحة كفرالشيخ في المركز الخامس على مستوى الجمهورية    احذر اكتئاب رياح الخماسين.. من هم الفئات الأكثر عُرضة؟    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    بالفيديو.. خالد الجندي يشيد بفخامة تطوير مسجد السيدة زينب    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    أبو عبيدة: الاحتلال الإسرائيلي عالق في غزة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    ختام ناجح لبطولة الجمهورية للشطرنج للسيدات ومريم عزب تحصد اللقب    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    محافظ أسوان يشهد مراسم توقيع بروتوكول التعاون المشترك بمتحف النوبة    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    وزيرة الثقافة تُعلن برنامج فعاليات الاحتفال بعيد تحرير سيناء    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    المدير التقني السابق لبايرن ميونخ: محمد صلاح معجزة وبطل قومي لليفربول    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    البرلمان يحيل 23 تقريرا من لجنة الاقتراحات والشكاوى للحكومة لتنفيذ توصياتها    ببرنامج تعزيز المنظومة البيئية.. هيئة الاستثمار: تدريب وتقديم استشارات ل600 رائد أعمال    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    تنبيه عاجل من المدارس المصرية اليابانية لأولياء الأمور قبل التقديم بالعام الجديد    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    منها الطماطم والفلفل.. تأثير درجات الحرارة على ارتفاع أسعار الخضروات    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    سلك كهرباء.. مصرع شاب بصعق كهربائي في أطفيح    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    تقارير: الأهلي سيحصل على 53 مليون دولار نظير مشاركته في كأس العالم للأندية    اتحاد عمال مصر ونظيره التركي يوقعان اتفاقية لدعم العمل النقابي المشترك    البرلمان البريطاني يقرّ قانون ترحيل المهاجرين إلى رواندا    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمد السعدني يكتب:
نعم نستطيع .. وهذه هي الشروط
نشر في أخبار اليوم يوم 04 - 08 - 2015

من يقول بأن ما تحقق في قناة السويس هو معجزة بذاته، تظل رؤيته قاصرة، فمصر قادرة علي تغيير خرائط العالم الجيواستراتيجية
يستطيع أحد ركوب ظهرك الا إذا انحنيت له، هكذا قالت الحكمة، وهكذا تثبت الأيام صحة ماذهبنا إليه بإقدام وتصميم وعمل، إقدام تسبقه رؤية، وتصميم يؤيده تخطيط، وعمل يأخذ بأسباب النجاح ومنهج العلم.كان هذا أول ما تبادر إلي مخيلتي وأنا أتابع في المؤتمر الصحفي لوزير خارجيتنا مع جون كيري علي هامش الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي، حيث تغيرت اللغة وتغيرت معها زاوية التناول وتبوأت الندية مكانها الصحيح في علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية، فبدا وزير الخارجية الأمريكية أكثر موضوعية وتواضع، يتلمس الكلمات قبل نطقها حتي لا تبدو كما اعتدنا مدببة موجعة. وكان الحرص الأمريكي علي خلق مساحات من التفاهم أكبر مما كان حرصهم في السابق علي الإملاء والاستعلاء والتكبر، ذلك أن مصر كانت قادرة علي تغيير معادلات السياسة في علاقاتها الدولية، فلعبت أوراقها بذكاء