المهندس طلعت ابو زيد يوضح دلالات الأرقام على اللوحة الرئيسية فى غرفة التحكم المهندس محمد امين النجار وسط الانقطاع المتكرر للكهرباء ولعنات المواطنين لم يمسك «بسكينة» الظلام والتي خلقت حالة من الضيق العام بسبب استمرار الأزمة ، وامتلأت مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفيس بوك بصور الحضانات وغرف العمليات الجراحية بالمستشفيات التي تتم علي أضواء التليفونات المحمولة والمواطنين الذين يشترون احتياجاتهم علي ضوء الشموع ويضاف الي ذلك التعليقات الساخرة التي تلاحق حكومة المهندس ابراهيم محلب لعجزها عن حل المشكلة ، «الأخبار» رصدت الواقع علي الطبيعة من داخل المركز القومي للتحكم بالطاقة والمسئول الأول عن فصل الكهرباء لتخفيف أحمال الطلب في ظل قلة الانتاج الكهربي. بمجرد الوصول الي المركز طالبنا أفراد الأمن بعدم وقوف سيارتنا أمام المبني بناء علي تعليمات أجهزة الأمن خوفا من العمليات التخريبية لجماعة الاخوان وانصارهم ، استجبنا للطلب فورا وترجلنا من السيارة لندخل الي المبني «الفخم « ليستقبلك شعار وزارة الكهرباء علي مدخل المركز القومي للتحكم بالطاقة.
تأمين مطلوب غرفة التحكم الرئيسية في الدور الأرضي مغلقة بأبواب من الفولاذ ولايتم فتحها الا للطاقم الهندسي الذي يعمل خلال عدد ساعات معينة ، وخلال الساعات الثمانية للعمل في الوردية الواحدة لايدخل أي شخص للغرفة بناء علي تعليمات الأمن القومي ومن المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء شخصيا ، أمام غرفة التحكم الرئيسية استقبلنا المهندس طلعت أبوزيد رئيس قطاعات التشغيل والتحكم بالمركز القومي والمهندس محمد أمين رئيس الغرفة الرئيسية للتحكم بالكهرباء ، لتبدأ رحلة الواقع داخل أهم وأخطر مركز للتحكم في الكهرباء، وأول كلمات قالها المهندسان أنه ليس بينهم خائن أو اخوان في المركز ردا علي الأنباء التي انتشرت مؤخرا بوجود فرد داخل المركز القومي للتحكم بالطاقة يسلم الجماعات التخريبية أماكن خطوط سريان الطاقة بعد استهداف أبراج الضغط العالي خلال الفترة الماضية. 23 خطوة علي سلالم المبني صعدناها الي الغرفة الرئيسية المطلة علي مركز التحكم والتي تعتبر مقر ادارة المركز ويتم من خلالها التواصل بين الادارة ومهندسي التشغيل لتنفيذ تعليمات تخفيف الأحمال وابلاغها للقطاعات الاقليمية ثم شركات التوزيع ليصل الخبر الي المواطن في صورة انقطاع الكهرباء. تتصدر الغرفة الرئيسية شاشة عملاقة عليها أرقام وبيانات للوهلة الأولي تبدو لأي أحد أنها لوغاريتمات غير مفهومة ، حل شفرتها لنا المهندس طلعت أبو زيد رئيس المركز فكل البيانات في منتصف الشاشة تعبر عن حجم الاستهلاك علي مستوي الجمهورية وعلي اليمين حجم الانتاج من ال 53 محطة كهرباء علي مستوي الجمهورية وبجانب هذه البيانات توجد أرقام الاستهلاك الصناعي وعلي اليسار نسب العجز في الطاقة والذي يتطلب فصل التيار لتخفيف الاحمال ، وأمام الشاشة العملاقة التي توضح كل الأرقام اللازمة لغرفة التحكم الرئيسية يجلس 6 مهندسين خلال وردية العمل الواحدة يتولي كل واحد منهم قطاعا رئيسيا يمثلون قطاعات الجمهورية الست ، يتابع كل صغيرة وكبيرة فيه وخاصة حجم انتاج الكهرباء من المحطات وأحمال الاستهلاك. وبجانب ذلك يتولي المكتب الفني في المركز القومي للتحكم بالطاقة اعداد المخطط اليومي لتخفيف الأحمال أو بمعني أدق خطة فصل التيار طبقا لخريطة الانتاج من محطات الكهرباء ويتم اعدادها فجر كل يوم. وكشف المهندس فاروق أبو زيد رئيس المركز أن تخفيف الأحمال بقطع التيار أمر حتمي طالما استمرت أزمة الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء حيث يبلغ توريد الوقود حاليا 117 مليون متر مكعب غازا مكافئا « غاز ومازوت» يوميا في حين أننا نحتاج 133 مليون مترمكعب غاز مكافئا يوميا بما يمثل عجز 17 مليون مترمكعب لتشغيل المحطات بكامل طاقتها ، مشيرا الي أن كميات الوقود التي يتم توريدها للكهرباء لم تتغير منذ عام 2010 حتي الأن وهو مايجعل انتاج الكهرباء في حدود 28 ألف ميجا وات قابلة للنقص يوميا في حين أن احتياجاتنا 33 ألف ميجا وات بما يعادل 5 آلاف ميجا وات عجزا يوميا في الكهرباء. فخريطة العجز بسبب نقص الوقود كبيرة منها محطة شمال القاهرة التي