ملعونة تلك الحرية التي أصبحت ستاراً للفوضي والهدم ومعولاً يقوض كل ما حققناه من إرساء للقيم النبيلة والأصيلة. ملعونة تلك الحرية التي تستبيح أعراض وشرف الناس دون حسيب أو رقيب. ملعونة تلك الحرية التي تنشر الفزع واليأس وتزرع الكآبة أمامنا في كل شيء. ملعونة تلك الحرية التي جعلت من بعض الفضائيات سوقاً رخيصة لتبادل الشتائم والسباب حتي ان بعض أخوانا البعدا المذيعين الذين كانوا يجلسون علي رصيف ماسبيرو تحولوا إلي قضاة وجلادين حتي إنني سمعت مذيعاً يقول عن أحد المسئولين انه يستحق ضرب الجزمة ومذيع آخر يطالب الوزراء بالاستقالة ويقول »يالا.. يروح في ستين داهية«. ومذيع ثالث يقول الجدع ده أحمد نظيف قاعد بيعمل إيه.. وغيرها من العبارات المفزعة التي تدل دلالة قاطعة عن مدي التدني والهبوط في لغة الحوار. كل شيء في بلدنا تحول إلي فساد وذمم خربة وضمائر سيئة ولست أدري إلي أين يقودنا هذا السباق الرخيص في قلة الذوق والأدب؟! ما الذي سيتركه في نفوس أولادنا وأحفادنا وهم يتابعون وعلي مدار اليوم كله قصائد الردح والألفاظ النابية التي نتعفف عن سماعها وباستحياء تجعلنا بلا حول ولا قوة أمام هذا الطوفان اللا أخلاقي الذي يخيم علي مجتمعنا. فضائيات تعتمد علي لغة الاثارة والبلبلة وإهالة التراب علي كل مايتحقق في بلادنا .. اي شكاوي كيدية اواتهامات مرسلة تصبح مادة خصبة لجيل جديد من معدي البرامج ماركة هشك بشك وولعها ولعها..كلهم يبحثون عن الفضائح ليصنعوا منها ثوباً زائفاً للبطولة او التفوق . طوفان نقابله بهدوء وعدم اهتمام تحت دعاوي أنها الحرية والديمقراطية. يا سادة الفوضي الخلاقة لم تكن سقطة لسان أمريكية ولكنها استراتيجية متكاملة بدأ تنفيذها في المنطقة العربية وتتطلب حرصاً وحذراً وإعادة الحسابات بدقة في كل شيء. هناك مسئولون كثيرون يقولون إنه لا خط أحمر أمام حرية الإعلام.. وأنا بدوري أقول لهم لا.. هناك خطوط حمراء وخضراء وسوداء وبنفسجي كمان يجب وضعها وعدم تجاوزها ويأتي في مقدمتها القيم والأخلاق ولغة الحوار.. كفانا قلة أدب ولغة انحطاط وسوقية لن نجني من ثمارها إلا الحنظل والأشواك. ممتاز القط