في هذا الباب نكشف القناع عن الوجه الآخر للشخصيات التي اعتدنا رؤيتها في ثوب واحد .. نتعرف علي الأفكار والهوايات وتفاصيل الحياة الطبيعية التي تختفي خلف أقنعة المنصب .. أو خلف الظروف التي تفرضها طبيعة العمل . أعتبر اليأس رفاهية.. وأكثر ما أخشاه العجز هو طبيب نفسي.. وأديب مصري.. حصل علي أرقي الدرجات العلمية في مجال الطب النفسي .. وحصل أيضا علي جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عن احدي رواياته العديدة.. هوالطبيب الفيلسوف د. يحيي الرخاوي استاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة. .......................... ؟ أنا مثل أي أسرة متوسطة رباها مدرس عربي..وأم رائعة الأمومة لا تفك الخط. كنت رابع طفل ذكر في أسرة متوسطة..وبعدي شقيقتان.. وقد كان لي ثلاث عمات في سن أمي تقريبا كن ينجبن بناتا في الوقت الذي بكّرت أمي بإنجابنا نحن الأربعة.. وفي الأسر المتوسطة.. خاصة في الريف..يعتبر هذا مجالا للحسد، لهذا أخفت أمي أنني طفل ذكر لبضع سنوات, وأسمتني سوزان، حتي صحح هذا الوضع زوج عمتي..وأفهمني الحقيقة ربما في سن الرابعة..وبناء عليه أخذت المقص..وتخلصت من شعري..ومن فستاني بنفسي..ولا أزعم أن ذلك ترك أثرا باقيا في نفسي..علي قدر علمي. .......................... ؟ أستيقظ عادة قبل أو قبيل الفجر, وبعد الصلاة بالمنزل أبدأ عملي الخاص فورا كتابة وقراءة ، «كان قبل سنوات, قراءة وكتابة»، إذ بعد أن بلغت هذه السن الآن «تجاوزت الثمانين بعامين» شعرت أنه من الأمانة أن أسجل خبرتي, خاصة ما أعتبره جديدا عما هو معروف عن النفس البشرية في الصحة والمرض، وهذا لا يبعدني عن المرضي, فأعتقد أن ما أقوم به هو بفضل المرضي طول الوقت, وبالتالي فهو ليس بعيدا عنهم، فهم أساتذتي فيما يخصهم, وما لايخصهم . .......................... ؟ لا أعرف تعريفا محددا للصداقة..فكل من أعرف هم أصدقائي دون إذن منهم .. سواء كانوا قريبين مني أو بعيدين..ومن البديهي أن يتغير الأصدقاء عبر أكثر من ثمانين عاما..وكنت دائما أحتاج لصديق أكبر مني بمثابة أب قادر جميل..برغم أن أبي رحمه الله لم يرحل إلا وأنا في الرابعة والثلاثين من عمري..لكنني أؤمن بالمثل القائل «إللي ما لوش كبير يشتري له كبير» وقد كان المرحوم المحقق الرائع محمود محمد شاكر هو كبيري عبر سنوات طويلة من عمري من أيام الثانوي في مصر الجديدة حتي بعد تخرجي, ثم كان أستاذي المرحوم أ.د.عبد العزيز عسكر, ثم ختمت اعتمادي وتعلمي بفضل الله فيما يمكن أن اسميه صداقة نجيب محفوظ الذي أمضيت معه آخر عشر سنوات من عمره وأهم عشر سنوات في عمري, ثم إن كل تلاميذي ومرضاي هم أصدقائي رضوا ام لم يرضوا. .......................... ؟ لا أعتبر علاقتي بالأدب وبالذات بالنقد الأدبي هواية..فهي تمثل محورا أساسيا في وجودي..حتي إنني اكتشفت مؤخرا أنني أقوم بعلاج مرضاي بمثل ما أقوم به في نقد النص الأدبي ، فأسلوبي في العلاج هو «نقد النص البشري»..بمعني إعادة تشكيل المريض (وشخصي) بما يعود بنا إلي مستوي أفضل وأبدع تناسقا مع المحيطين ومع الكون إلي وجه الله. .......................... ؟ أتعامل مع المشكلات الصعبة بالمواجهة والمسئولية, فأنا لا أؤجل مواجهة المشكلات لأي سبب (ما أمكن ذلك), وكلما زادت المشكلة صعوبة وجدت ربي عونا قريبا وقادرا مهما بلغت الصعوبة.. والعلاج الذي أمارسه اسمه علاج «المواجهة- المواكبة- المسئولية», بمعني أنني والمريض نواجه الأمر الواقع.. ونركز في «هنا والآن» بديلا عن الاستغراق في حكي تفاصيل الماضي والأسباب والعقد وما إلي ذلك.. وهنا تحل ضرورة الإجابة عن أسئلة التحدي.. والتي تقول «إذن ماذا؟» ولا نهتم كثيرا بسؤال : لماذا؟