واقتدار، ما أهلها لتبوؤ مكانها ودورها قوة فاعلة في إقليمها والعالم. وإذا مانظرت بانصاف وتجرد أين كنا صبيحة 30 يونيو وأين أصبحنا في غضون عام واحد، لرصدت تغيراً نوعياً فارقاً فيما وصلنا إليه، وأصبحنا أمام مصر تختلف كلية اليوم عما كانت عليه، حين علقت عضويتنا في الإتحاد الإفريقي، وحين صنفت القوي الدولية في الغرب ثورتنا الثانية في عداد الإنقلاب العسكري، كنا مهددين بالعقوبات الدولية وكان تدخل الإتحاد الأوروبي في شأننا الداخلي محبطا، وأوقفت الولايات المتحدة الأمريكية معونتها العسكرية، وعلقت تسليمنا طائرات الأباتشي وال 16٪ وقامت ضدنا حملة عالمية تبنت وجهة نظر التنظيم الدولي للإخوان الظالمة المخاتلة، وتألبت علينا الدنيا بغرض تركيع مصر وتقليم أظافرها لتعود صاغرة لبيت الطاعة الأمريكي الذي استكانت فيه أربعة عقود وأكثر منذ أعلن السادات أن 99% من أوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ رهن مبارك قرارنا الوطني لمشيئة اليانكي وإملاءاته. وسمحت ظروفنا الطارئة لكل مغامر من الغرب والقوي الإقليمية ليدس إصبعه في الشأن المصري الملتهب، وتجرأت علينا حتي دول صغيرة لا وجود لها إلا علي اللائحة الأمريكية، وبدت حكوماتنا المرتعشة لا حول لها ولا قوة أمام لجان التفتيش الأوروبية وكاترين آشتون وتنفذ الطابور الخامس حول الرئيس المؤقت عدلي منصور الذين حاولوا التلاعب بمقدرات الوطن لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وصولاً إلي استقالة البرادعي بعد الإدانة الأمريكية لفض مستعمرة رابعة الإرهابية التي تسببت حكومة حازم الببلاوي الضعيفة في تضخمها، إلي أن جاءت الإنتخابات الرئاسية بالرئيس عبدالفتاح السيسي الذي عاجل العالم برؤية وطنية مغايرة واستقلال للقرار الوطني يحركه عقل استراتيجي ويدعمه إجماع شعبي غير مسبوق، لعب أوراقه الدولية باقتدار وتمكن، فتح الطريق مرة أخري مع إفريقيا والعالم العربي والمبادرات السعودية والدعم الإماراتي الكويتي، وبذل جهداً دبلوماسياً نشطاً فتح جسوراً جديدة مع أوروبا في إيطاليا وفرنسا واليونان وقبرص، ثم ألمانيا، وذهب إلي الأمم المتحدة يخاطب ضمير العالم ويعرض رؤية مصر وتوجهاتها الجديدة، ثم اتجه شرقاً نحو روسيا والصين، في مبادرة مباغته لتنويع مصادر السلاح وعقد شراكات استراتيجية جديدة طوقت كل المحاولات الأمريكية الغربية لمحاصرة مصر وتحجيمها. وقدمنا لعالمنا العربي رؤية طموح لنظام عربي متماسك، نظام قادر علي الإمساك بأهدافه والحفاظ علي حدوده واستقلاله بقواه وقدراته، نظام فاعل بذاته لا معتمداً علي غيره ممن يحاولون تقسيمه وإعادة رسم خرائطه تبعاً لمصالحهم وأهوائهم، وضد مصالحنا وآمال شعوبنا. ولم يستسلم الغرب وحاول كل ألاعيبه للوقيعة بين مصر والسعودية، وكاد ينجح بعد وفاة الملك عبدالله رحمه الله، ولم تستسلم مصر أيضاً، وجاء تتويج جهدها الدءوب ورؤيتها الصائبة في إعلان القاهرة مع زيارة ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يمثل جيلاً جديداً من القيادات السعودية المؤهلة والعارفة لدور مصر وقدراتها، والدارسة لحركة العالم وسياساته وتوازناته وتحدياته، ليعيد الدفة إلي وجهتها الصحيحة ويضيف زخماً جديداً للعلاقات المصرية السعودية باعتبارها رافعة العمل العربي المشترك وضمانة أمنه القومي المهدد.
