د. محمود عطية السؤال الفخ مازال يستجدي إجابة منا: هل الحنين للماضي عيب فينا..؟! أليس البشر كلهم يحنون لماضيهم وأيامهم الخوالي؟.. الإجابة أيسر من السؤال لو أردنا.. نعم البشر عادة يحنون لماضيهم.. لكن الحنين للماضي حين يشتبك بالمجاهدة في استحضاره والعيش فيه والتنكر للحاضر والمستقبل ولا نري ما يحفزنا علي تطوير حياتنا يصبح ذلك الحنين مرضا نفسيا يطلق عليه «نوستالجيا». والمعضلة ان تصاب النخبة بالنوستالجيا ويتمترسون خلفها ويصدعون رءوسنا بالحديث الدائم عن عظمة ماضينا وان به حلا لكل مشكلاتنا عازفين عن التفكير في المستقبل.. حتي مشهد ثوار يناير وسط الميادين مازلنا نتذكر المشهد وهم شيعا يستحضرون عبد الناصر بصوره وأعلام سوداء مذكرة بالعصور الإسلامية الأولي..! النوستالجيا حاضرة دائما في حياتنا.. حتي سباق الرئاسة لا يري مؤيدو المرشحين سوي من يشبه عبد الناصر ويعيد مجد الستينيات..ويتنازع المؤيدون من يمثل عبد الناصر هذا ام ذلك.. وتيار لايري صراحة خيرا الا في تصوراته عن ماضي الإسلام.. فلا تصور للمستقبل ولا حديث عن المعضلات المجهضة له ولا حديث إلا عن الماضي الحاضر دوما..! لقد انكفأنا خلف «النوستالجيا» في محاولة بائسة لتحويل حضورنا إلي كائن خرافي تشرنق بماضيه رافضا العيش في المستقبل خوفاً من مواجهة النفس ومن عالم وثب وثبات عملاقة نحو السيطرة علي الكون والتحكم فيه.. ونحن نتشدق بروايات عتيقة نرددها بلا وعي من عينة لولا حضارتنا لما وصل العالم لحضارة اليوم.. روايات لا أنكرها لكنها حالة هروب تستحضرها نخبنا دوما حنينا مريضا للماضي بلا رؤية مستقبلية ولا قدرة علي التمييز بين قيم ذهب زمانها ورجالها ومنطق الحياة يجافيها. متي ندرك انه لا مستقبل لنا بنوستالجيا النخبة..؟!