لم يساورني قلق، ولم يخالجني شك حينما تسلمت المسئولية بدار »أخبار اليوم«، منذ مائة يوم أو تزيد، في قدرة هذه الدار العريقة، علي أن تسترد روحها التي كادت تَنْسَلُّ منها! دائماً أثق في طاقات أبناء »أخبار اليوم« ودائماً أؤمن بأنهم يستطيعون في زمن قياسي، أن يستعيدوا لها أرضاً قد تكون فقدتها، وأنهم قادرون علي أن يحتفظوا لها بصدارة مستحقة، حفرت الطريق إليها أجيال وراء أجيال، بالأقلام والأظافر! في الأسبوع الماضي أثبتت مجموعة من شباب »أخبار اليوم« أنهم الورثة الشرعيون لجيل البناة العظام، الذين فجروا ثورة الصحافة المصرية الأولي قبل سبعين عاماً إلا شهوراً، حين أصدروا جريدة »أخبار اليوم« الأسبوعية، وأسسوا مدرستها الفريدة في الصحافة العربية. قبل ثلاثة شهور مضت.. التقيت بهذه النخبة الشابة ذات الروح الوثابة، وطلبت منهم دراسة إدخال تقنية جديدة توفر للصحافة المطبوعة، إمكانية قراءتها والاستماع إلي محتواها، ومشاهدة تفاصيل أخبارها وموضوعاتها وإعلاناتها في لقطات ثابتة، ومشاهد مصورة متحركة، وأشكال مجسمة، كل ذلك بلمسة علي شاشة جهاز تليفون جوال، أو علي شاشة حاسب لوحي محمول. كنت قد اطلعت منذ عام تقريباً علي هذه التقنية ، التي نشأت بذرتها في وكالة ناسا الفضائية الأمريكية، لتستخدم في مجال اختبار طائرات القتال فائقة التقدم، ثم تطورت لتدخل مجال التسلية وإعلانات الطرق، وعندما بحثت في إمكانية نقلها إلي الصحافة الورقية، وجدت أنها موضع تجارب في صحف محدودة في كندا واستراليا وأنها مازالت محل دراسة في بريطانيا وألمانيا. *** طوال 90 يوماً.. عكف فريق الشباب من قسمي تكنولوجيا المعلومات والتسويق الالكتروني، أحمد جلال ووليد موافي وعمرو شاهين وشادي محمد وسيد عمر ومعهم وفي مقدمتهم إسلام الأبجي قائد الفريق، علي البحث والدراسة والاتصال والاتفاق، وتجهيز البنية الفنية والمعلوماتية لإدخال تطبيق الواقع المطور.. أو »Augmented Reality« في صحف أخبار اليوم وإصداراتها، بدءاً بجريدة »الأخبار« والجريدة الأم »أخبار اليوم« ثم باقي الصحف والإصدارات تباعاً. كان التقدير أن تستغرق الدراسة وحدها ثمانية أشهر، لكن الدراسة والتجارب والتنفيذ كلها لم تستغرق سوي ثلاثة أشهر فقط، لتدشن »الأخبار« أول أمس و»أخبار اليوم« أمس، ثورة جديدة في الصحافة المطبوعة، وتحقق السبق والريادة عربياً وشرق أوسطياً وافريقياً، في تحويل الكلمة المطبوعة إلي صوت وصورة وحركة، والصورة الثابتة إلي فيديو وشكل مجسم ثلاثي الأبعاد. الآن.. تستطيع تحميل تطبيق »LAYAR« مجاناً علي الموبايل الذكي وجهاز التابلت، لتمسح صفحات الجريدة عبر تقنية »Augmented Reality« وتطالع المواد المنشورة والإعلانات، بالصوت والصورة، وتحتفظ بها علي جهازك.. بل يمكنك في غضون أيام معدودة أن تطالع صحيفتي »الأخبار« و»أخبار اليوم« لتقرأ عناوينهما وأخبارهما محدثة لحظياً بالتوافق مع البوابة الالكترونية لدار أخبار اليوم. وربما مع نهاية العام القادم، تنضم النظارات الذكية إلي المحمول والتابلت كوسيلة لمطالعة صحف »أخبار اليوم« بالصوت ومشاهد الفيديو! هذه الثورة الجديدة في الصحافة المطبوعة، جاءت لتدحض نبوءات خبراء إعلام، دأبوا علي الحديث عن تواري الصحف الورقية خلف ظلال الفضائيات الاخبارية والمواقع الالكترونية، وتباروا في الرهان علي تحديد موعد وفاتها القريب علي يد الصحافة الرقمية. وللمفارقة، فإن تطبيقات التكنولوجيا الرقمية هي نفسها التي أمدت الصحافة المطبوعة بطاقة حياة جديدة ومتجددة تطيل عمرها إلي آفاق سرمدية! *** بكل تواضع، يحق لنا في دار »أخبار اليوم« أن نفخر بأن هذه الدار العريقة هي رائدة ثورة مزاوجة الصحافة المطبوعة بالتكنولوجيا الرقمية، في الصحافة العربية والشرق أوسطية والأفريقية. وقريباً.. سيكون بإمكان قارئ صحف »أخبار اليوم« أن يطالع إعلانات الطرق التابعة لدار »أخبار اليوم« بالصوت والصورة، وأيضاً يستدل علي موقعه وأماكن المطاعم ودور السينما والعيادات والصيدليات القريبة منه وغيرها، بنفس التقنية التي بدأنا تدشينها. هذا الإنجاز، هو هدية شباب »أخبار اليوم« لمؤسسيها علي ومصطفي أمين في مئويتهما، وهو باكورة احتفالات أبناء الدار العريقة بعيدها السبعين الذي يحل في نوفمبر المقبل. وعهدنا لقارئ صحف »أخبار اليوم«، تطويراً آتياً في الشكل والمحتوي بجميع الإصدارات، وانطلاقة مقبلة في البوابة الإلكترونية، ونهضة طباعية نتهيأ لها، وارتياداً لمجالات إعلامية جديدة، وسبقاً في مواكبة أحدث تقنيات العصر، ودفعاً للشباب والدماء الجديدة في المواقع القيادية. وقبل ذلك وبعده، التزاماً لن نحيد عنه، بأن تظل صحف »أخبار اليوم« لسان الشعب.. والشعب وحده، وأن تبقي صحافة »أخبار اليوم« هي صحافة الغد.