في ذلك كله كان لدينا عقل استراتيجي واعي يحمل الهم المصري، يعمل للخروج من عنق الزجاجة والحصار الضيق بالتنمية وإعادة الهيكلة لإقتصاد متعثر ضعيف، وإضافة قدرات جديدة لقواتنا المسلحة واستنهاض الداخل المصري في مشروعات عملاقة. وتحملنا عن العالم كله عبء محاربة الإرهاب في إصرار وعزيمة لا تلين، وواجهنا مؤامرات الداخل والخارج بكل ثبات وإرادة لاتنكسر. كان عاماً من الجهد والعمل الدؤوب علي أسس علمية محكمة، لم تغب فيه عنا لحظة واحدة أهدافنا في تثبيت دعائم الدولة وحمايتها من السقوط والتفكك. وأحسب أنه عام سيتوقف أمامه تاريخنا بالشهادة والتقدير والإحترام، عام أجبرنا فيه الفرقاء الدوليين جميعاً أن يمعنوا السمع لصوت مصر الذي جاء هادئاً واضحاً ومصراً علي تحقيق كل ما يعلن وما يفعل وما يقول. وجرت في النهر مياه كثيرة، ولم يخلُ الأمر من هنات هنا وإحباط هناك، لكننا كنا أبطالاً، فالبطولة لا تصنع فقط في ساحات المعارك العسكرية وحدها أو صالات التدريب، إنما تصنع قبل ذلك في مخيلة الناس وذواتهم وأحلامهم الكبري وإرادتهم الصلبة وجهدهم العفي وعملهم العلمي المدروس. وهكذا تفتق عقلنا الاستراتيجي عن مشروعات وطنية عملاقة تحشد الناس وتوقظ الهمم، ومن أموالنا وبأيد عمالنا أنجزنا مشروعنا العملاق في قناة السويس، في توقيته ومواصفاته العالمية العلمية السليمة، وأصلحنا الكهرباء وقضينا علي مشكلة مزمنة، وشققنا طرقاً جديدة وقضينا علي طوابير الخبر وأنابيب البوتاجاز، وحاربنا الإرهاب ووجهنا له ضربات موجعة، وحمينا حدودنا، وقدمنا المثل علي دولة ناهضة طموح رغم صعوبة الظروف وشراسة المواجهة. إعتمدنا تخطيط المبادرة لا رد الفعل كما كنا نفعل. جاء ذلك كله بفضل عقل استراتيجي يقظ في مؤسسة الرئاسة وقواتنا المسلحة التي تحملت العبء الأكبر في طموحنا للبناء والتأسيس والتنمية. كان أملنا ولا يزال أن يتحول هذا العقل الاستراتيجي إلي عقل مؤسسي يحكم كل أنشطة الدولة ومؤسساتها، ذلك أن نجاحنا المشهود في كل ما استعرضناه معاً نحتاج لنقله إلي الداخل المصري الذي يحتاج منا عملاً علمياً منظماً يتصدي لمشكلات استراتيجية وبنيوية تواجهنا تحدياتها في موضوع سد النهضة، والتأسيس لدولة ديمقراطية حديثة، وإعادة هيكلة منظومة التعليم والبحث العلمي ودفع قواعد الإنتاج ومشروعات التنمية والسياحة، والسيطرة علي شطحات وجنون السوق والإقتصاد، وتحقيق العدالة الإجتماعية، وضبط إيقاع السياسة والأحزاب، وتجديد الخطاب العام كله وليس الخطاب الديني وحده، ومحاربة الفساد، وتنشيط وحوكمة المحليات، وضبط الإيقاع العام في الإعلام الذي بدا متسيباً متحللاً من أي رؤية وإلتزام، وتفعيل قواعدنا الشابة واحتضان أشواقها وآمالها في التحقق بالثورة وأهدافها.
إن من يقول بأن ما تحقق في قناة السويس هو معجزة بذاته، تظل رؤيته قاصرة، فمصر قادرة علي تغيير خرائط العالم الجيواستراتيجية إذا ما جاء السابع من أغسطس إيذاناً بتغيير شامل، تغيير يستنسخ عقلنا الاستراتيجي الفاعل في مؤسسة الرئاسة وجيشنا الوطني، إلي عقل مؤسسي للدولة، وهذا يحتاج رجالاً أولي عزم وقوة، رجال يخافون الله ويحبون الوطن، يتسلحون بالعلم والكفاءة والقدرة والمعرفة. نعم نستطيع، وهذه هي الشروط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.