غير أن ما لفت نظري أن بيان المتحدث الرئاسي عن لقاء شباب الإعلاميين لم يتضمن حديث الرئيس عن الفساد وانتقاده لنظام مبارك، وهنا يثور السؤال بشأن مدي مصداقية ما نقلوه عن السيسي!!.. عندما يقول الرئيس لشباب الإعلاميين إنه يجري إعداد مشروع قانون لتجريم الإساءة إلي ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ويشيد بنقاء شباب ثورة يناير التي «تأخرت 15 عاما»، ويتحدث عن فساد عمره 40 عاماً «أي منذ عصر السادات»، وعن عدم العودة للوراء ، وبأنه لا يمكن لمصري وطني أن يرضي عن مبارك ونظامه، فإننا نكون بإزاء موقف معلن ينأي فيه الرجل بنفسه عن المخلوع وفساده ويؤكد القطيعة التامة معه..ولكني أري أن الكلام والبيانات ليست كافية وإنما يجب إتخاذ قرارات وإجراءات تنفيذية فورية لتحقيق أهداف هذه الثورة وخاصة العدالة الإجتماعية، فضلاً عن أن السيسي ليس امامه إلا الإنحياز لتلك الثورة لأنها اساس شرعيته إذ لولاها لما كانت 30 يونيو ولا الدستور الجديد الذي اُنتخب علي أساسه.. غير أن ما لفت نظري أن بيان المتحدث الرئاسي عن لقاء شباب الإعلاميين لم يتضمن حديث الرئيس عن الفساد وانتقاده لنظام مبارك، وهنا يثور السؤال بشأن مدي مصداقية ما نقلوه عن السيسي، ولو كانوا صادقين فما وجه الحرج في ابراز ذلك في البيان الرسمي ؟!!..وهل يعني ذلك أن فلول مبارك يحاصرون السيسي حتي في القصر الرئاسي للدرجة التي يحجرون فيها عليه ويمنعون نشر انتقاده لنظام مبارك؟!!..ويتعين صدور توضيح من الرئاسة لأن هذا الغموض يسيء للرئيس ويُلقي ظلالاً علي مواقفه!!.. وتجدر الإشارة إلي أن مبارك لم يحصل علي حكم براءة نهائي فيما يسمي قضية القرن لأن النيابة قررت الطعن أمام محكمة النقض، فضلاً عن أن وزير العدل قال للاهرام المسائي إن «مبارك مازال متهما في قضايا تربح وكسب غير مشروع وتهريب أموال للبنوك الأجنبية خاصة في سويسرا التي تتحفظ علي 700 مليون فرنك تم إعادة تجميدها مؤخرا وهي تخص مبارك ورموز نظامه». ومن جانبه، قال المستشار يوسف عثمان رئيس جهاز الكسب غير المشروع إن الجهاز يحقق في قضايا فساد وتربح قام بها مبارك ورموز نظامه وحتي الآن تلك القضايا لم تقدم إلي النيابة العامة ثم إلي القضاء وبالتالي فأحكام البراءة ليس لها علاقة بقضايا الكسب غير المشروع، مشيرا إلي أن مبارك ورموز نظامه سيقدمون إلي النيابة بتهمة التربح والكسب غير المشروع بمجرد انتهاء التحقيقات قريباً..» ويجب ألا ننسي أن مبارك وأولاده مدانون بتُهم مُخلة بالشرف في قضية القصور الرئاسية إذ جاء في حكم الإدانة الصادر عن محكمة جنايات القاهرة «الله منّ علي مبارك وبوأه حكم مصر وأقسم علي احترام الدستور والقانون وبات نائبا عن شعبه في إدارة شؤونه وقائما علي أمواله، لكنه لم يكبح جماح نفسه وأولاده وغيرهم عن المال العام، واستباح منه دون وجه حق».. وكل ما سبق يؤكد أن مبارك لم يكن رئيس دولة ولكن «رأس عصابة» عاثت في الارض فساداً وتحاول الآن استغلال حكم البراءة المؤقت في قضية قُدمت بلا أدلة، لإعادة دولة الفساد إلي السلطة وكأن مصر لم تشهد ثورتين ضد استبداد وفساد مبارك، وفاشية وإرهاب الإخوان!!.. وأعود لأكرر أن الفساد أخطر علي مصر من الإرهاب لأن هذا الأخير مكشوف للكافة أما الفساد فقد تغلغل وعشش في كل مفاصل الوطن، وإذا كنا جادين في محاربة الفساد والإرهاب معاً فيتعين إستئصال دولة مبارك برجالها وسياساتها وانحيازاتها..وكذلك حشد الشعب في هذه المعركة وخاصة الشباب المُحبَط الذي يري زملاءه وراء القضبان بينما يُخرِج لصوص مبارك ورموز حكمه ألسنتهم من شاشات فضائيات يملكها فلول نظامه وتفرغت لتشويه الثورة والثوار!!..فمن الخطأ القاتل وضع الشباب في مواجهة وتناقض مع الدولة والعودة للقمع الامني..