عندما أوقدت تونس أول شعلة لثورات الربيع العربي وتلتها ثورة 25 يناير العظيمة فكانت مقدمة لمرحلة من التغيير السياسي في المنطقة كلها -وان لم تستقر بعد-. التقطت عينا الباحث الأكاديمي والسياسي الجوانب المتشابهة بين شخصيات اثنين من الحكام الاستبداديين اللذين أمضيا في السلطة سنوات طويلة معتمدين علي شبكة من الفساد ظانين أن الكراسي ستدوم لهما وأن شعوبهم تعودت الخنوع ..ولكن كارم يحي الكاتب الصحفي بالأهرام ومؤلف 6 كتب سياسية جادة استطاع ببصيرة السياسي أن يتنبأ بالمد الثوري، فقد شرع في العمل بهذا الكتاب فجر اليوم التالي لهروب زين العابدين بن علي إلي خارج تونس يوم 15 يناير 2011وقد أغواه أوجه التشابه بينه وبين الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك ونشر مقدمة الكتاب علي موقع البديل الاليكتروني فلم يكن ممكنا نشر الشبيهين في مطبوعة تصدر في مصر في عهد مبارك ، وأثناء إعداده للفصل الثاني طاله هجوم كاسح من أجهزة الاعلام يؤكد أن مصر ليست تونس ومبارك ليس بن علي وقتها لم يكن أحد يتوقع أن تلحق مصر بتونس بهذه السرعة وتندلع ثورتها بعد عشرة أيام فقط ،ورغم نصائح الأصدقاء بالتوقف عن استكمال الكتاب لكنه نشر الجزء الثاني من الكتاب اليكترونيا يوم 24 يناير 2011 أي قبل يوم واحد من قيام الثورة ومع خروج المظاهرات المنادية بسقوط مبارك أدرك كارم يحيي كم كانت تونس ملهمة للمصريين حتي علي مستوي الشعارات في الشوارع والميادين واندفع في الكتابة الثورية بعيدا عن الشبيهين لكنه عاد لاستكمال كتابه وإن كان قد فقد لذة المخاطرة بعد سقوط مبارك، ويتعرض كارم يحيي في كتابه الثري الممتع الي سنوات الطفولة والصبا للرئيسين السابقين واكتشافه أنها ماض مجهول تم طمس الكثير من حقائقه،ثم رجال الظل أو الطريق إلي الرئاسة، والوعد الكاذب اي خطاب العهد الجديد وعبادة الفرد ويقصد القائد وعائلته المقدسة، والدولة البوليسية والحزب الواحد والتعددية المزيفة وفقر السياسة، ورجال الأعمال المحاسيب، والرعاة ويقصد بها السياسة الخارجية للديكتاتورية . هذا الكتاب الممتع يكشف عن مفاجآت غير متوقعة عن أوجه التشابه بين شخصيتي مبارك وبن علي وعهديهما الفاسدين ولفظ شعبيهما لهما بعد ثورتين شعبيتين يتشابه مصير كل منهما لكن النتيجة هي لفظ الشعب للقائد الفاسد، وإن كان بن علي قد نجا من المحاكمة وهرب في آخر وقت بينما ما زال مبارك يحاكم هو وولداه ورجال نظامه علي بعض ما ارتكبوه في حق الشعب المصري ..ويؤكد المؤلف علي أن الاستبداد سلطة سياسية وبنية مجتمعية وثقافة منتشرة ومتجذرة في وطننا العربي (الشبيهان)كتاب يستحق أن يقرأ لأنه يفتح عوالم جديدة غير مطروقة ويزيح الستار عن حقائق مسكوت عنها .