،اللهم إلا إذا كان السبب قائما يمكن إزالته الآن. .......................... ؟ الحمد لله أنني نادرا ما أندم علي ما فاتني.. ليس فقط لأن فضل الله علي أكثر مما أتوقع, ولكن لأن الندم يتعلق بالماضي.. وأنا أمارس - كما ذكرت - العلاج الجمعي الذي من أساسياته التركيز في «هنا- والآن», و»إذن ماذا؟» .......................... ؟ اكثر شئ أخشاه هو العجز.. وأن أضطر إلي معاملة لئيم يضيع منه حياء عيني.. وأكثر شيء يصيبني بالاحباط هو الفشل في توصيل ما وصلني من معرفة وخبرات إلي أصحابه, أي العجز عن نشر خبرتي التي أعتبرها أمانة في عنقي لا بد أن تصل إلي اصحابها بأي صورة من الصورة, وأنا لي «موقع خاص بي» لا يزوره إلا عدد قليل جدا, وأنا أكتب فيه نشرة يومية باسم «الإنسان والتطور» منذ سنوات لم أنقطع يوما «امتدادا لمجلة كنت أصدرها بنفس الاسم منذ سنة 1980 لما يقرب من عشرين سنة». .......................... ؟ أنا مصاب بمحنة التفاؤل المزمن لأنني أعتبر اليأس والتشاؤم رفاهية لا أسمح لنفسي بالتمتع بها.. والتفاؤل عندي يحمل مسئولية الإسهام في العمل علي تحقيق ما أتفاءل به، وليس مجرد انتظار المستقبل الجاهز الأفضل.. لي.. أو لمن حولي.. أو لبلدي عامة.. أو للإنسان عموما. .......................... ؟ أبنائي للأسف.. يعملون جميعا فيما يتعلق بالنفس البشرية.. وأحسب أن ذلك له إيجابياته كما أن له سلبياته.. فربما وصلهم عمق وشرف مهنتي.. وربما استسهلوا الطريق.. ولا شك أن بعضهم يلومني أنني كنت سببا مباشرا أو غير مباشر لهذا الاختيار الصعب. .......................... ؟ علاقتي بأحفادي من ناحيتي هي علاقة حميمة جدا.. وأنا أصادقهم.. وأصر أن ينادوني ب «جدِّي» وليس «جدّو»..لكنني أشعر أحيانا في علاقتي بهم ببعض الأنانية.. وميل إلي الملكية خاصة بعد أن رحل أغلبهم لمواصلة الدراسة في كندا بعد انهيار نظام التعليم في مصر.. وقد افتقدتهم منذ سافروا برغم أنفي فأنا أشتاق إليهم.. وأنتظر عودتهم في الأجازات بشكل عنيف ولحوح ، ومن هنا اكتشفت أنانيتي وميلي إلي امتلاكهم (ربما). .......................... ؟ نجاح أوفشل اي علاقة زوجية يتوقف علي الاحترام المتبادل والعدل الحقيقي بمعني معاملة المثل..وأيضا يتوقف علي الصدق والتحمل. اما النجاح بصفة عامة فهو أن تعتبر كل نتيجة هي خير, فإن كانت غير ذلك فهي طريق إلي خير لاحق.. أما الصفات التي تؤدي إلي الفشل, فهي الاعتمادية والتأجيل والكسل. .......................... ؟ أمارس رياضة المشي يوميا..والعوم كلما سنحت الفرصة..ومارست رياضة الاسكواش لبضع سنوات..حتي استهلكت مفاصل ركبتي فتوقفت أما علاقتي بالغناء والمسلسلات والأفلام.. فاصبحت ضعيفة جدا..لضيق الوقت..وربما لفساد السوق..لست متأكدا.. ولعل آخر مسلسل تابعته كان «بابا عبده»!! .......................... ؟ الحلم الذي يشغلني الآن أن أنشر خبرتي بكل الوسائل «الإلكترونية والكتابية والعملية» لمن يهمه الامر.. وأهم درس ونصيحة لتلاميذي وأبنائي أن يملأ الوقت بما هو أحق بالوقت..وأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله سبحانه يراه..وأن يكون علي نفسه بصيرة ولو ألقي معاذيره .