بحلول السادس من أغسطس المقبل إن شاء الله، يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أضاف إلي سجله الرئاسي إحدي ركائز الشرعية السياسية الإضافية الداعمة لحكمه السادس من أغسطس المقبل، سيكون الشعب المصري والعرب جميعاً علي موعد مع حدث شعبي تنموي يمتلك مخزوناً من طاقة الأمل ربما يبدد قدراً ولو ضئيلاً من غيوم اليأس والإحباط وأجواء التشاؤم التي تخيم علي منطقتنا العربية في السنوات الأخيرة، وهذا الحدث هو حفل افتتاح قناة السويس الجديدة. وبحكم اهتمامي بالقضايا السياسية والاستراتيجية، أميل إلي النظر لهذا الحدث التاريخي من هذه الزاوية تحديدا، حيث يعد هذا المشروع الضخم أحد أكبر الانجازات الكبري للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو إنجاز مبهر بالمقاييس كافة، سواء لجهة حجم المشروع وما يضيفه إلي مصر، أو لجهة الوقت القياسي للانجاز، والذي يستدعي من الذاكرة الحضارية السحيقة ممثلة في بناء الاهرامات وحفر قناة السويس خلال الفترة من 1859 حتي 1869، ومن تاريخه الحديث عبور القناة نفسها وتحقيق واحد من اعظم الانتصارات العسكرية للعرب والمصريين علي حد سواء، وغير ذلك من محطات تعكس مقدرة هذا الشعب علي صناعة العجائب وقهر المستحيلات. البعض يعتبر مشروع قناة السويس بمنزلة شرعية سياسية إضافية للرئيس السيسي بعد شرعية الانتخاب الكاسحة التي عبرت عن ثقة غالبية المصريين في قيادته، ولهذا الرأي وجاهته التحليلية لان هناك من يحاجج بأن شرعية الانتخاب في الأنظمة الديمقراطية ليست كافية وأن الأقوي منها في ظل متغيرات العصر يتمثل في شرعية الانجاز. واعتقد من جانبي أنه لا غني لإحداهما عن الأخري فالثانية تكمل الأولي، فشرعية الانجاز توفر الوقود اللازم لاستمرار توهج الدعم الشعبي للرئيس وثقته في أن الإرادة الشعبية الجامعة لا تزال تتماهي وتصطف إلي جانب إرادة الغالبية الانتخابية، التي حصل عليها منذ عام او أكثر قليلا، وبالتالي فهذه الانجازات باتت مطلوبة في زمن الجدل والسجالات الاعلامية والسياسية المفتوحة علي مصراعيها في كثير من الدول، خصوصا أن الديمقراطيات المعاصرة في الغرب قد انتجت دوائر جديدة مكملة ومتممة للشرعية السياسية لأي نظام، ومنها شرعية الانجاز التي يتم قياسها والتعرف عليها أولا بأول عبر قياسات الرأي العام وغير ذلك من أدوات، وبالتالي فإن تجربة الرئيس السيسي في الحكم تضع أسسا جديدة وراسخة ومطلوبة في هذه الفترة من تاريخ مصر المعاصر، إذ يؤسس لشرعية الانجاز كأحد متطلبات البقاء علي كرسي رئاسة المحروسة جنبا إلي جنب مع شرعية الانتخاب. لقد قضي الكثير من المثقفين والأكاديميين وقتاً طويلا واستنزفوا جهداً شاقاً في محاولة «تعليم» قادة جماعة الإخوان المسلمين عندما تولوا منصب الحكم في مصر خلال عام 2012 بأن هناك ما يعرف بشرعية الإنجاز، وأن تصديق الناخبين علي اختيار رئيس ما لا تعني نهاية العالم وليست صكاً علي بياض حتي نهاية فترة رئاسته، وإلا فما معني اهتمام القادة والرؤساء في الغرب بمتابعة شعبيتهم عبر استطلاعات الرأي بين الفينة والأخري؟ ولقد أثبت الرئيس السيسي منذ الساعات الأولي لتوليه الحكم في مصر إدراكه قيمة الانجاز وضرورته وحاجته إليه رغم حصوله علي نسبة طاغية من أصوات الناخبين، كان يمكن أن يتكئ عليها حتي يلتقط انفاسه في الحكم علي أقل التقديرات، ولكن خطابه السياسي كان يركز علي الانجاز ويعكس رغبة دفينة وعميقة في الفوز بسباقه الشخصي مع الزمن من أجل تحقيق ما يريده ويتطلع إليه. بطبيعة الحال، كان من حسن طالع الشعب المصري، بل من حسن حظ الرئيس ذاته أنه ينتمي إلي المؤسسة العسكرية المصرية العريقة، التي تعلي قيمة الانجاز وتميل دوما إلي مواجهة التحديات بما تمتلكه من إصرار وعزيمة وانضباط عسكري تحسد عليه، وهذه أمور أسهمت بدور مؤثر في تحقيق إنجازات ملموسة في فترة العام الأول المنقضي من رئاسة السيسي، والذي يتوج عمليا بافتتاح واحد من أبرز مشروعات مصر للقرن الحادي والعشرين. مشروع قناة السويس الجديدة يمتلك أبعادا عدة، بحكم كونه ذا قيمة اقتصادية واستراتيجية وتنموية عميقة، ولكن أحد أهم الأبعاد برأيي أنه ينطوي علي شحنات عالية من الرمزية الوطنية، التي يمكن أن تنتشل قطاعات كثيرة من الشباب المصري إلي فضاءات العمل والأمل في المستقبل إذا ما احسن توظيف هذه الرمزية بشكل علمي مدروس بعيداً عن الضجيج والصخب العشوائي، إذ أن مشروع بهذه القيمة الضخمة يتطلب توظيفا موازياً لاستنهاض الهمم والانطلاق من رمزيته لبناء الأمل ومكافحة شحنات الاحباط واليأس التي تحاول جماعات التطرف بثها في نفوس الشباب وغيرهم من الشرائح العمرية. بحلول السادس من أغسطس المقبل إن شاء الله، يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أضاف إلي سجله الرئاسي إحدي ركائز الشرعية السياسية الإضافية الداعمة لحكمه، وهي شرعية الانجاز التي تعد الأصعب والأكثر استدامة وتأثيرا ودرءا لحملات أعدائه والمغرضين والمشككين، فهنيئا لمصر وشعبها وإلي مزيد من المشروعات الضخمة التي تكرس الأمن والاستقرار وتدفع مسيرة التنمية في مصر الحبيبة.