يقترح البعض إنشاء صندوق لمساعدة ضحايا الارهاب والكوارث المفاجئة. ولا شك ان اقتراح مثل هذا عين العدالة التي نصت عليها جميع الشرائع السماوية وكذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية وهي أحقية المجني عليه أو ذويه في الحصول علي تعويض عادل يجبر الضرر فيما أصابه من خسارة وفاته من كسب ولا خلاف أنه عندما يتعذر تحديد هوية الجاني المسئول بتعويض المجني عليه نظرا لشيوع الاتهام او غير ذلك من الاسباب تكون الدولة حينئذ الجهة المعنية المنوط بها تعويض المجني عليهم أو ذويهم وهذا التعويض ليس منحة أو هبة من الدولة بل هو التزام قانوني واجتماعي يقوم علي الاسس الآتية من جهة أولي، إن الدولة ملتزمة قانوناً بتحقيق السلام والأمن في المجتمع، واتخاذ كل ما من شأنه مكافحة الأنشطة الضارة بالمجتمع ومنها النشاط الإجرامي. ومن جهة ثانية، إن التزام الدولة بتعويض المجني عليه، يتأسس علي الرابطة العقدية التي بين الفرد والسلطة السياسية (العقد الاجتماعي) إذ الدولة منحها الأفراد سلطة استخدام كافة الوسائل لمواجهة الجريمة، وفي مقابل ذلك يلتزمون بطاعتها ودفع الضرائب، فإذا لم تستطع الدولة مكافحة الظاهرة الإجرامية، وترتب علي ذلك إصابة الفرد بضرر ناشئ عن الجريمة، صارت الدولة ملتزمة بتعويض المجني عليه، استناداًَ إلي أنها لم تبذل الجهد المناسب ولم تستخدم كافة الإجراءات اللازمة للحيلولة دون وقوع الجرائم، وبالتالي لم تحافظ علي حقوق الأفراد، ويشكل هذا إخلال بالعقد الاجتماعي ومن جهة ثالثة، تحريم القضاء الخاص، فنظراً لأن الدولة احتكرت استعمال القوة، وصار القضاء سلطة من سلطاتها العامة، فلم يعد لأي شخص أن يقتضي حقه بنفسه، ولذا فالدولة تلتزم بتحقيق العدالة لمواطنيها، وإذا حدث اعتداء علي حقوقهم وجب أن تقوم بتعويضهم عن هذا الاعتداء ومن جهة رابعة، إن الأنظمة الجنائية التي تبنتها الدول تحت تأثير السياسة الجنائية الحديثة، مثل وقف تنفيذ العقوبة، السجون المفتوحة، الوضع تحت الاختبار، وكلها تهدف إلي رعاية الجاني والعمل علي تأهيله وإصلاحه في مقابلها يجب أن يتمتع المجني عليه برعاية الدولة، ومن صور الرعاية كفالة حقه في التعويض المناسب ومن جهة خامسة، أن مبادئ العدالة والإنصاف تقضي بأن الدولة تلتزم بتعويض المجني عليه إذا لم يتمكن من الحصول علي تعويض من الجاني وبناء علي ما سبق، فإن للمجني عليه المضرور من جرائم ألارهاب والكوارث المفاجئة، توجيه إجراء طلب التعويض مباشرة إلي الدولة، بسبب إخفاقها في منع الأضرار الناجمة عن الجرائم، وبسبب أنها لم تلتزم بحماية المواطنين والمقيمين علي أراضيها، وعلي ذلك فالتعويض حق قانوني للمضرور. وهناك أساس آخر اجتماعي، يتأسس علي فكرة التضامن الاجتماعي، ونتيجة للوظيفة الاجتماعية للدولة في العصر الحديث. والوظيفة الاجتماعية للدولة هي نتيجة للمسئولية الاجتماعية للدولة أو الالتزام الاجتماعي لها، والذي يتمثل في مجموعة القواعد الخلقية والمبادئ الأدبية التي تدفع أي دولة بصفة عامة باعتبارها ممثلة للمجتمع بكل قطاعاته وطبقاته لإصدار التشريعات والأنظمة ذات الطابع الاجتماعي بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من العدل الاجتماعي للأفراد. فالدولة في العصر الحديث أصبحت مضطلعة بمهام كثيرة تجاه الأفراد في المجتمع، إعمالاً لمسئوليتها الاجتماعية، ولقد مثل ذلك في نظم كثيرة كنظم التأمين الاجتماعي والمعونات الاجتماعية وغيرها وفي مجال منع وقمع ومكافحة الجريمة، فالدولة إعمالاً لوظيفتها الاجتماعية، تبذل كل ما في وسعها لضمان حصول المجني عليه المضرور من الجريمة علي تعويض لجبر الضرر، وذلك عن طريق اتخاذ كل ما من شأنه أن يؤدي إلي تعويض الجاني للمجني عليه، وإلا قامت الدولة نفسها بتعويض المجني عليه بوسائلها الخاصة، مثل إنشاء صناديق لتعويض الضحايا وهو ما نطالب به الآن أن ينشأ صندوق حكومي لمساعدة ضحايا الإرهاب وغيرها من الكوارث المفاجئة، ويكون له الشخصية الاعتبارية يتبع في ذلك رئيس مجلس الوزراء ويتولي تقديم المساعدات المالية للمجني عليهم أو من لحقت بهم أضرار ناجمة عن أي من الجرائم السابقة كذويهم في حالة الوفاة. ولكي يكون هذا الصندوق مشروعاً يجب أن يصدر قرار بتنظيمه وتحديد اختصاصاته الأخري وموارده ومصادر تمويله، بما يتضمن إمكانية قبوله التبرعات والمنح والهبات من الجهات الوطنية والأجنبية زميل اتحاد المحكمين الدوليين ببروكسيل