عندما يتحول موقف المانيا من توصيف ماحدث في 30 يونيو بأنه انقلاب إلي اعتراف بالأمر الواقع وصل إلي حد توجيه المستشارة الألمانية انجيلا ميركل دعوة رسمية للرئيس السيسي لزيارة ألمانيا فلابد أن تكتسب الزيارة الحالية للسيسي لألمانيا أهمية خاصة باعتبارها نقطة تحول في الموقف الالماني حتي وإن لم يصل إلي مانتمناه من اعتراف علني بثورة 30 يونيو.. لكن المؤكد أنه اعتراف بقيمة ودور مصر وثقلها الإقليمي والدولي وأنها دولة لايمكن تجاهلها أو اتخاذ موقف مناهض لها. دعوة ميركل للسيسي لزيارة المانيا تسمح لها بأن تستمع إليه مباشرة وتتعرف عليه عن قرب وتطرح عليه المخاوف الألمانية من انتهاك الديمقراطية التي تتصدر اهتمامات الغرب وليس المانيا وحدها.. وتسمح للسيسي بأن يعرض عليها حقيقة الصورة في مصر وكيف استجاب الجيش لدعوة الشعب لانقاذه من حكم جماعة فاشية اتخذت من الديمقراطية سلماً للوصول إلي الحكم ثم قذفت به بعيدا لتبقي في السلطة للأبد! من المتوقع أن يحرص السيسي أيضا علي توضيح خطر الارهاب علي العالم كله وتأكيد أن تصدي مصر للارهاب لابد أن يحظي بدعم دولي لأنه مامن دولة في العالم في مأمن من خطر الارهاب. علي مستوي العلاقات الثنائية فالزيارة تستهدف بالطبع دعم التعاون المشترك في جميع المجالات وان كان هذا التعاون يحقق مصلحة لمصر فإنه بالتأكيد يحقق مصالح أكبر للجانب الألماني سواء للمستثمرين أو الشركات التي ستنفذ مشروعات كبري وفي مقدمتها شركة «سيمنس» التي ستنفذ 4 مشروعات في مجال الطاقة توفر عشرة آلاف ميجاوات توازي ثلث احتياجات مصر من الكهرباء. انعقاد أكبر منتدي لرجال الأعمال من البلدين خلال الزيارة بمشاركة 300 رجل أعمال منهم 200 ألماني و100 مصري وحضور الرئيس جانبا من جلساته ودعوته للمستثمرين الألمان للاستثمار في مصر يؤكد استمرار جهوده لفتح مجالات الاستثمار أمام المستثمرين من جميع الدول.. جهود يبذلها بصدق ونترقب نتائجها خلال شهور أو سنوات قليلة. قوانين الانتخابات.. «رايحة جاية»! بعد رحلة اعداد طويلة انتهت بعدم دستورية قوانين الانتخابات التي أعدتها لجنة خاصة برئاسة المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية بدأت الرحلة الثانية لمشروعات القوانين ومازالت «رايحة جاية» بين لجنة الهنيدي والحكومة والاحزاب وقسم التشريع بمجلس الدولة.. بداية الرحلة الثانية كانت في لجنة اعداد قوانين الانتخابات.. ثم حوار مجتمعي للاحزاب والقوي السياسية باعد بين الفرقاء أكثر مما جمع بينهم وانتهي إلي حيث تريد اللجنة!.. احيلت القوانين إلي مجلس الوزراء ومنه إلي قسم التشريع بمجلس الدولة الذي طلب بيانات احتاجت وقتا طويلا من لجنة إعداد القوانين لتوفيرها.. وبعد تسليم هذه البيانات لقسم التشريع بمجلس الدولة توالت التصريحات «مازلنا ندرس.. أوشكنا علي الانتهاء.. سننتهي خلال أيام» وهكذا.. وفجأة دخل علي الخط مشروع القانون الموحد للانتخابات الذي أعده 38 حزبا بمبادرة من حزب المحافظين وأحالوه إلي رئيس الجمهورية.. بعد أكثر من أسبوع قيل أنه أحيل للحكومة لتحيله بدورها للجنة إعداد قوانين الانتخابات التي أعلن رئيسها المستشار إبراهيم الهنيدي وزير العدالة الانتقالية ان اللجنة ستجتمع لدراسته الاسبوع القادم وسترفع تقريرا للرئيس بشأن ما اعتمدته من مقترحات تضمنها مشروع الأحزاب أو عدم الأخذ بأي منها. بدوره قرر قسم التشريع بمجلس الدولة وقف مناقشة قوانين الانتخابات انتظارا لوصول مشروع الأحزاب وقال المستشار مجدي العجاتي نائب رئيس مجلس الدولة انه ليس هناك مدة محددة لمراجعته أو الانتهاء منه «يعني حسب الظروف»! وطرح طرحا جديدا مفاده أن هناك اتجاها لدمج قوانين الانتخابات الثلاثة «مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية وتقسيم الدوائر» في قانون واحد وارساله إلي الحكومة لإقراره.. وهكذا تتواصل الأزمة مما يؤكد ما ذكرته الأسبوع الماضي من أن التوقعات بإجراء الانتخابات في شهر سبتمبر أو أكتوبر القادمين قد تمتد لمدي أطول. عقب مقالي الأخير بعنوان «قوانين الانتخابات في أزمة» سألني الزميل لويس جرجس نائب رئيس تحرير الجمهورية عبر «الفيسبوك» متي تنتهي الأزمة؟ وأجبته «عندما تكون هناك إرادة حقيقية لإجراء الانتخابات» وأضيف ان الارادة وحدها لا تكفي بل لابد ان تتوافر الأجواء التي تضمن نجاح الانتخابات فليست القضية هي انتخاب برلمان والسلام، بل لابد ان تجري الانتخابات في اجواء ديمقراطية تضمن ان يعبر البرلمان القادم عن مختلف القوي السياسية وفئات الشعب تعبيرا صحيحا.