عناصر داعش بعد ان احكمت سيطرتها على مدينة نينوى من عمليات الخطف إلي فرض مبالغ مالية شهرية علي اصحاب محلات مرورا بالتبرعات من اطراف في الخليج، اصبح تنظيم (داعش) أو «الدولة الاسلامية في العراق والشام» يملك بنية مالية ضخمة عززها بالسطو علي المصارف لدي سيطرته علي الموصل، ثاني مدن العراق. وقال طوبي دوج مدير مركز الشرق الاوسط في كلية لندن للاقتصاد ان «هناك الكثير من الاموال التي يحصلون عليها بشكل يومي»، في اشارة إلي الواردات التي يتقاضونها بعد استيلائهم علي الموصل. ويشن مسلحون من تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» وتنظيمات سنية متطرفة اخري هجوما منذ نحو اسبوعين سيطروا خلاله علي مناطق واسعة في شمال العراق ووسطه وغربه بينها مدن رئيسية مثل الموصل (350 كلم شمال بغداد) في نينوي وتكريت (160 كلم شمال بغداد. واعلن (داعش) وهو اقوي التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي تقاتل في العراقوسوريا، عن نيته الزحف نحو بغداد ومحافظتي كربلاء والنجف اللتين تضمان مراقد شيعية. واستولي التنظيم علي أموال طائلة تركت في بنوك محافظة نينوي، إضافة إلي المعدات العسكرية التي تركها الجنود وراءهم عند فرارهم من القتال. وبحسب مسؤول رفيع المستوي في مجلس محافظة نينوي، فان الاموال التي قد يكون حصل عليها التنظيم لحظة استيلائه علي مدينة الموصل بلغت نحو 400 مليون دولار وهي اموال مودعة في خزائن المحافظة. ونص بيان وزعه تنظيم «الدولة الاسلامية في العراق والشام» علي سكان الموصل وحمل اسم «وثيقة المدينة» علي ان الاموال التي كانت بحوزة «الصفويين» ستحفظ لمصالح المسلمين علي ان يشرف عليها «امام المسلمين»، في اشارة إلي زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي. وكان التنظيم يحصل علي اموال طائلة من مدينة الموصل حتي قبل السيطرة عليها من خلال فرضه الاتاوات علي رجال الاعمال فيها. ووفقا لمصادر متعددة، فان التنظيم كان يحصل علي ما يقدر بنحو 12 مليون دولار خلال الشهر الواحد من خلال الاتاوات، والفدية التي يدفعها له اهالي المخطوفين الذين يقوم باختطافهم، وعمليات الفساد في الموصل التي كان يسكنها نحو مليوني نسمة. ويعود ايضا الفضل في زيادة تمويل هذا التنظيم إلي نجاحاته العسكرية في سوريا المجاورة، حيث فرض سيطرته علي ابار للنفط لتعزز من قدراته المادية من خلال مبيعات هذا النفط. ويقول ماثيو ليفيت المسؤول السابق في وزارة المالية الاميركية ان «داعش لديه ماضي طويل في تحصيل الاموال من خلال العمليات الاجرامية». واضاف ليفيت الذي يشغل حاليا منصب مدير برنامج مكافحة الارهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادني «انهم فريدون من ناحية امكانياتهم، حيث انتقلوا من التمرد إلي السيطرة علي الاراضي والمصادر الطبيعية والبني التحتية». ورأي ان «هذا تحول مهم فعلا». لا حاجة لنقل الأموال وتسببت امكانيات هذا التنظيم في زيادة مصادر التمويل المباشر دون الاعتماد بصورة كاملة علي المتبرعين الأغنياء من دول الخليج، في مشاكل للمسؤولين الذين يحاولون قطع مصادر تمويل المجموعات «الجهادية». وعلي الرغم من ذلك، فان بعض الحكومات تملك الادوات اللازمة للتضييق علي قدرة المتشددين في زيادة مصادر الاموال ونقلها عبر الحدود. وحذرت وزارة المال الأمريكية في السابق من انه في الوقت الذي لا يزال فيه تدفق الاموال بصورة تقليدية علي الجماعات المسلحة يشكل اساسا لتمويلها، فان العديد من تلك الجماعات المسلحة زادت علي نحو متزايد من اموالها حيث باتت تحفظ هذه الاموال في داخل المناطق التي تنشط فيها. وقال ديفيد كوهين المسؤول في وزارة المالية الاميركية والذي يرعي شؤون الاستخبارات المالية فيها إن «العديد من هذه الجماعات تحصل علي الاموال محليا، وغالبا ما تكون في مناطق خاضعة بشكل محدود لسيطرة الحكومة». واضاف «من دون الحاجة إلي نقل الاموال، يستطيع الارهابيون تجنب السيطرة الدولية، ومن خلال القيام بذلك، فإنهم يحدون من قدرة الحكومات علي تعقب هذه الاموال وقطع مصادرها». من جهة اخري قال كوهين ان الاعتماد علي الابتزاز والاعمال الاجرامية الاخري تولد الغضب في الكثير من الاحيان لدي السكان المحليين ما يقوض نجاح الجماعات المسلحة علي المدي الطويل. ويملك تنظيم «الدولة الاسلامية» علي وجه الخصوص ثروة لا توفر له القدرة فحسب علي افشال مخططات حكومات الدول التي ينشط فيها بقطع مصادر تمويله، بل علي الحصول ايضا علي اسلحة إضافية وذخيرة ومركبات وتعزيز قدرته علي القتال. وتحصل الجماعة في الموصل علي موارد اضافية بواسطة ما تسميه «ضرائب شرعية» علي مبيعات الاملاك، وبوسائل اخري تمكنها من ادامة نشاطاتها لفترات اطول. وقال تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينجز في الدوحة ان «تنظيم داعش كان ثريا حتي قبل استيلائه علي الموصل». واضاف «لكن مع المكاسب المادية التي حصل عليها مؤخرا، وسيطرته علي الاراضي وحتي ولو كان ذلك لفترة مؤقتة، فان هذا التنظيم ضمن علي الاقل تمويلا يمكنه من البقاء ناشطا لفترة طويلة».