استوعب تماما حالة الغضب الشديدة التي حلت بالقاعدة العريضة للأحزاب السياسية، خاصة بين الشباب، إثر علمهم ترشح وجوه من أعضاء الحزب الوطني المنحل للانتخابات البرلمانية المقبلة، فذلك أمر طبيعي أن يغضبوا، لما تمثله تلك الوجوه من كونها كانت تنتمي لنظام ثار عليه الشعب وأسقطه، ولكن ما يدهشني ويستفزني في وقت واحد، هي تلك الأصوات التي تتعالي مطالبة بتشريع يمنع ترشح أعضاء الوطني المنحل بالبرلمان؟ فهل يحتاج الأمر إلي تشريع؟ هل يحتاج الشعب الذي ثار علي نظام وأسقطه، إلي تشريع لمنع عودة رموز هذا النظام مرة ثانية إلي الحياة السياسية. غرابة السؤال هي التي تدفعني لطرحه، لا أجد ردا يمكن أن يجيب عليه، فإذا كنت أنا من أختار من يمثلني، فكيف أطلب مساعدتي حتي لا أخطئ في الاختيار. ألم يكن من الأحري لتلك الأصوات التي تطالب بتشريع لمنع ترشح أعطاء الوطني، أن تكثف جهودها لتوعية الشعب بأهمية ودقة اختياراتهم لمن يمثلهم في البرلمان المقبل الذي يعد من أخطر وأقوي البرلمانات في تاريخ مصر بالصلاحيات التي يملكها. لقد عاش الشعب تجارب عديدة في مختلف الانتخابات التي مرت عليه، وصولا إلي شكائر الأرز والسكر واللحوم وغيرها من الرشاوي الانتخابية لاقتناص أصواته، فماذا جني.. فوجيء بأنه أعطي صوته لمن لا يمثلونه ولايعرفهم ولا يعرفونه وذهبت الشكائر إلي مكانها وتذوقوا هم مرارة الاحساس بالظلم والفشل. كل مواطن يملك اليوم حق الاختيار بارادته ولا يجب أن تفرض عليه أي إرادة أخري، كما لا يجب فرض أي وصاية عليه. وإنما عليه أن يختار دون أن ينتظر المساعدة من أحد ليقول له هذا نافع وذلك منتفع! المواطن المصري الذي خرج في 25 يناير وفي 30 يونيو طالبا الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، يملك ارادته بنفسه ويستطيع أن يفرق بين من يصدقه ومن يغرر به. أفضل لأي مواطن أن ينجح في اختيار ممثله من بين الخادعين، من أن يظل تحت الوصاية ينتظر دائما من يأخذ بيده.. هذا الزمن انتهي ولا يجب أن تكون هناك أي وصاية علي المواطن.. أتركوه يختار مستقبله. مصر لن تعود إلي الوراء.. بيقظة شعبها وارادته القوية التي أبهرت العالم.