يالك من مبدع أو مبدعة.. كلمة تتردد أمام كل عمل متقن يقوم به المرء بعيدا عن الأغراض والحسابات و يبتغي به الوصول إلي حالة الإبداع سبحان من صور الكون وأبدعه.. هذا المعني الإلهي المطلق نتعلم منه فلو في الكون مجرد عيب بسيط أو جانبي لانهار فوق رؤوس الخليقة ومن تحت اقدامها وها نحن نتلمس هذا المعني الإلهي فيما نقوم به من تعمير في الأرض والوجدان. مؤتمر «أخبار اليوم الاقتصادي» كان البداية لتعمير الأرض وتمهيدها لاستقبال المشروعات الاستثمارية التي تفيد المواطن والوطن ولكي يتم تحقيق ذلك الهدف قدمت عدة توصيات أهمها القضاء علي معوقات الاستثمار والوصول إلي شباك واحد لإتمام الإجراءات وتجهيز البنية التحتية وتأهيل العمال حتي يعود النفع علي الجميع. وبعد المؤتمر الاقتصادي لتعمير الأرض قدمت مؤسسة أخبار اليوم «مؤتمر الإبداع.. مستقبل مصر» وهو الركن الثاني للتعمير وكما ان هناك ابداعا يتم من خلال تنفيذ مشروعات عملاقة باتقان مثل حفر القناة الجديدة في وقت قياسي وزراعة مليون فدان وتنمية إقليم القناة، أصبحنا في حاجة ملحة للإبداع الوجداني خاصة أن بلدنا يمر بحالة بلادة واستكانة وجدانية بعد أن كنا أصحاب ريادة حقيقية في معظم دول العالم. مازلنا ننقب في ماضينا عن الأعمال الابداعية بجميع منافذها من شعر وتراث وكتب ودراما وسينما ومسرح وغناء لنستلهم منها انطلاقة ابداعية جديدة تعيد الوصل الإبداعي. مؤتمر أخبار اليوم للإبداع قدم العديد من التوصيات التي تنمي حالة الإبداع الوجداني لتشد أزره حتي يساير حالة الإبداع المعماري والزراعي والصناعي المنتظر في خطط التنمية التي ترجوها مصر. الشعراء والمثقفون والفنانون والأدباء ولجنة الصناعات التراثية اجتمعت علي هدف أساسي وهو الحماية الفكرية ومنع القرصنة التي هي أشبه بتزييف العملات وضمان حق الأداء العلني للتأليف والتلحين حتي لا يصاب أصحابه باليأس والإحباط بسبب ضياع حقوقهم فلا يبدعون. علي شاشة الإبداع في الزمن الماضي كانت مصر تملك مقومات وقامات إبداعية في كل مجال من تأليف وتلحين وشعر وكتب وغناء وقصة ودراما وخلافه.. كانت مصر في كل بيت عربي وإسلامي وعالمي ليست ضيفا وإنما ركنا أساسيا في حياة المواطن كانت تعمر وجدانه ولا يستطيع أحد أن ينكر هذا الإبداع المصري في كل المجالات التي شكلت وجدان المواطن في كل أرض عربية فصار يتحدث اللهجة المصرية من خلال ما قدم له علي مدار الزمن ومازالت قامات الغناء أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم تمثل مساحة كبيرة علي الساحة الغنائية العربية والأعمال الوطنية التي جسدت التجربة المصرية منذ ثورة 52 وحتي ثورتي 25 يناير و30 يونيو تسطر سطرا وجدانيا في حياة الشعوب العربية. مؤتمر أخبار اليوم «الابداع.. مستقبل مصر» أراد أن يمهد الأرض مثل المؤتمر الاقتصادي لإزالة الألغام الفنية والقانونية والمادية حتي يعود الإبداع إلي مكانته الأولي خاصة ان مصر وهي قلب العروبة وأفريقيا والأمة الإسلامية تتعرض لضربات موجعة لإصابة المواطن المصري في وجدانه وبث روح اليأس فيه حتي لا ينتج أو يتقن عمله ولتثبط هممه عن البناء وهذه الأعراض المرضية التي يبثها العالم والأعداء ضد الروح المصرية لاتقل خطورة عن محاربة الإرهاب والإلحاد الذي بدأ ينثر بذوره علي الساحة الإعلامية. شحذ الهمم لتعمير الأرض لا ينبغي ان يسير بمفرده فبدون شحذ الوجدان لن نستطيع ان نتقدم للأمام فلا يمكن ان يسير المواطن بقدم واحدة وأخري متعثرة. لن نستطيع أن نقضي علي الإرهاب والإلحاد دون ان نقدم عملاً إبداعياً يقنع وجدان المواطن ويشحذ هممه للقضاء علي الأمراض الاجتماعية التي أصابتنا في مرحلة الركود والركون إلي الأعمال التافهة حتي وصل الأمر ان الدراما التركية ازاحت الدراما المصرية واحتلت مكانها. وكما قال القادة الأتراك غزونا العالم بقوتنا الناعمة قبل ان نطأه بأقدامنا الاقتصادية. مؤتمر الإبداع عودة لاستلهام روح الإبداع الماضية لصنع وتسطير تاريخ جديد لمصر.