بها عجز 500 ميجا وات كاملة حيث تنتج 1000 ميجا في حين أن طاقتها الفعلية 1500 ميجاوات ومحطة الشباب بالاسماعيلية تنتج من 100 الي 200 ميجا وات في حين أن طاقتها ألفا ميجاوات وأيضا محطة سيدي كرير وبنها بهما عجز وأيضا هناك محطات متوقفة بسبب الصيانة التي تصل الي شهر تقريبا لاعادتها للتشغيل ، بجانب قلة الصيانة التي تتم حاليا وهو خطورة أخري يجب الانتباه اليها لأن المواطنين لن يتحملوا مزيدا من الانقطاع بخروج وحدات من انتاج الكهرباء عن العمل مهما كانت الأسباب ولو حتي للصيانة. وأكد أن المشهد ليس كله قاتما فهناك بشرة خير ، فبعد الاجتماع الذي أداره المهندس ابراهيم محلب لحل مشكلة انقطاع الكهرباء بدأت شركات توريد الوقود بزيادة الحصص المقررة لمحطات توليد الكهرباء وهو ماأدي لتقليل فترات الانقطاع أمس وشعر به المواطن وأن التحسن سوف يستمر خاصة مع دخول محطة العين السخنة للخدمة اخر الشهر الحالي بطاقة 1350 ميجا وات. وقال إن قرارات مركز التحكم القومي ليس كما يظنها البعض تحدد بدقة أسماء المناطق التي يتم فصل التيار عنها ولكن هناك منظومة عمل ،أما عن الاستهلاك وتخفيف الأحمال عن القطاعات ال6 فيتم كالآتي، القاهرة تمثل 33% من حجم الاستهلاك اليومي فيتم تخفيف الأحمال بنفس نسبة الاستهلاك فيتم فصل التيار بنسبة 33% من نسبة العجز في الطاقة وهكذا باقي القطاعات ، أما الاسكندرية فتستهلك 8% ، وقطاع غرب الدلتا 7.5% ، ووسط الدلتا 21% ، ووجه قبلي 21% وقطاع القناة 9.5% ، لذلك فان غرفة التحكم الرئيسية في الطاقة لا تصدر تعليمات بقطع الكهرباء عن منطقة بعينها ولكن شركات التوزيع في المحافظات والمدن هي التي تحدد ذلك ، وأكد أن الاستهلاك المنزلي للطاقة يمثل 43% من اجمالي الاستهلاك ، أما الاستهلاك الصناعي يمثل 31% أما عن بيانات انتاج الطاقة الكهربائية ف 89.8% يتم انتاجها من المحطات البخارية والغاز ، بينما السد العالي ينتج 9.5% وطاقة الرياح 0.7%. الذروة الليلية وكشف رئيس المركز القومي للتحكم في الطاقة أن ذروة استهلاك الكهرباء في مصر خلال الفترة المسائية وبالتحديد مع أذان المغرب حتي منتصف الليل مع عودة المواطنين الي منازلهم وخلال نصف ساعة فقط مساء ترتفع الاحمال من 27 ألف ميجا وات الي 30 ألف ميجا وات مما يضطرنا فورا لاتخاذ قرارات بتخفيف الأحمال علي مستوي الجمهورية أما عن خطط المركز لتخفيف الأحمال علي القطاع الصناعي ، قال أن هناك اتفاقات مع أصحاب المصانع كثيفة استهلاك الطاقة بتقليل الاستهلاك وتقليل الكهرباء التي يتم امدادهم بها خاصة خلال فتره الذروة المسائية وارتفاع الاستهلاك المنزلي فمصنع مثل حديد الدخيلة يستهلك طاقة تقدر ب500 ميجا وات يوميا ومصانع الأسمنت 120 ميجا وات ويتم الاتفاق علي تخفيف الأحمال وتقليل الكهرباء الواصلة اليهم خلال الذروة. وقال محمد أمين النجار رئيس غرفة التحكم القومية في الطاقة إن هناك قائمة استثناءات استراتيجية يمنع قطع الكهرباء عنها وهي مديريات وأقسام الشرطة والبنوك ومحطات المياه والصرف الصحي ومحطات الغاز والمترو والمطارات والمستشفيات وكل مايخص البنية الأساسية للدولة ، أما عن وجود حالات قطع الكهرباء في المناطق الحيوية فهو عطل اما في المغذي الرئيسي للكهرباء بهذه المناطق أو مشاكل في الكابلات وتخص شركات توزيع الكهرباء وليس قطعا متعمدا للطاقة ، مشيرا الي وجود مناطق لاتنقطع فيها الكهرباء علي مستوي الجمهورية ويعتقد البعض أن هناك واسطة أو محسوبية بمنع فصل التيار ولكن الحقيقة أن هناك مناطق سكنية مربوطة علي مغذي طاقة يخص مناطق حيوية واستراتيجية لذلك لايتم فصل التيار بها. وجدد رئيس غرفة التحكم القومية تأكيده بعدم صحة أنباء وجود عناصر داخل المركز القومي للتحكم في الطاقة متواطئة مع الجماعات الارهابية ومدها بمعلومات عن خرائط تدفق الطاقة مشيرا الي أن كل العاملين بالمركز متواجدون. وأكد أن الصور التي تملأ الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي عن مشاهد الظلام في المستشفيات والحضانات وقاعات الأفراح ماهي الا دليل ادانة لهذه الأماكن لأن رخص التشغيل التي حصلوا عليها تستلزم بالضرورة وجود مولدات كهربائية لتشغيل الأجهزة الحيوية واللازمة داخل أي مستشفي في حالة وجود أي مشكلة في الكهرباء.