رغم ان الشمس غابت عن إمبراطورياتها الا انها مازالت رقما فاعلا في معادلة القوي العظمي ولذلك يدرك الجميع ان لمواقف بريطانيا الرسمية وتحركاتها الدولية الكثير من الدلالات والإشارات والتبعات التي لاتعبر فقط عنها ولكن ايضا عن الولاياتالمتحدةالامريكية والاتحاد الاوربي .. ولذا بعد مواقفها المتباينة منذ ثورة 30 يونيوحتي الان كان لابد من التوقف عند أهداف وتوقيت زيارة وفد مجلسي العموم واللوردات الاخيرة الي مصر والتي شهدت نشاطا مكثفا علي مدار الأسبوع الماضي بدأه الوفد من القمة بلقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي .. والتي أكد خلالها الرئيس علي أن مصر في المرحلة المقبلة ستعمل علي ترسيخ الحقوق والحريات، لاسيما أنها نصوص دستورية، يتعين الالتزام بها كإطار حاكم للتشريعات التي ستفعلها، إلا أنه يجب تحقيق التوازن فيما بين الحريات والحقوق وبين ضمان أمن الوطن والمواطنين، أخذا في الاعتبار أن الجانب الحقوقي يتعين أن يمتد ليشمل مكافحة الفقر والأمية، والارتقاء بمستوي الخدمات التعليمية، والحرص علي بناء إطار فكري سليم ينبذ التطرف ويميل إلي الاعتدال والتسامح وقبول الآخر، وألا يقف عن حدود مطالبات الغرب بمنح الحريات المدنية،متسائلا عن مدي استعداد الغرب للمساهمة في تفعيل هذه الحقوق الإنسانية الأساسية، والتي تتعلق في جوهرها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فهل الغرب مستعد لافتتاح جامعات مجانية في مصر أوتخفيض وإلغاء المديونيات المستحقة علي مصر علي سبيل المثال.. شدد السيسي علي أن مصر عازمة علي استكمال كافة مراحل خريطة الطريق بنجاح بعد أن أتمت بالفعل الاستحقاقين الأول والثاني بإقرار الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية، وأن الدستور الجديد بما كفله من ضمانات للحقوق والحريات سيكون موضع تطبيق خلال الفترة القادمة من خلال التشريعات والقوانين التي سيضعها مجلس النواب المنتخب. كما أوضح السيسي أن مساحة المصالحة السياسية في مصر قائمة، وليس فقط منذ خطابه إلي الأمة في الثامن من يونيوالجاري، ولكن منذ إعلان الثالث من يوليو2013، وأنها يمكن أن تتم فقط مع من لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء من المصريين، منوها إلي أنه يتعين علي الطرف الآخر أيضا أن يحدد خياراته وأن يوضح ما الذي يمكن أن يقدمه لمصر، وأن يكف عن الادعاء بأنه يمتلك الحقيقة المطلقة. وفي لقاء غير رسمي نظمته الجامعة البريطانية برئاسة محمد فريد خميس اكد وفد اعضاء مجلسي العموم واللوردات انه لمس طاقة إيجابية لدي كافة المصريين من التيارات والمواقع المختلفة ممن التقوا بهم خلال زيارتهم الحالية لمصر، مما يعكس رغبتهم الحقيقية في تجاوز الصعوبات التي مروا بها علي مدار الفترة الماضية .. مشددين علي اهمية تفعيل الدستور الجديد ولاسيما المواد المتعلقة بحماية حقوق الانسان والحريات العامة . وحضر اللقاء الدكتور محمود ابوالنصر وزير التربية والتعليم واللواء مراد موافي مدير المخابرات العامة السابق ومنير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة والاستثمار والدكتور حسام عيسي نائب رئيس مجلس الوزراء السابق والكاتب الكبير جمال الغيطاني والدكتور مصطفي الفقي والمستشار احمد الزند رئيس نادي القضاة .. وشهد اللقاء عرض فيلم تسجيلي قصير يكشف حقائق ثورة 30 يونيووأسبابها وجرائم جماعة الاخوان المسلمين في حق الشعب المصري ..ومن جانبه اكد فريد خميس علي ان مصر قادرة علي تجاوز الصعوبات الحالية وتحقيق نظام ديمقراطي حقيقي الذي يمثل له ولكافة المستثمرين مرادفا للاستقرار والشفافية وهما العنصران اللذان يحتاجهما اي مستثمر كعنصر جذب وأمان . وبحثا عن رؤية اشمل وأعمق للزيارة استطلعت «الأخبار» آراء شيوخ الدبلوماسية الذين أكدوا أن الهدف من زيارة وفد رفيع المستوي من مجلس العموم البريطاني لمصر هوالتأكد من أن مصر تسير في طريق الديمقراطية والاستماع لوجهات النظر المختلفة حول تورط جماعة الإخوان المسلمين في أعمال عنف حتي تكتمل الصورة لديهم. . قال السفير أحمد نبيل السلاوي سفير مصر الأسبق في لندن أن الحكومة البريطانية استشعرت خطورة الإخوان واتخذت قرارات تمنع ارتكابهم للجرائم ولكنها تريد أن تبرر تلك الخطوات بالاستماع لهم في مجلس العموم وكذلك زيارة مصر لأنها أهم دولة عانت منهم .. وقال السفير رخا احمد حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق ان الوفد البريطاني الذي زار مصر ليس طرفا في لجنة تقصي الحقائق حول الإخوان، ولكن في الوقت نفسه لا يمكن نفي وجود علاقة بين ما سينقله الوفد عندما يعود للندن وما تستند عليه اللجنة من معلومات لاتخاذ قرارها. وأشار إلي أن الوفد من المنتظر ان ينقل صورة عن التطور الديمقراطي في مصر خاصة أن بريطانيا وغيرها من دول الاتحاد الأوربي تخطت مسألة الادعاء بوجود انقلاب. من جانبه يري السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية الأسبق أن وفد البرلمان البريطاني زار مصر لتهنئة الرئيس الجديد وليس لمعرفة معلومات عن جماعة الاخوان لأن من يقوم بإجراء التحقيقات حول أنشطة الإخوان في بريطانيا هي لجنة مستقلة يرأسها السفير البريطاني في السعودية» السير جون جنكينز» واتفق معه في الرأي السفير أحمد فتحي أبوالخير مندوب مصر الدائم في الأممالمتحدة الأسبق وقال السفير محمد شاكر رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية أنه لا شك أن زيارة الوفد البريطاني لمصر في حد ذاتها إشارة جيدة لاهتمام دولة بحجم بريطانيا بما يدور في مصر من أحداث ومحاولة لفهم الأوضاع الحقيقية علي أرض الواقع والتأكد من أن مصر تسير في طريق الديمقراطية، مضيفا أنها ليست الزيارة الأولي للوفد.