فأجهل إنسان علي وجه الأرض هو من عصا الله حتي ولو كان يحمل مائة دكتوراه، وأعلم إنسان علي الأرض هو من اطاع الله ولو كان لا يعرف القراءة والكتابة ضحكوا علينا وأخافونا من الجهاد في سبيل الله وقالوا إنه يعني القتال والإرهاب والحقيقة اننا لسنا في زمن جهاد القتال وإنما جهاد الكلمة والنصح والتوجيه. خدعوك فقالوا إن «الجهاد» في الإسلام يعني «القتال» لذلك رفضوا هذه الكلمة وحذفوها من الكتب والمناهج الدراسية باعتبارها تحريضا علي العنف والإرهاب بينما الجهاد فضيلة وعمل صالح يعني كل جهد يبذل لكي تكون كلمة الله هي العليا. فالجهاد مقصد وهدف واسع والقتال وسيلة وأداة ضيقة فتعمد اعداء الدين أن يدفعونا لنترك الجهاد كمقصد وحبسونا في الوسيلة وقالوا أتركوها لانها مفسدة. وكانت النتيجة أن هجرنا الجهاد وتخوفنا منه حتي لا يشتم أحد أننا مع القتال المذموم. وهذا المعني الذي ساد في أوساط العامة الآن يعد صورة واضحة من صور الانحراف تحتاج إلي تصحيح. حتي لا يخاف الناس من الدين ويظنون ان الإسلام يعني الإرهاب.. فكل جهد يبذل لاعلاء كلمة الله في الأرض باللسان والمال هو جهاد مرغوب بل إن العلماء يؤكدون أن القتال الآن صار أمرا غير جائز.. فعلي أي شيء تقاتل ومن تقاتل. وهل قتل المسلمين يعد جهادا؟ بالطبع لا.. بل إن أغلب العلماء يرون أن جهاد القتال لم يعد يصح في هذا الزمان مثله مثل تعبير «ماملكت أيمانكم» من الجواري والسبي الذي ينتج عن الفوز في الغزوات والسرايا وتحول الجهاد الآن إلي مجاهدة المعاصي في حياتنا وترغيب الناس في المجاهدة علي الطاعة. فنحن لا نكره العاصي فنقتله ولكن نكره المعصية فنوجه صاحبها إلي الإيمان نكره الخطأ ولا نكره المخطيء، ننقد القول ونحترم القائل.. مهمتنا هي القضاء علي المرضي لا علي المرضي وحتي لو حصدنا شوكا يوما فالاصل أن نزرع الخبر فيحب الناس الدين بسببنا ويقبلون عليه ويرون فيه السعادة والطمأنينة بسبب جهدنا علي أنفسنا ثم عليهم.. أما تغيير المنكر باليد قبل اللسان والقلب فليس مقصودا به تناحر الجماعات والدول وانما يقتصر الأمر فيه علي ما تملكه ولك حق السيطرة عليه فالاب يضرب ابنه قبل سن التكليف وبعد التكليف بقليل ليوجهه إلي الصلاة. فإذا كبر الابن وتخطي سن الرشد فليس علي الاب ضربه وانما توعيته وحثه ونصحه. حينئذ يكون جهاد الرحمة والاكرام والتضحية. فأجهل إنسان علي وجه الأرض هو من عصا الله حتي ولو كان يحمل مائة دكتوراه، وأعلم إنسان علي الأرض هو من اطاع الله ولو كان لا يعرف القراءة والكتابة.. وفي الحديث الشريف: «من تعلم علم الدين يبتغي به عرض الدنيا لا يجد ريح الجنة يوم القيامة».. ورغم أن الله حمي دينه وكتابه من التحريف فإنه لم يعصم أهل الدين من الانحراف عن المفاهيم والقيم الدينية. واكبر جريمة يقوم بها إنسان في الحياة هي أن يصد عن سبيل الله ويبعد الناس عن ربهم، ويغويهم بالمفاسد لينسوا وتناسوا أمر ربهم الذي خلقهم ليعبدوه ويتعرفوا عليه ويعظموا أمره. فهذا الإنسان ليس ضالا فقط وإنما مضل يمنع نور الله عنه حياة الناس ويشغلهم عن عبادته.. واكد حسنة يعملها الانسان في الدنيا أن يوصل نور الله إلي قلوب العباد وأن يأخذ بايديهم ويساعدهم لمعرفة الطريق إلي الحياة الحقيقية وهي التي تبدأ بعد الموت حيث ينعم الإنسان بلقاء خالقه: «فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم». وهذا هو الفريق الأول «أما الثاني وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم» والإنسان يختار لنفسه.. والفرصة موجودة دائما للاختيار مادمنا علي قيد الحياة.. ويابخته اللي يلحق يغير وجهته من حب الدنيا الفانية إلي الاستعداد للآخرة الباقية.