د. سامى عبدالعزيز الطبقة المتوسطة هي «رمانة الميزان» في أي مجتمع، وهي الضمان لاستقراره، وهي الضمان للسلم الاجتماعي.. وعلي قدر اتساعها يكون استقرار المجتمع، وعلي قدر تآكلها يفقد المجتمع قدرته علي الضبط، وعلي إحداث التغير المرغوب.. في الخمسينيات والستينيات كان إنجاز عبدالناصر الأكبر انه حول المجتمع من مجتمع النصف في المائة الي مجتمع الطبقة الوسطي العريضة بفئاتها المختلفة،تلك الطبقة التي قادت قطار التنمية حتي منتصف السبعينيات، حيث بدأ معدل تآكل هذه الطبقة في التسارع، وبدأ السوس ينخر في عظامها وهو ما أدي الي المشهد الحالي الذي سيطر علي مصر خلال العقد الاخير. وبعيدا عن إخفاقات الرئيس الامريكي أوباما وفشله في التعامل مع عدد من القضايا الخارجية والداخلية علي حد سواء، فإن اكثر الايجابيات التي يشير اليها المحللون في الولاياتالمتحدة هي أنه بدأ في إعادة الاعتبار للطبقة الوسطي الامريكية، وفي دعمها من جديد، بعد ان مرت بسنوات عجاف في عهد جورج بوش الابن.. ولعل هذا هو سبب التجديد له في ولايته الثانية، وسبب تفضيله علي منافسه الجمهوري الذي كانت له توجهات معادية لهذه الطبقة. وبشكل عام يمكن القول إنه يتوقف نجاح أي مبادرة مجتمعية أو دعوي إصلاحية علي درجة اقتناع الطبقة الوسطي بها، وعلي درجة تفاعلها معها، وعلي درجة رغبتها في إنجاحها.. وما مبادرة «صندوق تحيا مصر» عن هذا ببعيد.. فهي تستهدف الطبقة الوسطي، ويتوقف نجاحها عليها وليس علي غيرها. صندوق تحيا مصر الذي دشنه الرئيس السيسي، وتبرع له بنصف راتبه ونصف ثروته، هو مشروع ضخم، يحتاج الي مصدر تمويل ضخم، وهو مشروع مستمر، يحتاج الي مصدر تمويل مستمر، وهو مشروع متسع، يحتاج الي مصدر تمويل متسع، ولا تتوفر صفات الضخامة والاستمرارية والاتساع قدر توافرها في الطبقة الوسطي في مصر. سيتبرع رجال الصناعة ورجال الاعمال بالكثير من المال لهذا الصندوق، وستتبرع بعض الجهات الداخلية والخارجية لهذا الصندوق، غير ان جميع هذه التبرعات ستكون تبرعات «لحظية» وموقفية، وغير دائمة، بما لا يتناسب مع طبيعة الآمال المعقودة علي هذا الصندوق. الطبقة الوسطي المصرية، والتي لا يقل عددها عن خمسين مليونا في أقل التقديرات، تستطيع ان تتبني هذه المبادرة، ويكون لها القول الفصل في انجاحها.. ويكون لها الكلمة الاخيرة في تحديد توجهاتها، والاعماق التي يمكن ان تنتج منها.. والطبقة الوسطي هي التي يمكن ان تضمن لهذا الصندوق الاستمرارية والقدرة علي التخطيط المستقبلي.. والطبقة الوسطي هي نهاية المطاف ستكون الحكم وستكون «المقيم الداخلي والخارجي معا» لنجاح هذه المبادرة ولنجاح هذا الصندوق. وقناعتي ان الخطاب الاعلامي بشأن هذا الصندوق لابد ان يكون للطبقة الوسطي فيه النصيب الاوفر.. مطلوب ان تتوجه الرسائل الاقناعية الي هذه الطبقة. ومطلوب ان تصل الرسائل التحفيزية لهم، ومطلوب ان يتم اقتناعهم بتبنيها، وبالعمل علي انجاحها.. مطلوب ان يتم العمل علي ان تشعر الطبقة الوسطي بان هذا الصندوق صندوقها. وبأن هذا المشروع مشروعها.. وبأن الاسهامات المادية البسيطة والمستمرة تستطيع ان تضمن لهذا المشروع الاستمرارية وتستطيع ان تمنحه قبلة الحياة حين الحاجة اليها. تحيا مصر بالطبقة الوسطي، وبالطبقة الوسطي نضمن نجاحه واستمراريته وقدرته علي تحقيق الاهداف المنشودة منه. وقد اخذني الخيال.. وبحكم متابعتي لسمات خطاب الرئيس السيسي وشخصيته تصورت ان الرئيس السيسي سيقول للشعب الرسالة التالية: تحيا مصر.. بقروش حصالة طفل.. تحيا مصر.. بيومية مصري أصيل حتي لو كان عامل تراحيل.. تحيا مصر.. بمرتب يوم أو 30يوم لمدرس.. لاستاذ.. لمدير.. بفردة حلق لست الدار الاصيلة.. بتمن عزومة في مطعم.. بتثمن تذكرة سينما.. بتمن اجازة اسبوع خارج مصر.. بالتنازل عن مكافأة ولو شهر واحد.. بتمن كوتش بمشي بيه.. بتمن نضارة شمس للوجاهه. بتمن 1٪ من بيعة غلتك أو زرعتك.. بتمن عمرة بدلا من 10 عمرات.. بعطاء رجل اعمال شرفاء.. تحيا مصر. بإرادة شعبها.