مشهد كبار السن وقد افترشوا الكباري والأرصفة، وهم يقفون في مفارق الطرق، وصمة عار في جبين المجتمع الاهلي، والتضامن الاجتماعي، لأنهم تركوا هذه الفئة تواجه شظف العيش وحرارة الجو، ان المشهد يثير الشفقة «فقط» لكل من يمر بسيارته الفارهة، وكل ما يفعله هو إلقاء نظرة علي تلك السيدة العجوز، ومن لا يعلم اذا كان مصابا بالزهايمر أو خلل عقلي.. وهنا عليك ان تتذكر مشهد الفنان المرحوم سعيد صالح وهو في حالة تبول لا ارادي اثناء جلوسه في مستشفي الامراض النفسية في المشهد الاخير من فيلم زهايمر. انها فئة من المسنين الذين يحتفل بهم العالم في الاول من اكتوبر من كل عام، بينما نحن ننساهم! انه اليوم الذي اختارته الاممالمتحدة منذ عام 1990 لتدق الاجراس للاهتمام بهذه الفئة بعد ان ارتفع عدد المسنين في العالم الي 600 مليون نسمة، نصيب مصر منهم ستة ملايين، وقد ساهم في زيادة معدلات الشيخوخة، الرعاية الصحية والاجتماعية، والاهتمام بالكشف الدوري علي كبار السن، وهو يعتبر انجازا.. لكن تكشف المؤشرات ان عدد المسنين في مصر يفوق عدد الشباب! وتعمل منظمة الصحة العالمية علي الوقاية من الامراض المزمنة، وتهيئة بيئة مناسبة للكبار بعد رصد تصرفاتهم كلما تقدمت بهم السن مثل ترك البوتاجاز مفتوحا او الخروج الي الشارع، او تذكر الاحداث القديمة جدا بينما الحديثة لا يتذكرونها! وفي عائلاتنا بالقطع الجد أو الاب اللذان تقدمت بهما السن، واصبحا يمثلان عبئا علي الاسرة، خاصة في حالة زواج الابناء والبنات، او هجرتهم دون أن يجد الابناء بديلا سوي ايداع الشيوخ في دور المسنين، ويري مجتمعنا في ذلك جحودا.. بينما هناك دور خمس نجوم. ان ميثاق الاممالمتحدة يناشد الاجيال الجديدة، الحفاظ علي كبار السن لأطول فترة في مساكنهم، والاهتمام بهم بعد التقاعد، وتكليفهم برعاية الاحفاد للانشغال بهم.. وممارستهم رياضة المشي.. وأن يتعودوا علي تواجد امتعتهم في مكان واحد، ومتابعة اعطائهم الدواء وإسهام الكبار في الاعمال الروحية والثقافية والاجتماعية وحل الكلمات المتقاطعة، ومحاولة استثمار خبراتهم لأطول فترة عمرية ممكنة حتي وان قاربوا المائة.. المهم رعاية الاسرة والعيش مستقلين عن الاخرين، في بيئة تعزز قدراتهم، وان يشعروا بأهميتهم في المجتمع وحكمتهم وكرامتهم وأن دورهم لايزال متصلاً. ان تقارير الاممالمتحدة تؤكد ان عدد المسنين في العالم سيرتفع الي ملياري نسمة، وهنا مسئولية الاسرة، والجمعيات الاهلية والحكومة عليهم جميعاً دراسة المستقبل الذي يريده المسنون والعمل علي انجازه، خاصة التوسع في انشاء الدور الملائمة، وبالأسعار المناسبة، وتزويدها بالاطباء المتخصصين، والمرافقين الدارسين لهم ومساهمة الدولة بنسبة في الرعاية المنزلية، والاسرة تساهم بالباقي.. لان العيش في بيئة جيدة يعزز من قدرات المسنين، والاحتفاء بهم دائما. اطال الله عمر الجميع ومنحهم موفور الصحة والستر والسؤال لوزارة التضامن: ماذا اعدت لهم وما هي خطتها لرعايتهم؟