صدقوني أصبحت مؤمنا بأن هناك حالة مرضية في علاقة المواطنين بالحكومة. ليس حكومة المهندس ابراهيم محلب ولكن أي حكومة. دائما الناس في حالة «عناد» مع الحكومة وهناك حالة من الشك والريبة تسود هذه العلاقة منذ سنين طويلة. دعونا نعترف بان سبب هذه الحالة هو سلوك كل حكومات مصر فيما بعد ثورة 23 يوليو 1952 والتي عودت الناس علي انها لا تفي بما تعد. بل وفي أحيان كثيرة يصبح الواقع في الاتجاه المعاكس لاي وعد تقدمه للناس واصبح هذا السلوك ميراثا وعبئا ثقيلا ندفع ثمنه ومعنا كل الحكومات التي فشلت في ان تقيم جسورا من الصدق مع المواطنين. كان الرئيس حريصا منذ أول خطاباته او لقاءاته علي ان يوضح الحقائق كاملة أمام المواطنين حتي وان كان في بعض الاحيان قد حاول ان يخفف من وطأة وحقيقة التحديات التي نواجهها. ربما كان ذلك مبعثه روح التفاؤل وثقته الشديدة في قدرة المصريين علي صنع المستحيل وربما كان ذلك مبعثه عدم بث حالة من اليأس او الاحباط. وعلي نفس النهج سارت حكومة المهندس محلب وبعيدا عن ذلك كله لاتزال هناك حالة من «العناد» بين المواطنين والحكومة. وهنا دعونا نتطرق لمشكلة الزيادة السكانية. لقد فشلت كل الحكومات المتعاقبة في ايجاد حلول للمشكلة خاصة مع وجود مفاهيم دينية مغلوطة حول تنظيم الاسرة لكن سبب الفشل الاساسي يعود لحالة عدم الثقة في الحكومة.. أي حكومة. ومن هنا فإنه لا مفر من ان يكون هناك ربط بين قناعة الناس بضرورة تنظيم الأسرة وبين الخدمات التي تقدمها الدولة. لابد ان تكون هناك حوافز حقيقية للاسر المنضبطة والاسر التي تنتمي لفصيلة الارانب والارتكان الي ان الارزاق علي الله وهي حقيقة لا تمنع إعمال العقل والمنطق. والثقة بين الناس والحكومة لا ترتبط من خلال التوعية والوعظ والارشاد فقط لكنها تبدأ دائما بعد «الفلوس» ومقارنة الدخل بالانفاق.