استطاعت إيران التواجد بقوة في لبنان عبر الطائفة الشيعية التي تمثل حوالي ثلث عدد السكان، ويتركز الشيعة في مناطق جنوبلبنان، والبقاع، والضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. الوجود الإيراني في لبنان متمثل بشكل واضح في حزب الله الذي يشاوره ويعمل برأيه حتي في تعيين رئيس الجمهورية اللبنانية، وحزب الله هو حامي حمي المصالح الإيرانية في تلك المنطقة. وخلال هذا العام تراجعت مكانة حزب الله في لبنان تراجعاً كبيراً بعد ان تحالف الحزب مع نظام بشار وشارك في الحرب السورية، ولذا يعتبره الكثير من اللبنانيين غير الشيعة وكيلاً أجنبياً يخدم المصالح الإيرانية. لكن هذه النظرة سرعان ما تراجعت نتيجة اجتياح تنظيم داعش سوريا والعراق وأنزل الويلات بالأقليات الدينية مغرقاً المنطقة بأسرها في صراع مفتوح. ونظراً لهشاشة وضع لبنان بحث اللبنانيون مرة أخري عن منقذٍ وطني. وقد استعد حزب الله للقيام بهذا الدور فعندما حاولت عناصر من «داعش» و«جبهة النصرة» التسلل في أكتوبر الماضي إلي شرق لبنان، وقف لهم حزب الله بالمرصاد ونجح وحده في مواجهة المقاتلين دون مساعدة الجيش، وبأقل عدد من الضحايا.حاليا يبدو «حزب الله» هو الحاجز الوحيد الذي يقف بين اللبنانيين وبين تنظيم داعش وإذ يشعر الحزب بوجود فرصة تسنح لعودته إلي المجتمع اللبناني، يروج في الوقت نفسه لقدرته علي التصدي بنجاح لتنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» وقد استفاد «حزب الله» من تغير النظرة المحلية تجاهه ليعيد إحياء «كتائب المقاومة اللبنانية» التي أسست عام 1988 لغير الشيعة الراغبين بقتال إسرائيل، وذلك من أجل محاربة تنظيم داعش وتشير بعض التقارير حتي إلي انضمام [متطوعين من] السنة إلي هذه الكتائب. ويجدر بالذكر أن «حزب الله» منظمة تتمتع بقدرة تأقلم عالية، وإذا تصرفت بطريقة استراتيجية قد تتمكن مرة أخري من الظهور بحلة المنقذ للبنان. ولكن من الخطأ أن نظن أن الميليشيا الشيعية لم تتعلم من تجاربها علي مدي الأعوام الأربعة عشر الماضية. فحين يتراجع تهديد «داعش»، من المحتمل أن يختار «حزب الله» مرة أخري مقاربة أكثر توافقية مع المجتمع اللبناني من أجل الحفاظ علي الدعم الشعبي له. ولكن لا يجوز اعتبار هذا التحول التكتيكي بمثابة تغيير فعلي في الإيديولوجية ذلك أن «حزب الله» كان ولا يزال حزب إيران، لا حزب لبنان.. خاصة ان استمرار حزب الله في القتال إلي جانب النظام السوري سيُبقي لبنان غارقا في مستنقع الإرهاب وسيوقعه أكثر فأكثر في الحفرة السورية. ويتصرف الحزب وكأنه دولة قائمة بحد ذاتها، لا تمتثل لإرادة الدولة وسيادتها، ولا تحترم أي مؤسسة دستورية وسياسية، ولا تقيم أي اعتبار للمؤسسة العسكرية. بالإضافة إلي ذلك، فان حزب الله، وبعكس المؤسسة العسكرية الوطنية، يتمتّع باستقلالية تامة. فهو ينتشر في عدد من المناطق الحدودية الشرقية مع سوريا، ويقيم الحواجز، ويشتبك مع المسلحين ساعة يشاء، ويفتح الحدود لمقاتليه للقتال في سوريا. وتؤكد مصادر سياسية أن بعض الأجهزة الأمنية واقعة تحت قبضة الحزب.