هذا العام كانت اليمن من أكبر الساحات العربية التي أصبحت مرتعا للنفوذ الإيراني، وتقود إيران التحركات العسكرية التي تشهدها اليمن عن طريق دعم الحركات الشيعية والانفصالية، حتي أصبحت اليمن ساحة حرب مشتعلة. يمتد النفوذ الإيراني في اليمن عبر الطائفة االشيعية التي تمثل الأقلية، ويغلب عليهم المذهب الزيدي، وتقدر نسبتهم بحوالي 30% من إجمالي السكان، كما يوجد في اليمن طائفة الشيعة إلاسماعيلية، ويبلغ عددهم نحوبضعة آلاف وتقود إيران الحرب الدائرة في اليمن عن طريق جماعة أنصار الله الشيعية المعروفة باسم جماعة الحوثي، التي تخوض بدعم إيران حروبا قوية للسيطرة علي العديد من المحافظات.واستطاعت الجماعة الحوثية السيطرة علي محافظة «صعدة» مركزهم الرئيسي في الشمال، وعلي العاصمة صنعاء، واستولوا علي مقرات الحكومة والجيش والمؤسسات الاقتصادية والنفطية، كما سيطر الحوثيون علي عشرات المحافظات، وبحسب المراقبين، تدعم إيران الحراك الجنوبي الذي يطالب بانفصال جنوب اليمن. ولم يسبق أن بدا موقع الرئيس عبدربه منصور هادي علي رأس الدولة اليمنية موضع تهديد مثلما هوعليه حاليا في ظل أخطر تصعيد تقوم به جماعة أنصار الله الحوثية بلغ حدّ التلويح بالإطاحة به، لأول مرة منذ سيطرة الجماعة الشيعية المدعومة من إيران علي صنعاء أواخر سبتمبر الماضي. وقد اصبح الحوثيون القوة رقم واحد في المعادلة السياسية اليمنية، بعد أن استولت علي معظم مدن اليمن واصبحت مهيمنة علي المشهد السياسي فيه بعد رفضها للحكومة اليمنية الجديدة برئاسة خالد بحاح. ومن المتوقع ان يسعي الحوثيون العام القادم لتحقيق أهداف استراتيجية تتمثل في السيطرة علي الحكم، أوإقامة دويلة جنوب السعودية، أوالحصول علي حكم ذاتي، أوعلي أقل المستويات فرض محاصصة في الحكومة مع الحفاظ علي مناطق السيطرة والسلاح ومن ثم التدرج في تشكيل حكم شبه ذاتي في صعدة أوابتلاع الدولة من الداخل. أوتحقيق أهداف مرحلية قد تتمثل في التدرج في إسقاط الدولة، وتحقيق اختراق للمؤسسات الحكومية والمدنية والدولية ووسائل الإعلام والتأثير في أدائها، وإضعاف العوامل التي ساعدت الثورات السابقة، كالعوامل الاجتماعية كالقبيلة أوالسياسية كالأحزاب.اوإثارة الفوضي وخلق صراعات مناطقية وطائفية، وفرض واقع سياسي جديد من خلال التمدد العسكري، واختراق جماعات العنف واستغلال اندفاعها، والقضاء علي الخصوم السياسيين والمذهبيين في مناطق السيطرة وإضعاف تأثيرهم في الدولة، وتحييد الدول المؤثرة إقليميا ودوليا، وإضعاف السعودية أوإرباكها، وتهيئة اليمن لحضور إيراني قوي بالذات في مضيق باب المندب. ويعتمد الحوثيون علي عوامل داخلية لتحقيق أهدافهم، منها: الاختراقات التي حدثت في الحروب السابقة، والانقسام الذي أحدثته الثورة السلمية، والدعم اللوجستي الذي يوفره لهم معارضوالتغيير، والتمدد العسكري وحالة البلد الانتقالية والتشويه الإعلامي للتغيير والمبادرة الخليجية وحكومة الوفاق. كما ان هناك بعض العوامل الإقليمية والدولية التي تساعدهم علي تحقيق هذه الاهداف، أهمها: المخاوف الخليجية والأمريكية من الإسلام السياسي الصاعد من خلال الربيع العربي، والتقارب الأمريكي الإيراني، والخلاف السعودي الأمريكي بشأن سوريا، والاستفادة من الإستراتيجية الغربية الداعمة للأقليات لإحداث توازن سياسي مع الإسلاميين، والحرب الدولية علي جماعات مسلحة غير شيعية من خلال برامج مكافحة الإرهاب. كما يأملون في استفادة الغرب منهم كعامل ضغط علي الجوار الخليجي لتحقيق مصالح واستمرار تدفق النفط، ومحاولة واشنطن احتواءهم لإحداث قطيعة بينهم وبين إيران وأذرعها العسكرية مثل حزب الله.