الذي يعرفه أبناء مصر عن يوم السادس من أكتوبر ؟... احتفلت مصر هذا الأسبوع بعيد 6 أكتوبر... بابتسامة وأمل وإشراقه جديدة للحياة... خير حاضرنا زرعه أبطال أكتوبر... يوم 6 أكتوبر هو أجمل أيام مصر... هو يوم النصر ويوم العبور ويوم العزة والكرامة... هو يوم تحول فيه تاريخ مصر من نكسة إلي انتصار، ومن صمود إلي انطلاق، ومن دفاع إلي هجوم، ومن حرب إلي سلام. يوم السادس من أكتوبر هو يوم تغير فيه التاريخ المعاصر وتحول فيه تاريخ مصر بفضل المصريين وقواتهم المسلحة الباسلة. سجل أبناء مصر وأبطال القوات المسلحة عبر ست سنوات من 5 يونيو 1967 من الصمود والاستعداد والبناء إلي نصر أكتوبر ملحمة مازال يشار إليها وتدرس كإحدي أهم الحروب العسكرية التي تفوق فيها الاستعداد والتدريب، والمهارة والجسارة للعسكرية المصرية علي التفوق في العتاد، والتقدم في التقنية لسلاح العدو... فتحولت الهزيمة إلي نصر وعادت الأرض لأصحابها ورفرفت الإعلام المصرية علي سيناء كلها من القناة إلي رفح، ومن الطور إلي الشيخ زويد، ومن رأس العش إلي طابا، ومن بورسعيد إلي خليج تيران... كل شبر وكل متر من أرض سيناء يحكي قصة بطولة وفداء لضابط وجندي عاشوا في عصر مختلف عما عشناه وفي ظروف مغايرة لسنوات عديدة حتي يوم 30 يونيو 2013... كانت التحديات فيها هي تحقيق النصر والفداء والاستشهاد... كان المقاتل المصري وعبر ست سنوات من حرب الاستنزاف وطوال فترة حرب أكتوبر إلي يوم وقت القتال يخرج يوميا للاستشهاد فداء للوطن... كانت منظومة القيم والعطاء مختلفة عما نعيش فيه الآن، عشنا ظروفا قاسية، وموارد محدودة وكان "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" ونسي المصريون اختلافاتهم، ووهبوا ثرواتهم وحياتهم وحياة أبنائهم لتحقيق النصر... وأتساءل - كل عام - هل سجلنا حرب أكتوبر من عيون أبنائها ومعاصريها وبالتفاصيل الدقيقة لها؟ بالأمس قمت بتهنئة أحد أبناء حرب أكتوبر بعيد النصر وسألته أين كان يوم العبور ففوجئت بملحمة يرويها عن جنوده علي خط النار وعن المرات العديدة التي رأي فيها زملاء له يستشهدون ويقتلون بنيران العدو أو بصواريخه أو بألغام أرضية ثم كيف قاتل هو ومن معه يوم العبور وجسارة جنوده من سوهاج والمنيا وكفر الشيخ والبحيرة... من كل إنحاء مصر تركوا أهلهم وأرضهم فداء لمصر... روايات عديدة عن التعامل مع العدو بالفكر والاستعداد للقتال والتدريب الشاق... وتساءلت هل أعطينا أعظم أيام التاريخ المصري المعاصر حقها ؟ هل لدينا تسجيل بحرب أكتوبر من عيون أبنائها ؟ هل قمنا بالانتهاء من تسجيل ملحمة العبور وما قبلها وما بعدها... بناء الوطن والوطنية لا ينبع من فراغ وإنما يستند إلي ركائز ومنظومة قيم تتجرد وتعبر بوضوح عن خصائص الشعب في فترات المحن وأثناء الحروب... في ملاحم العطاء وفي قصص الفداء... تري كم قصة عطاء وفداء لدينا ؟ لماذا لا نفكر – مع التقدم التكنولوجي الكبير – في أن نسجل بالصوت والصورة لكل من حارب في حرب أكتوبر قصته مع الحرب وما قبل وما بعد النصر ؟... من كان عمره 20 عاما أثناء الحرب عمره الآن أكثر من ستين عاما... والسؤال كيف نبني أكبر وأشمل أرشيف لمن عاش حرب أكتوبر 1973... من حق الأجيال المعاصرة والأجيال القادمة أن نروي لها من بطولات الآباء والأجداد... تاريخا وقصصا ودراما وطنية... فمما لاشك فيه أن مصر التي نعيشها حاليا غير التي انتصرت في عام 1973... شباب مصر لا يعرف ما يجب أن يعرفه، يتجه إلي ماديات الحياة وسطحية الأحداث وجاذبية العولمة وازواجية وتباين الثورات... شباب مصر تدفعه وتشده سرعة التغيير وبريق المظاهر ولا يذكر تاريخ وبطولات وركائز وخصائص جيل أكتوبر... نحن مقصرون في حق شباب مصر فهو لا يعرف، ونحن مقصرون في حق جيل أكتوبر فهو لا يستحق التجاهل... فلنبن ذاكرة لتاريخ البطولة 000 ولنشجع توثيق وتحليل ملحمة الوطنية المصرية... ولنعرض هذه البطولات علي شباب مصر... فهذا حقه علينا... وهذا حق وواجب لأبطال أكتوبر... أحمد الله أني عشت لأري روح 6 أكتوبر تعود من جديد بعد ثورة 30 يونيو... أحمد الله أنني أري العزة والكرامة تعود لشعب ولجيش أكتوبر... أحمد الله أنني أري روح 6 أكتوبر في ملحمة بناء وطن جديد... وكل عام ومصر بخير وقواتنا المسلحة في أحلي أيامها وأعيادها .