يوما بعد يوم تتزايد المخاوف من تحول ليبيا إلي نقطة استقطاب استراتيجية للمقاتلين الراغبين في الالتحاق بداعش، مستغلين ما تعانيه منذ أربع سنوات من فوضي أمنية وسياسية، وتوافر عوامل لوجستية وجغرافية تسهل الانضمام لهذا الفرع من التنظيم الارهابي ورغم الاصوات التي بدأت تعلو في الدول أوروبا محذرة مما يجري في ليبيا باعتباره تهديدا مباشرا لها وآخرها تحذير رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس من ان الارهاب يشكل تهديدا مباشرا علي امن اوربا ومطالبته بضرورة القيام بمضاعفة الجهود لمواجهة هذا التهديد..الا ان كل ذلك لم يقنع الولاياتالمتحدة بالاستجابة للمساعي الحثيثةالتي تبذلها الحكومة الليبية المعترف بها دوليا لحث امريكا علي مدها بالسلاح او رفع حظر استيرادها للسلاح الذي فرضه مجلس الامن بحجة أنه سيؤدي إلي تقوية الجيش علي حساب الطرف الآخر، ويري مراقبون أن هذا التلكؤ في تسليح الجيش الليبي يعقّد الوضع الامني في ليبيا ويزيد من خطر انتشار وتمدد العناصر المتطرفة التي تتغذي من غياب الدولة.فهناك حالة من الاجماع بأن تردد الغرب وافتقاره لاستراتيجية واضحة لمواجهة الفوضي داخل ليبيا يعتبر من الأسباب القوية لتزايد قوة داعش حاليا ومستقبلا لأن هذا التردد يمنحه الفرصة والوقت الكافيين للتوسع. ورغم انعدام الخلافات الطائفية في المجتمع الليبي والتي يعتمد عليها داعش في توسعه بالدول الأخري الا ان ليبيا بها عوامل اخري تساعده علي الانتشار مثل الفوضي والفراغ الأمني وانعدام وجود مؤسسات قوية داخل الدولة. ويري مراقبون انه مع تضييق الخناق علي الجماعات المتطرفة في سورياوالعراق وأماكن أخري وتكبدها انتكاسات عديدة في سوريا مؤخر ا، فان ذلك سيجعل داعش تنقل وتكثف نشاطها في ليبيا، مستغلة حدودها المفتوحة وغياب السلطة المركزية. يحدث ذلك في نفس الوقت الذي تؤكد فيه وزارة الدفاع الامريكية ان قوات التحالف الدولي بزعامة امريكا تستعد لشن حرب علي داعش في ابريل القادم لتحرير الموصل ثاني اكبر المدن العراقية التي يسيطر عليها داعش منذ يونيو الماضي. وعلي الجانب الاخر يؤكد خبراء عسكريون ان آلاف المقاتلين من منطقة المغرب العربي، الذين يعملون حاليا تحت لواء داعش في العراقوسوريا من المتوقع ان يتوجهوا إلي ليبيا التي أصبحت أرضا خصبة لعملياتهم الارهابية بسبب هشاشة الوضع الأمني والسياسي هناك. كما تؤكد تقارير غربية ان مقاتلين من سوريا وتونس والمغرب والجزائر وأفغانستان والشيشان وباكستان وأماكن أخري يتدفقون حاليا علي مصراتة وسرت ودرنة. وهناك توقعات ان يعمل داعش علي فتح جبهة إضافية في حربه مع التحالف الدولي داخل دول أفريقيا جنوب الصحراء، وذلك عبر إعلانه عن التنسيق والتعاون الوثيق مع جماعة بوكو حرام في نيجيريا، التي تخوض بدورها مواجهة مفتوحة مع عدة دول أفريقية، منها النيجر وتشاد والكاميرون. ورغم المخاوف التي تعتري بشدة دول جوار ليبيا الستة، مصر وتونس الجزائر والسودان وتشاد والنيجر، من تضرر أمنها نتيجة الوضع في ليبيا. الا ان هذه الدول تختلف في رؤيتها لمواجهة هذا الخطر،فقد دعت مصرمجلس الأمن مؤخراإلي رفع حظر تصدير السلاح عن حكومة عبد الله الثني، التي تعترف بها المؤسسات الدولية، وتتبع مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق بينما دعت كل من الجزائر وتونس إلي دعم الحوار بين الفرقاء الليبيين لحل الأزمة سياسيا مفاوضات متعثرة في الوقت نفسه فإن المحادثات التي ترعاها الاممالمتحدة بين الفرق المتصارعة في ليبيا لاتسير بالشكل الذي ترجوه الاطراف الدولية التي تتذرع بالحل السلمي ورغم ان الهدف من المفاوضات هو احتواء الصراع علي السلطة بين الحكومتين المتنافستين – المعترف بها دولياً بزعامة عبد الله الثني (شرق البلاد) والاخري التي تسيطر عليها جماعة " فجر ليبيا" في طرابلس - وتشكيل حكومة وحدة وطنية. إلا أنها عملية ليست سهلة في ظل تمسك كلا الطرفين بالحل العسكري لحسم الصراع علي الارض اولا هناك ثم الجلوس إلي مائدة المفاوضات . وتحاول هذه الاطراف، التي قدم بعضها الولاء لداعش، وعلي مدار أشهر، تقسيم البلاد ومصادر النفط.كانت كل من بريطانياوالولاياتالمتحدة قد رفضتا طلب ليبيا لمجلس الأمن الاسبوع الماضي برفع حظر التسليح عن الحكومة الليبية لمحاربة تنظيم داعش. وقالت الدولتان إن ليبيا تحتاج أكثر من السلاح إلي حكومة وحدة وطنية، في الوقت الذي يري فيه خبراء أن الحل الامثل هو التفاوض نحو هدنة بين الجماعات الليبية المتحاربة لغرض تشكيل حكومة وحدة وطنية.وإلي ان يحدث ذلك سوف يستفيد تنظيم داعش من الوضع السياسي والامني المضطرب في ليبيا في توطيد وتثبيت دعائم دولة الخلافة المزعومة، والتي اصبحت قوة جذب لمتطرفين من مختلف دول العالم.. وهو مايجعل ليبيا مرشحة لان تصبح بؤرة جديدة للإرهاب في شمال إفريقيا، في الوقت الذي يحذر الخبراء من تحولها بمرور الوقت إلي شبكة دولية بسبب تزايد عدد التنظيمات الإرهابية في العالم التي تنضم إليها وهونفس ماتؤكده صحيفة الجارديان التي تري ان ليبيا اصبحت الأرض المثالية لنمو الجماعات الإرهابية الطائفية.