لا يجدون لدي المسئولين إجابات.. فهل يا سيدي سيجدون لديك الإجابة.. ليرفعوا راية مصر.. ويقولوا: «تحيا مصر». أعلم ياسيدي أن ظروف بلادي صعبة.. ويعلم غيري كذلك.. ولكن من حقي أن أعيش.. وأتنفس.. وأتعلم.. فالعلم ارتقاء.. نقاء.. سمو.. تقدم.. حضارة.. بالعلم نعرف الطريق.. نواجه الإرهاب.. نقضي.. علي الثالوث الأعظم الذي يطاردنا: الجهل والفقر والمرض. وأعلم أيضا يا سيدي أنك رجل عظيم ربما أكثر.. ولكن المشكلة هي إنني.. ومعي في ذلك جيل جديد في بلادي.. قد أسقطنا كل الأصنام من حياتنا، المشكلة ياسيدي هي أننا ومن وقت طويل مضي قد اتخذنا قرارا بألا نعفي أحدا من النقد.. والمراجعة.. والفحص.. والسؤال.. المشكلة ياسيدي هي أننا نري أن الرجل العظيم لا يكون عظيما قبل أن يتعرض للنقد.. ويحرص عليه.. ويستمع جيدا.. ليجيب. لم يقتنع المسئول.. انه يريد التصفيق.. ونحن نريد المناقشة.. هو يريد الصمت.. ونحن نريد الكلام.. هو يريد الصوت الواحد.. ونحن نرغب في الاختلاف لنصل إلي الأهداف.. للعلم.. للرفعة.. للمكانة.. للتميز والتفوق.. جميعا.. وهو معنا ينصت إلينا.. يسمعنا.. يجيب عن تساؤلاتنا.. الكلام لك يا جارة. نعم سيدي لدينا أزمة.. العلم في حياتنا أصبح أزمة تجارة.. شطارة.. فهلوة.. سمسرة.. غابت التربية.. وغاب معها القدوة والمثل الأعلي.. غاب رجل العلم.. رغم أن مسئولية رجل العلم أن يعرف التلميذ القيم مقرونة بالعلم والتربية.. لتعود إدارة المستخدمين المسماة بوزارة التربية والتعليم إلي أصلها تربية وتعليم وليست إدارة لا هم لها إلا الترقيات والحوافز والعلاوات والتنقلات والامتيازات لأصحاب الحظوة المقربين جدا من القيادات. نحن نعيش أزمة حقيقية.. ففي الوقت الذي أصبح طالب الجامعة وتلميذ المدرسة يهرب من مسئوليته في طلب العلم ليملأ الكافيهات والمقاهي والمولات للتسكع ويضيع الوقت.. ويأتي زملاؤه الذين يحملون أفكارا مدمرة باسم الدين ليحرقوا ويدمروا الجامعات كرها وحقدا.. وتمردا وعنفا.. لا نجد من المسئولين أي تحرك للرقابة أو حتي البحث عنهم أو معرفة أسباب غيابهم.. وتغيبهم.. بالترغيب في العلم وليس الترهيب بالفصل . وهناك الآلاف ممن يتخرجون من الجامعات ولا يجدون عملا.. لأننا لم نعد أنفسنا الإعداد الجيدللاستفادة بهم.. وايجاد وظائف محترمة لهم.. تناسب مؤهلاتهم.. وترفع عن كاهل أسرهم هما ثقيلا ضمن الهموم الأخري التي يعيشونها. ولدي يا سيدي قصة مشرفة.. بعيدا عن الأزمات فدائما.. بعد الظلمة يأتي النور.. وهذه القصة لشباب ناهض واع.. مبدع جاءتهم الفرصة للمشاركة في مسابقة علمية عالمية.. أعمارهم صغيرة.. ولكن أحلامهم أكبر بكثير مما تتخيل.. واختراعاتهم بها ما يفيد العالم وليس مصر وحدها.. تشرف عليهم وزارة التربية والتعليم وتشاركها مكتبة الإسكندرية.. استعدوا للمنافسة بقوة بأفكارهم ومقترحاتهم.. استعدوا للسفر.. جاءتهم تذاكر الطيران للمشاركة في المسابقة العربية لينافسوا شبابا في مثل أعمارهم.. موعد السفر كان وشيكا.. ولكن قبله بأيام قليلة جاءهم الخبر كالصاعقة بأنهم ممنوعون من السفر لهذه الدولة.. لدواع أمنية.. لم يفهم الشباب معني الكلمة ذهبوا للاستفسار.. حتي لا تفوتهم الفرصة في المشاركة.. لا مجيب.. ليس لهم أي انتماءات فكرية دينية أو سياسية.. انتماؤهم للعلم.. وسعيهم إلي العلم.. يريدون فقط أن يرفعوا راية بلادهم مصر.. بالعلم.. بالاختراع.. بالتفوق.. بالتميز.. ولكن أغلقت كل الأبواب في وجوههم.. لأن المدينة التي سيشاركون في مسابقتها هي.. الدوحة بقطر.. وهم في هذه السن الصغيرة تحاصرهم التساؤلات .