إجماع ليبى على رفض التدخل الأجنبى يوما بعد يوم تبدي السلطات الليبية الانتقالية عجزها عن استعادة النظام والأمن في بلد يعاني من الفوضي والعنف والقتل منذ سقوط القذافي في أكتوبر 2011. ولذلك فتح مجلس النواب الليبي الباب علي مصراعيه لتدخل دولي محتمل في الأزمة الليبية بعدما صوت بأغلبية كبيرة علي قرار يقضي بطلب المساعدة الدولية لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة، دون تقديم تفاصيل عما قد يشمله ذلك، فيما فشلت الأممالمتحدة والشركاء الغربيون حتي الآن في إقناع الفصائل الليبية بالعمل معا علي إنهاء الاقتتال الذي اشتدت ضراوته بين الفصائل المسلحة المتناحرة في طرابلس منذ أكثر من شهر. وبعد انتقادات وجهت إليه بسبب اتخاذه هذا القرار، أعلن البرلمان في بيان أنه «اضطر إلي إصدار مثل هذا القرار الذي دعا فيه مجلس الأمن الدولي وهيئة الأممالمتحدة للتدخل مبدئيا في ليبيا وممارسة ضغوط علي ذوي العلاقة بالنزاع في الداخل أو الخارج». وأضاف البيان أن القرار جاء «لفرض الأمن وحماية المدنيين، ولم تكن الغاية منه الاستقواء بالأجانب كما يروج البعض وتسوق له بعض وسائل الإعلام في حملات إعلامية غايتها بث الفتنة والتفريق بين أبناء الشعب الواحد». وأضاف أن «أرواح الليبيين عادت لتكون مهددة وفي خطر يفوق الخطر الذي استدعي مجلس الأمن للتدخل إبان بدايات ثورة السابع عشر من فبراير وفي الوقت الذي لم تخل فيه ليبيا من التدخل الأجنبي خفياً كان أو ظاهراً وبأشكال متعددة». وتابع البرلمان الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق الواقعة في أقصي الشرق الليبي أنه «لن يكون هناك تدخل أجنبي علي أرض ليبيا العزيزة إلا بغية حمايتها من العبث والتقسيم»، لافتا إلي أن «مجلس النواب وممثلي الشعب الليبي يؤكدون علي حرصهم علي أمن وأمان جميع الليبيين ووحدة تراب ليبيا». وكان البرلمان وهو أعلي سلطة في البلاد أقر قرارين يقضي أحدهما بحل كافة المليشيات المسلحة، ويطلب الثاني من المجتمع الدولي التدخل الفوري لحماية المدنيين والمؤسسات الليبية. ولم يوضح البرلمان في القرار الذي صوت عليه 111 من أصل 124 حضروا الجلسة، إذا كان حل التشكيلات المسلحة ينسحب علي الفصيل الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أو ينحصر في الفصائل المسلحة المحسوبة علي الثوار الإسلاميين، فيما شكك مراقبون في قدرة البرلمان علي تنفيذ قراره هذا، نظراً إلي عدم وجود قوات نظامية تفرضه. ردود فعل شعبية متباينة واجهت القرار، حيث خرجت العديد من المظاهرات الاحتجاجية والمنددة بأي تدخل خارجي، وأخري قام بها المؤيدون للبرلمان والخطوة التي اتخذها.. فقد شهدت مدن طرابلس ومصراته وبنغازي وسرت مظاهرات حاشدة رفضا لدعوات التدخل الأجنبي في ليبيا تحت أي مسمي، ومعارضة لعقد جلسات مجلس النواب بمدينة طبرق، وتأييدًا لما يعرف بعملية فجر ليبيا. وتعاني ليبيا منذ فترة من استشراء اعمال العنف بين الميليشيات المسلحة التي شاركت في الثورة علي نظام العقيد معمر القذافي عام 2011. وما زالت قوات الجيش والشرطة الليبية بعد ثلاث سنوات من الاطاحة بنظام القذافي غير قادرة علي مجاراة الميليشيات التي باتت تسيطر علي اجزاء كبيرة من البلاد. يشار الي ان الاسابيع الاخيرة شهدت قتالا ضاريا بين ميلشيات الزنتان، ومن بينها كتيبة القعقاع، وميلشيات مصراتة، ومن بينها «درع ليبيا»، للسيطرة علي مطار العاصمة طرابلس. كما تم اغتيال قائد شرطة طرابلس العقيد محمد سويسي بأيدي مسلحين مجهولين قبل يوم من صدور قرار البرلمان الليبي. وكانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي قد دعوا أطراف النزاع في ليبيا للتعقل والشروع في حوار فوري ينهي الاقتتال الدائر في البلد والذي راح ضحيته 300 قتيل وأكثر من 1000 جريح خلال الأسابيع الأخيرة، فيما نزح من مناطق النزاع في بنغازي وطرابلس قرابة 100 ألف مواطن. ولم تفلح مشاورات يقودها منذ نهاية الأسبوع الماضي إسماعيل ولد الشيخ أحمد نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ونائب رئيس بعثتها للدعم في ليبيا ، مع الأطراف الليبية في إنهاء العنف في البلاد. وفشلت السلطات في السيطرة علي عشرات الميليشيات المسلحة التي شكلها الثوار الذين قاتلوا نظام القذافي والتي لا تزال تفرض قانونها في البلاد. فهل الدعوة لتدخل القوي الدولية في ليبيا سيعمل علي حماية المدنيين؟ ام ان هذا التدخل يفتح باب سيطرة قوي خارجية علي مقدرات الاوضاع في ليبيا؟ وهل يمكن لقوي خارجية التدخل في ظل الاقتتال الداخلي هناك ؟ وهل تتدخل الاممالمتحدة بشكل يسمح بارسال قوات من دول عربية او اسلامية الي ليبيا؟ لايدري احد ما الذي يمكن ان تحمله الاحداث لهذا البلد الشقيق المنكوب بصراعاته الداخلية.