تنازعنا طويلا ومازلنا حول تطبيق الحد الأدني والحد الأقصي للدخل، واختلفنا واختلف الخبراء حول تحديد من يطلق عليه «محدود الدخل»، حتي ذهب ببعضهم الشطط ليصف فئات كثيرة من كبار الموظفين بأنهم من محدودي الدخل.. ولم يسأل كثيرون منا أنفسهم أين تصنيف معدومي الدخل بين هؤلاء وأولئك، وأين تحقيق الحد الأدني للكرامة الإنسانية في المعيشة إزاء من لا يعجبهم الحد الأدني ومن لا يرضيهم الحد الأقصي؟ الأمر فعلا يستدعي الخجل من انفسنا إزاء هؤلاء المعدومين، وكثير منهم يعولون أسراً وأطفالاً وقذفت بهم أقدارهم من خانة العاملين المنتجين المتكسبين إلي مجلس المرضي العاجزين المعدومين.. أحمد في منتصف العقد الرابع من عمره لم يكمل بعد 35 عاما، كان عاملا يكسب رزقه يوما بيوم ولم تسعفه الظروف الاقتصادية في الحصول علي فرصة عمل، ورضي بقسمته ونصيبه وتزوج وأرضاه الله بالذرية أيضا ومضت به وبزوجته وأبنائه سفينة الحياة وظن أن دوام الحال ليس من المحال، حتي تعرض لحادث طارئ نتج عنه كسر بالساقين وتم تركيب مسمار نخاعي بالساق اليمني، وطال به المقام في سرير المرض ولم يتحمل صاحب العمل غيبته، ففقد فرصة العمل التي كان يتوكأ عليها ويحاجي بها علي بيته وأولاده.. وهكذا تحول أحمد وأسرته إلي ريشة في مهب الريح تتقاذفها يمينا ويسارا فلا يعينه ويعينهم علي مقاومة تلك الريح سوي مساعدات الأهل والمعارف وأصحاب الأيادي البيضاء، فقد تحول أحمد إلي معدوم الدخل عديم القدرة علي العمل لا معين له من زوجة كل معرفتها بشئون البيت والأسرة فقط، أو أطفال مازالوا زغب الحواصل فأكبرهم 6 سنوات والصغري سنة واحدة.. وكتب أحمد إلي «ليلة القدر» يلتمس مساعدة مادية يسدد بها بعض ديونه ويقضي بالباقي بعض احتياجات أسرته وأولاده، وقرر الباب صرف 3 آلاف جنيه مساعدة لأحمد معدوم الدخل لعل بعض أهل الخير وما أكثرهم تمتد أياديهم البيضاء له بالمساعدة. ■ سعيد الخولي